تيار المستقبل الكوردي في سوريا: بيان بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسه

في الذكرى السابعة لتأسيس تيار المستقبل الكوردي في سوريا ، لا يسعنا إلا أن ننحني إجلالا وإكراما لشهداء تيار المستقبل أنور حفتارو ومصطفى خليل وعميد شهداء الثورة السورية القائد مشعل التمو وكل شهداء الثورة السورية ، اللذين دفعوا دمائهم وأرواحهم رخيصة على طريق الحرية والكرامة والدولة المدنية .
لم يدري الأوائل في تيار المستقبل ، أنهم بانتقالهم من مواقع فكرية وسياسية مختلفة ذات بعد عاطفي وتفتقر إلى الحصافة السياسية ، أنهم بانتقالهم هذا يؤسسون لمدرسة جديدة في الفكر الكوردي الديمقراطي ، النهضوي , كمشروع ثقافي وسياسي , يستنهض الطاقات الشبابية الكوردية ويعيد تأطيرها ، ويفعل دورها المجتمعي ،
عبر العمل على تأسيس فكر الاختلاف وثقافة قبول الآخر، والتعايش معه ، وهو ما بينته الوقائع والأحداث خلال الفترة السابقة , حيث اثبت التيار بأنه قادر على أن يكون حاضنة لمجمل الأفكار والرؤى الثقافية والسياسية , ولتعدد القراءات الداخلية مما اكسبه الحركة والديناميكية المطلوبة ليكون بوتقة تجتمع فيها التصورات والآراء , رغم العديد من الأخطاء المرتكبة بسبب الأنا العليا الملازمة لخاصية الإنسان المتخلف ، أو تدني مستوى الوعي لدى بعض الرفاق ، أو قلة الخبرة التنظيمية لدى الشباب أو عدم قدرتهم على الاستيعاب أحيانا أخرى , بحكم حركية الأحداث أو تغير الوقائع، أو قلة التجربة في أحايين كثيرة  لكن الخط العام  للتيار بقى على حاله في الغالب مستندا على قاعدة احترام الإنسان في وجوده وحياته وحقوقه .


لقد استطاع هذا الخط أن يتمايز عن ما هو قائم من قوى وأحزاب ، لأنه كان ناتجا عن رؤية صادقة ومبسطة للواقع الكوردي والسوري على حد سواء ، وبذلك شق التيار منذ تأسيسه في  التاسع والعشرين  من أيار عام 2005 طريقا جديدا ، جمع بين الفكر القومي والديمقراطي  بشكل غير انتقائي ، رافضا التبعية للمراكز الكوردستانية ، لا بل حاول أن يدشن طريقه الخاص ، بالانفتاح على كل تيارات الفكر الديمقراطي والليبرالي ، ولم يتخل عن خاصه الوطني السوري والقومي الكوردستاني , غير أن هذا التوجه لم يرافقه عملية إنتاج معرفة وفكر موسعة ، بل ظلت تراوح هذه العملية بين صياغة البرنامج السياسي الذي اقر عند التأسيس ، وبين بعض الأدبيات الدعائية، دون أن يترافق ذلك  بمشروع فكري متكامل ، كان يمكن أن يشكل حالة أعمق من الجدل السياسي القائم ، وربما يعود ذلك إلى كل الظروف التي مرت بالنضال الكوردي ، والتي جعلت من الانشغال السياسي المتمثل في التفاصيل اليومية ، ومواجهة حملات التشكيك والتخوين بحق بعض الرموز، والاحتراب الداخلي ، والتصدي للمشاريع المختلفة التي هدفت إلى تصفية وجود الشعب الكوردي دورا في ايلاء الأهمية ، لكل هذه الأخطار وعدم الانتباه إلى مثل هذه القضية الإستراتيجية ، ورغم ذلك  قدم تيار المستقبل مثالا أخلاقيا وإنسانيا في الكثير من المواقف العامة والخاصة، سواء في العمل الحزبي، أو خارج سياقه ، حتى صار الانتماء لقضية قومية أو إنسانية، العامل الحاسم  في تحديد الكثير من مواقفه الميدانية .

 
وبهذه المناسبة  نجدد قناعتنا بمجمل توافقاننا السياسية التي نعمل تحت سقفها , والتي عبر عنها اجتماع مجلس الإدارة المنعقد أوائل شهر أيار , في أن الديمقراطية هي هدف مركزي يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص , وهي كنظام سياسي مبني على الحريات العامة والفردية ومجموع المبادئ والقيم والحقوق , تشكل الحرية والمساواة وسيادة الشعب وتداول السلطة جوهرها , يتحقق في ظلها بناء دولة حق وقانون , دولة مدنية قائمة على فصل السلطات , والإقرار بالتعددية السياسية والتنوع القومي على أرضية الحق والواجب ، وينتفي فيها مجمل السياسات العنصرية المطبقة على الشعب الكوردي والتي استهدفت وجوده وكيانه, بما يضمن ذاك الوجود دستوريا كشريك كامل الشراكة في الوطن  .
إن ما يواجه شعبنا الكوردي حاليا من تحديات مصيرية يستوجب حراكا واليات مختلفة في بنيتها واليات عملها , تختلف عن العمل الحزبي الكلاسيكي الذي يقول ما لا يفعل , ويكتب ما لا يؤمن به ، وخاصة بعد مضي أكثر من أربعة عشر شهرا على انطلاقة الثورة السورية ، وفي هذا السياق لا زالت الحركة الكوردية تدور حول نفسها,غير قادرة على الخروج من شرنقة الحزبي إلى فضاء الوطن والشعب .


إننا  نرحب بأي مؤتمرات أو لقاءات تعقد من اجل المسالة الكوردية في سوريا , للملمة صفوف حركتها , على أرضية أن قضية شعبنا ليست قضية داخلية ، وإنما إقليمية ودولية , وفي هذا الصدد نجد بان أي إطار أو فعل نضالي سياسي ، يجب أن يستند إلى قوى الداخل وليس العكس، اما المعارضة السورية  فلا زالت هي الأخرى غير موحدة ، فالمجلس الوطني السوري لازال رافضا لأي شرعية خارج دوائره ، مع فشله في استنهاض ودعم الحراك الثوري في الداخل ، على حين هيئة التنسيق تبحث دون فعل عن تقاسم الشرعية مع غيرها ، بينما الآخرون يلملمون أحوالهم ويبحثون عن موطئ قدم ، لكنهم جميعا لم يشكلوا حتى الآن أية قوة أو حاضنة لتجميع طاقات الشعب السوري المبعثرة , وتوظفيها بالشكل المناسب في مواجهة قمع النظام ودمويته ، بينما يعيد النظام السوري ترتيب أوراقه ، ويجدد تحالفاته مع روسيا والصين وإيران  وبعض الدول الاستبدادية الأخرى ،  لكن هذه المرة من موقع الضعف والاستقواء , في مواجهة الثوار ومطاليبهم في إسقاط النظام ورحيل بشار الأسد , لا بل يتعمد القتل والتنكيل ، وتدمير الممتلكات ، وهدم البيوت ، وتشريد السكان والأمثلة كثيرة  في بابا عمرو وجسر الشغور والرستن  ومجزرة الحولة وغيرها من المدن والبلدات السورية المنكوبة .

    
أن سوريا المستقبل التي يطمح إليها السوريون بعد الإطاحة بنظام الأسد ، دولة  ديمقراطية , تقر بالتعددية السياسية والتنوع القومي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي , سوريا لكل السوريين على أرضية الحق والواجب ، تشكل الحرية والعدالة والمساواة وسيادة الشعب وتداول السلطة جوهرها ، وتوفر حلا ديمقراطيا للمسالة الكوردية , بما يضمن وجود الشعب الكوردي في سوريا دستوريا كقومية رئيسية في البلاد  على اعتبار أنها قضية وطنية عامة , سياسية وتاريخية , وجزء من المسالة الديمقراطية العامة في سوريا , مما يحقق التشابك والتمازج الموضوعي بين الهوية الوطنية السورية ومكوناتها ، وبين الهوية السياسية / الثقافية للشعب الكوردي كجزء لا يتجزأ من تلك المكونات ، بعيدا عن كل ما يثير العصبية والرأي الواحد وإنكار الآخر المتمايز والمختلف قوميا أو فكريا .
يقف التيار اليوم في مكان متقدم في الثورة السورية العظيمة ، وقد دفع في هذه االمضمار القائد الوطني السوري مشعل التمو المؤسس والناطق باسم تيار المستقبل شهيدا ، بعدما قذفته بعض الأحزاب الكوردية بسيل من الاتهامات ،  قبل أن تغتاله عصابات النظام وشبيحته في مدينة قامشلو في 7/10/2011
لقد عاهد تيار المستقبل الكوردي منذ اليوم الأول جماهير شعبنا على قول الحقيقة كما يراها، مهما كانت مرة ، فقد أكد بوضوح بان معركته الأساسية مع نظام الاستبداد ، الذي اغتصب البشر والحجر ، وهي قد تكون طويلة ، لكن الانتصار سيكون حليفا لشعبنا، وسيستعيد حقوقه القومية والديمقراطية مهما تجبر ومهما بلغت قوته، لأن هذه هي النهاية المنطقية لأي نضال وطني قومي مؤسس على الحق وعدالة القضية.
في هذا اليوم، ونحن نضئ الشمعة السابعة ، يؤكد التيار بأنه سيظل وفيا لجماهير شعبه وشهدائه ومعتقليه وكل الأمهات الثكلى والمعذبين من شعبنا.

وفيا للمبادئ والقيم التي جسدها القادة المؤسسون وكل شهداء الشعب ، كما يؤكد حرصه على إجراء حوار وطني شامل لبلورة برنامج إجماع وطني يستند إلى مجموعة من التوافقات التي يتوحد على أساسها الجميع، لإعادة بناء وترتيب البيت الداخلي الكوردي، وتحقيق أهدافه وإخراجه من دائرة الاستخدام المؤقت ، حتى نصل إلى ما تريده وتتوقعه جماهير شعبنا  بتحويل تعدديتنا السياسية إلى عامل توحيد وإغناء لمسيرة هذا الشعب ونضاله من أجل تحقيق أهدافه الوطنية.
لقد سقطت رهانات الكثيرين ممن كانوا يعتقدون بان تيار المستقبل قد انتهى ، وفي المقدمة منها السلطة وبعض الأحزاب الكوردية ومن في فلكها ، بحكم فقدانه لمؤسسه وناطقه الرسمي القائد الشهيد مشعل التمو  وعدم وجد كوادر أو قيادات بديلة ، لكن الواقع اثبت لكل هؤلاء قوة وصلابة تيار المستقبل وتمسكه بالخط السياسي والنضالي الذي رسمه المؤسسون الأوائل، والسعي الدائم إلى بلورة واستخدام وسائل مدنية , مستندا على قيم انتفاضة آذار وما خلفتها من إرادة مقاومة ومواجهة ، معبرة عن التضحيات التي قدمها الشباب الكورد في سعيهم للحرية والديمقراطية ، وهي الإرادة التي كانت السبب في تأسيسه كحالة شبابية  معارضة للاستبداد, ومتمسكة بالهوية القومية الكوردية كانتماء ثقافي وسياسي ، وبسورية كوطن حقيقي, بحيث يكون هذا الانتماء  تعبير عن رؤية الشعب الكوردي السياسية ، وتطلعه نحو انتزاع حقوقه القومية والديمقراطية , على أرضية الشراكة في الوطن .
سيعمل تيار المستقبل الكوردي في سوريا ، على الاستمرار وتصعيد الثورة في كافة المناطق الكوردية ، حتى تأتي بنتائجها الكوردية والسورية ، وتحقق شعارها السياسي الذي رفعته وسالت من اجله الدماء، شعار إسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته ، وبناء دولة مدنية تعددية ديمقراطية على قاعدة الشراكة بين العرب والكورد وسائر القوميات الأخرى ، لأنه فصيل أساسي من فصائل المعارضة .
عاشت الذكرى السابعة لتأسيس تيار المستقبل الكوردي في سوريا
عاشت سورية حرة أبية
المجد للشهداء وفي مقدمتهم عميد الشهداء الثورة السورية القائد مشعل التمو
الحرية للمعتقلين والنصر للثورة
28/5/2012

تيار المستقبل الكوردي في سوريا – مكتب العلاقات العامة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…