نشيج الحولة.. نشيد التحول

إبراهيم اليوسف

بينما وفد مراقبي مجلس الأمن، ينفذون خطة استمهال النظام السوري، المملاة، لممارسة عنفه الدموي، في أسوأ شكل عنفوي، عرفه التاريخ، راح هذا النظام الدموي البغيض، يلتقط هذه الإشارة الأممية التي تدفع إسرائيل لتنفس الصعداء، بعد أن دخل مايسمى ب”الربيع العربي” مرحلة الترجمة الفعلية، في أكثر من بلد من بلدان المنطقة، بما لاتريده هذه الدولة، راسمة سياسات الكواليس الدولية، التي يلتقي فيها أباطرة السياسة العالمية، ومن بينهم بعض أقزام ساسة المنطقة، أحياء، وأمواتاً، ساقطين، أو ممن هم رهن السقوط الفعلي، وفقاَ لقانون الحياة، ودورتها المجرَّبة.
 يقدم نظام الإجرام في دمشق، وفي جمعة “قادمون يادمشق- ويا الله لكم حننت إلى دمشق..!- والتي تعد إحدى أهم تسميات الجمع في عمر الثورة السورية، وأروعها وأعظمها دلالة، ويقيناً، وتفاؤلاً، ليس لعظمة اسم دمشق لدى كل وطني مخلص، فحسب، بل لترجمتها روح القانون المشار إليه، أجل، في هذه الفترة، تحديداً، يقدم هذا النظام على ارتكاب إحدى أعظم المقاصل الموصوفة التي تكفي وحدها، في وجود ضمير لمجلس الأمن، وأرباب سياسات المرحلة، في أدنى درجاته، ليكفوا عن مواصلة دعمهم المعنوي لنظام ساقط، في إطار شحنه بفايروس جنون البشر الرهيب، الذي يعد رموزه المجرمة، سادته، وليكون هؤلاء، بدءاً بمتخاذلي الجامعة العربية، وانتهاء بممارسي الفيتو في مجلس الأمن، علناً، أو سراً، شركاء في كل نقطة دم سورية، زهقت، أو تزهق، منذ اشتعال الثورة، وحتى آخر قطرة في فيض دماء أبناء وبنات وأمهات الحولة، أو سواها، في حمص وحماة أو غيرهما، لما تزل تنزُّ الآن أثناء كتابة هذه المرثية الدامية.

لا أعتقد البتَّة، أن أية كتابة، من قبل أعظم مبدعي العالم، تستطيع أن ترتقي إلى مستوى، فيضان الدم السوري، الذي اختلط دم مسلمه، بدم مسيحيه،ودم عربيه بدم كرديه،وسائرمكوناته الأخرى،على يد آلة النظام المجرم، لتحيط به، أو تطاله،بعد أن لجأ النظام إلى خيار خراب سوريا، لتكون بلا سوريين، ليكون هذا الخيار مصدَّاً ضدَّ الثورة، وهماً منه في استمراررسوخ مقولة”قائدنا إلى الأبد”،- وفي الأبد” الأب”- وأبلهه،  وهو شعار البطانة الفاسدة، الببغاوية، المصفقة، التي تمارس سرقة ونهب اقتصاد سوريا، وتستنزف أرواح ودماء مواطنيها، في مجزرة سابقة على المجازر التي راح العالم يجدها بأم عدسات إعلامه، أرضاً وأقماره الصناعية جواً، بعد الثورة، وبات يقرّ بها، بل هو شعار إسرائيلي الصنع، كوجه آخر، لشعار غير معلن هو”أمان حدود إسرائيل إلى الأبد”..!.
وتعد مجزرة الحولة التي تمَّت بعد حصار المكان، وعزله عن العالم، من خلال قطع أجهزة تواصله كافة، للإجهاز عليه، بدكِّه بالأسلحة الثقيلة التي مهَّدت للسلاح الأبيض ، والرصاص، وما هو موصوف في عرف المحرّم، دولياً، ليستوي في دائرة الحقد الوحشي الطفل، وأمه، وأبوه، وجده،  بل ليكون عدد الضحايا من الأطفال والنساء الأكبر، في ما أحصاه مراقبو مجلس الأمن-ومنهم الجنرال روبرت مود-الذي بات يتهرَّب من الإجابة الفعلية، في لقاء إحدى الفضائيات به، ليبدو أسيراً، بكوفيعنانيته، وأوباميته، على طريقة الدَّابي، المنبَّل عربيَّاً،أو بشيرياً، بل  عبارة عن رجل آليِّ “إنترنسينالسم” ، ممغنط من قبل الأجهزة الأمنية السورية، بمعنى وكأن روبرت مود هو موديل الروبوت،  مادام عيياً على تفكيك وتحليل دم، سيال، توخز رائحته أنفه، ويلطم شكله ناظريه، في جريمة بحق الإنسانية جمعاء، جريمة هي أنموذج في سلسلة الجرائم التي يقوم بها بحق أرواح كل الأبرياء الحوليين، الآمنين، الذين لو أن الجيش الإسرائيلي، الأكثر لؤماً، وعدوانية، وقذارة، في العالم، دخل مدينتهم لكان أحسن حالاً من رسل النظام،مترجمي وصفة مجازره، المنجزة، أو تلك التي هي في طريق الإنجاز، ولعل الإسرائيلي-ودون أن ننسى إرثه الدموي- قدم للأطفال والنساء غير الورد، وهم على أسرَّتهم، يتقاسمون الظمأ والجوع والخوف، وهوعمل بالتأكيد يدفع لصناعة من خطط النظام الدموي لاستيلادهم، كي يقوى عودهم، ويشكلوا أكبر خطر على مستقبل سوريا.
أعتقد أن المليارات من الأحرار في العالم، ممَّن صفعت نواظرهم مجزرة العصر الرهيبة التي تمت في الحولة، ستستمرُّ القشعريرة، في أرواحهم، وأجسادهم، أنَّى ذكر اسم النظام السوري، أو رمز قبحه طاغية العصر، أو أدواته الوحشية، رجال أمن،أو أرباب رجال أمن، وهو ما لم يتم، ولايتم إلا في سوريا منتهكة الكرامة، منذ اغتصابها أسدياً، بيد أن ما يوخز الضمير، هوأن كل ما يتم من جرائم، لايستفزُّ وجدان الدول العظمى، المتحكِّمة، التي كان للفعل”ارحل” الذي  وجه، من معاجمهم صداه، حتى لدى أحد أوقح وأحطّ مخادع من مغتصبي العروش، في العالم العربي، وأعني به علي عبد الله الصالح، الذي يعدُّ وعلاً، مقارنة بطاغية دمشق، وسفاحها الأرعن.
 وتدرؤ النظام المجرم، بالمجازر، والمقاصل، والتفجيرات، يعدّ في عرفه، إحدى الوسائل التي يلوذ بها، لإطالة عمره، بيد أنه لايعلم أن نشيج أية امرأة يذبح وليدها أمام عينيها، قبل أن يصلها الدور، لا يمكن أن يسنح له فرصة استمرار قبضته الحديدية، المدماة، هذه القبضة التي لاتقوى إلا اعتماداً على أقطاب الشرِّ، سواء أكانوا في الشرق الأوسط، أوفي العالم، معطوب الضمير الذي يأخذ لقاء هذا السكوت المشين، ثمنه، جرعات دماء أطفال تجزُّ رؤوسهم حراب وسكاكين الأمن والشبيحة المسعورين..!.

إن أعظم ما يفعله، أشراف الثورة في سوريا، أن يعودوا إلى ترجمة المنطلقات الأولى للثورة، هذه المنطلقات التي وحدت الشارع السوري، من أقصاه إلى أقصاه، في الوقت الذي يواصل النظام فيه مجزرة معنوية، عندما يجهد من خلال زبانيته، من وكلائه، المتسترين، ليجهزعلى أية آصرة أو عرى، بين أبناء سوريا، بل بين أبناء المدينة الواحدة، والحي الواحد، والشارع الواحد، حيث هي جبهة أكبر، من قبل النظام المجرم، يوثق انتصار النظام، خلالها، ومن خلال دعاة الوطنية، والسائرين على هدي كليشة العلاقات الدولية،والمصالح العامة والخاصة، والكراسي الافتراضية التي يمكن من خلال قراءة فضائح كل من سلم أمره- عاطلين عن السياسة، أو أشباه مثقفين، وزعران-  لوهم الأنظمة-كما حدث مع د.

جابر عصفور-الذي استوزره حسني مبارك لأيام، فقط، ما يكفي، أن يبتعد كل من يسيل لعابه على رائحة”مآدب دجَّال” على الصعد المختلفة، حيث يعد كل من يسقط في فخ هذه الغواية، خائناً لدماء أطفال الحولة، كما يخون كل قطرة دم سورية، سالت على امتداد الشريط الزمني للثورة، حتى وإن كان يدين القتل، عبر نصف جملة، ليخدم نصفها الآخر النظام، ولا يحول هذا النصف، دون الاستشهاد به، من قبل آلة القتل، كمثل في الوطنية، وتبارك له بذاك فضائية الدنيا أوأخواتها، حيث راحت  الفضائية الدنيا تكذِّب، اليوم، مجزرة الحولة، في محاولة لخلط الأوراق، وتقديم الضحية مجرماً، والمجرم ضحية، من خلال الاستشهاد بنموذجين”متناقضين”-بحسب توجيه المطبخ الأمني- من الشهادات الحية، من المكان المدمى، والمدمر، مادام أن كلاً من مراسلي الجزيرة، والعربية، قد أبدى بشهادته، بطريقة مختلفة، وهو ضحك على اللحى، وضحك على الذات وضحك على التاريخ، وضحك على الإعلام، وضحك على الجامعة العربية، وضحك على مجلس الأمن، وضحك علة كوفي عنان، ودليل إفلاس معلن، وهزيمة معلنة، مادام جعير المذيع المدرب في دهاليز الفروع الأمنية، لن يعيد أي طفل من أطفال الحولة، إلى الحياة، بل أن مهمته تكمن في الدعم الإعلامي لممارسة الذبح ، والاستمرار في الإيلاغ في مزيد من الدم الطاهر، وهو شأن المأجورين، عبر التاريخ، وإن كان مأجور والنظام السوري، حققوا ما لم يحققه أي مأجور في العالم من قبل، من ذل وبيع للضمير، ودوس على القيم، والنواميس، والأخلاق …!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…