تصريح مصطفى جمعة سكرتير حزب آزادي الكردي في سوريا بشأن الأحداث الأخيرة

  مع استمرار العمليات العسكرية على مستوى البلاد ، وتصاعد حدة المواجهات بين الشعب السوري من جهة ، والنظام الاستبدادي الشمولي من جهة أخرى ، وما يؤدي ذلك إلى المزيد من الضحايا اليومية ، وإلى الخراب والدمار في المدن والمناطق ، فإن النظام مازال مصرا ، رغم كل دعوات التغيير الداخلي والخارجي ، على نهجه الدموي ضد خيارات الشعب السوري – بكل مكوناته القومية والإثنية والطائفية – في الحرية والكرامة ، وبناء الدولة الديمقراطية البرلمانية التعددية ، الأمر الذي يدفع بالبلاد نحو هاوية المجهول ، ويفتح الباب أمام كافة الاحتمالات ، بدءا من العقوبات الصارمة وانتهاء بالتدخلات الخارجية .
فبعد مرور خمسة عشر شهرا على بدء الثورة الشعبية السلمية في البلاد ، لا يبدو أن الوضع يسير باتجاه الحسم ؛ بل إن الأمور تسير باتجاه التعقيد والتأزم ، في ظل عجز مجلس الأمن من اتخاذ قرار ، وتهاون المجتمع الدولي مع النظام السوري ، وعدم حسم الخيارات ، لأسباب أصبحت معروفة ، مما زادت من معانات الشعب السوري ، الذي يتلقى يوميا ضربات غادرة من النظام بكل أنواع الأسلحة ، وكأن النظام في حرب مع دولة عدوة ، مع يقيننا بأن الشعب السوري سينتصر في النهاية على هذا النظام الشمولي الفاسد لا محالة ، وسيسقطه بكل تأكيد ، وسيبني نظاما عادلا لمصلحة جميع مكوناته ؛ حيث أن كل المبادرات العربية والدولية ، ورغم قبول النظام لهذه المبادرات ، إلا أنه يتصرف بطريقته الخاصة استنادا إلى الموقفين الروسي والصيني ، ويغالي في القتل والقمع والتدمير .
وهكذا فإن التعقيدات التي تلف القضية السورية ، مع تراوحها بين المد والجزر في المواقف الدولية والعربية ، قد استغلها النظام ، ويظهر الوضع تباعا من منظار تعرضه إلى الإرهاب المنظم ، من جانب المجموعات المنشقة والمرتبطة بالخارج ، أو من منظمة القاعدة الإرهابية ، رغم كل المعطيات والدلائل التي تشير إلى أن النظام هو من يقوم بالتفجيرات التي تؤدي إلى مقتل العشرات من الضحايا الأبرياء في كل مرة ، كما حدث صبيحة هذا اليوم في دمشق ، وهو المسؤول أيضا عن الاشتباكات التي تحصل في حلب بين الفترة والأخرى ، وآخرها ما جرى يوم أمس ، وسقوط العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح ؛ حيث لا مصلحة لأحد في هذا التوتير إلا النظام حصرا ، لتوفير ذرائع الموقف لأصدقائها الخارجيين ، وتبرير تصرفاتها المشينة تجاه الشعب السوري ، وتهربا من استحقاقات المرحلة السياسية التي من سماتها الأولى ، التغيير الديمقراطي والخلاص من الاستبداد ، وزوال الشمولية والقهر والظلم .
لا شك أن المرحلة الراهنة دقيقة وخطيرة ، وهي لمصلحة الشعب ، ولكنها حساسة وتتطلب وحدة قوى المعارضة السورية ، أولا ، ثم موقفا دوليا وعربيا ، واضحا وصريحا ، ثانيا ، ثم الاتفاق بين مجموع الكيانات السياسية المعارضة للنظام على صيغة مشروع سياسي حول شكل سوريا المستقبلي ، يلحظ الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي ، والإقرار بحقوقه القومية المشروعة ، على أساس حق تقرير المصير ، واللامركزية السياسية ، ثالثا ، من أجل تفعيل حالة الثورة السورية السلمية ، ووضع المجتمع الدولي والعربي أمام مسؤوليتهما الأخلاقية والسياسية ، ضمانا للنجاح والوصول إلى الدولة الديمقراطية المنشودة .


الرحمة للشهداء ، والنصر للشعب السوري .

في 10/5/2012

مصطفى جمعة

سكرتير حزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…