حسين جلبي
ليس من الذكاء في شئ أن يلجأ المرء في هذه الأيام إلى القطع و اللصق و تجزئة الكلام ليأخذ منه ما يوافق أهوائه، و يطرح منه ما لا يتفق مع الفكرة التي يحاول تسويقها، خاصةً إذا كان الموضوع محل التشريح لما يزل طازجاً بعد، بحيث أن وضعه في المسلخ، و القيام بعمليات البتر بغرض إعادة تركيب هيكلٍ خيالي يوافق الأهواء، لا ينتج سوى صورة مضحكة تثير من الشفقة أكثر مما تثيره من الإستغراب.
فأن تقول جهة كُردية عن المجلس الوطني السوري بأنه إخواني و إسطنبولي، و لا تترك لفظةٍ سيئة إلا و تلصقه به، أو وسيلة إلا و تستعملها لشيطنة أعضائه و خاصة الكُرد منهم،
فأن تقول جهة كُردية عن المجلس الوطني السوري بأنه إخواني و إسطنبولي، و لا تترك لفظةٍ سيئة إلا و تلصقه به، أو وسيلة إلا و تستعملها لشيطنة أعضائه و خاصة الكُرد منهم،
فهذا و بغض النظر عن كونه تجنياً أم لا، و من حق تلك الجهة أم لا، إلا أنه يمكن فهمه في إطار الصراع الجاري على المواقع، أو الخلافات بين الأطراف، لكن أن يذهب في الوقت ذاته وفد من هيئة التسيق لقوى التغيير الديمقراطي التي تنتمي إليها هذه الجهة الكُردية إلى إسطنبول نفسها، لكي تتوسط لهما معاً للإلتحاق بالقاطرة الأخيرة من المجلس (الإخواني ـ الإسطنبولي) بعد مرور كل ذلك الوقت على إنطلاقته، و كل تلك الإتهامات بحقه، و الحرب عليه، فهذا أمرٌ يثير الإستغراب و الشفقة معاً، و يطرح التساؤلات عن الدور الذي يتوجب على هذه الجهات لعبه في المجلس الوطني السوري و المعارضة السورية بشكلٍ عام.
إن ذهاب وفد هيئة التنسيق إلى تركيا لم يكن ليتم لولا موافقة حزب الإتحاد الديمقراطي و مباركته لها، و إلا كنا سنسمع على الأقل إعتراضاً منه عليها، خاصةً أن رئيس الحزب هو نائب رئيس الهيئة التي لا وجود لها على الأرض لولا ذلك الحزب كما يقول أنصاره، و التصريحات التي تصدر عن هيئة التنسيق و تنشر على موقعها تعبر عن وجهة نظر أحزابه كلها و أولها حزب الإتحاد، الذي هو حسب قيام وفد هيئة التنسيق بتقديمه للأترك حزبٌ سوري يلتزم بالصفة السورية لعمله، و يلتزم بكافة المواثيق التي تلتزم بها الهيئة التي لا يخفى موقفها من تركيا و من القضية الكُردية، و للتأكيد على سورية الحزب يذكِّر وفد هيئة التنسيق مضيفيه الأتراك أن آخر مواقفه كانت عدم الذهاب إلى مؤتمر هولير للقوى الكُردية، كون هذا المؤتمر كان يتعارض مع وحدة سوريا أرضاً و شعباً، كما أن أحزاب الهيئة ـ بما فيها حزب الإتحاد ـ ترى في تركيا و سيطاً لا بل صديقاً، و مواقفها تجاهها ليس فيها سوى أي شئ آخر سوى الود.
و بكلامٍ آخر أن مقاطعة حزب الإتحاد لمؤتمر هولير لم يكن بسبب عدم تلقيه الدعوة للحضور و أو وصولها متأخرة كما ذكر حينها، كما أن ما يجري في الإعلام و على الأرض من تجييشٍ ضد تركيا و كل من يذكر أسمها ليس سوى عربون وفاء من الهيئة و أعضائها لحاضنتهم السورية.
شئ جميل أليس كذلك؟
ماذا بقي في جعبة هيئة التنسيق بعد، الذي بقي هو تصريحات منسقها العام الذي ذكر في حديثٍ على البالتاك بعدم وجود خلافات في الرؤى و الآراء بين شخصيات هيئة التنسيق في داخل سوريا و خارجها، و خاصةً في مسائل منها عدم قبول الهيئة بمسألة وجود جزء من كُردستان في سوريا، و عدم القبول حتى الحديث عن الفدرالية أو الحكم الذاتي أو حتى الإدارة الذاتية.
هل أعيد التذكير بأسماء شخصيات الهيئة و أحزابها التي تتفق في هذه الرؤى و الآراء؟
النصيحة التي أوجهها لبعض المتذاكين هنا هي ضرورةً ذكر كل هذه المعلومات، و ليس فقط ما قالته تركيا و ما طلبته من الهيئة، حتى يكتمل المشهد على الأقل.
و هذه ليس كل نوائب الدهر التي لا زالت تنهمر على رؤوس الكٌرد، إذ يبدو بأنه ليس لهذه من نهاية حتى الآن.
من ذلك قيام أحدهم مؤخراً في معرض تبسيطه للمسائل لنصل إلى مستوى فهمه العالي لها بالمقارنة بين حورانستان و كُردستان، و بين القومية الدرعاوية و القومية الكُردية، مقارنة ذكرتنا بما ذهب إليه زميله البروفسور غليون عندما ساوى بين الكُرد السوريين و زملاءهم المهاجرين الأفارقة، و بين المنطقة الكُردية و ضواحي المدن الفرنسية، بحيث توصل المحلل بعد إيراد الأدلة بأن من حق الكُرد السوريين إطلاق تسمية كُردستان على منطقتهم إسوة بشعب درعا الذي يطلق إسم حوران على منطقته، لأن عوامل التاريخ و الجغرافيا (و الذي منه) متوافرة في الدولتين و الشعبين الشقيقين، و ما في حدا أحسن من حدا، و يجب هنا عدم إتهام الكُرد أسوة بالدرعاويين بأنهم إنفصاليون.
بعد قراءتي لهذا التحليل العميق إقتنعت بوجاهته، و بحق تقرير المصير و الفدرالية و الإدارة الذاتية و كل الحقوق… لكن لحورانستان، و كذلك بحق الحكومة في توجيه تهم محاولة الإنفصال إلى الدرعاويين و تهمة محاولة إقتطاع جزء من أراضي الدولة لإلحاقها بدولة مجاورة.
هناك أيضاً تهمة تشويه السمعة، و هي تهمة قرقوشية أعلى مرتبة من تلك التي يوجهها النظام للناشطين و التي تنص على (نشر إشاعات كاذبة تمس هيبة الدولة)، فيحق للكل توجيهها للكل، لكن على أن ينظر المُدعي إلى نفسه و أعماله أولاً، ليرى إن كانت تسئ للآخرين أم له، من ذلك القول بأن فلان هو زلمة علان، ولنفترض جدلاً أن ذلك صحيح، و أن فلان يقوم بعمل مأجور، و الغاية من التشهير به ليست للحلول مكانه بعد إسقاطه، فماذا يمكن أن يقول المرء عن العمل المجاني ضمن أجندات مشبوهة؟ ثم ماذا عن ما حدث أمام جامع قاسمو مؤخراً، هل كان مجرد (حرقٌ لعَلمي البرزاني و غليون، و حرق للافتات الجيش الحُر الطائفي، و ضربٌ للعرعوريين الكُرد).
حكمة الثورة: أن يتنقل المرء بين المؤتمرات و الفنادق، و أن يغيرها كل يوم كما يغير ثيابه، قد يكون عملاً مضراً بصاحبه، ، لكن الأمر الكارثي حقاً، هو أن يتنقل المرء بالسهولة ذاتها بين الخنادق، و أن يغيرها دون أن يرف له جفنٌ، بحيث ينقل البندقية من كتفٍ إلى كتف، ثم يعيدها ثانيةً و لما يزل الكتف الأول ساخناً بعد، و إذا كان لا بد تقييم للأمرين فينبغي أن نبدأ أولاً بمسألة تغيير الخنادق، لأن ثمنها دم، دم يا جماعة.
إن ذهاب وفد هيئة التنسيق إلى تركيا لم يكن ليتم لولا موافقة حزب الإتحاد الديمقراطي و مباركته لها، و إلا كنا سنسمع على الأقل إعتراضاً منه عليها، خاصةً أن رئيس الحزب هو نائب رئيس الهيئة التي لا وجود لها على الأرض لولا ذلك الحزب كما يقول أنصاره، و التصريحات التي تصدر عن هيئة التنسيق و تنشر على موقعها تعبر عن وجهة نظر أحزابه كلها و أولها حزب الإتحاد، الذي هو حسب قيام وفد هيئة التنسيق بتقديمه للأترك حزبٌ سوري يلتزم بالصفة السورية لعمله، و يلتزم بكافة المواثيق التي تلتزم بها الهيئة التي لا يخفى موقفها من تركيا و من القضية الكُردية، و للتأكيد على سورية الحزب يذكِّر وفد هيئة التنسيق مضيفيه الأتراك أن آخر مواقفه كانت عدم الذهاب إلى مؤتمر هولير للقوى الكُردية، كون هذا المؤتمر كان يتعارض مع وحدة سوريا أرضاً و شعباً، كما أن أحزاب الهيئة ـ بما فيها حزب الإتحاد ـ ترى في تركيا و سيطاً لا بل صديقاً، و مواقفها تجاهها ليس فيها سوى أي شئ آخر سوى الود.
و بكلامٍ آخر أن مقاطعة حزب الإتحاد لمؤتمر هولير لم يكن بسبب عدم تلقيه الدعوة للحضور و أو وصولها متأخرة كما ذكر حينها، كما أن ما يجري في الإعلام و على الأرض من تجييشٍ ضد تركيا و كل من يذكر أسمها ليس سوى عربون وفاء من الهيئة و أعضائها لحاضنتهم السورية.
شئ جميل أليس كذلك؟
ماذا بقي في جعبة هيئة التنسيق بعد، الذي بقي هو تصريحات منسقها العام الذي ذكر في حديثٍ على البالتاك بعدم وجود خلافات في الرؤى و الآراء بين شخصيات هيئة التنسيق في داخل سوريا و خارجها، و خاصةً في مسائل منها عدم قبول الهيئة بمسألة وجود جزء من كُردستان في سوريا، و عدم القبول حتى الحديث عن الفدرالية أو الحكم الذاتي أو حتى الإدارة الذاتية.
هل أعيد التذكير بأسماء شخصيات الهيئة و أحزابها التي تتفق في هذه الرؤى و الآراء؟
النصيحة التي أوجهها لبعض المتذاكين هنا هي ضرورةً ذكر كل هذه المعلومات، و ليس فقط ما قالته تركيا و ما طلبته من الهيئة، حتى يكتمل المشهد على الأقل.
و هذه ليس كل نوائب الدهر التي لا زالت تنهمر على رؤوس الكٌرد، إذ يبدو بأنه ليس لهذه من نهاية حتى الآن.
من ذلك قيام أحدهم مؤخراً في معرض تبسيطه للمسائل لنصل إلى مستوى فهمه العالي لها بالمقارنة بين حورانستان و كُردستان، و بين القومية الدرعاوية و القومية الكُردية، مقارنة ذكرتنا بما ذهب إليه زميله البروفسور غليون عندما ساوى بين الكُرد السوريين و زملاءهم المهاجرين الأفارقة، و بين المنطقة الكُردية و ضواحي المدن الفرنسية، بحيث توصل المحلل بعد إيراد الأدلة بأن من حق الكُرد السوريين إطلاق تسمية كُردستان على منطقتهم إسوة بشعب درعا الذي يطلق إسم حوران على منطقته، لأن عوامل التاريخ و الجغرافيا (و الذي منه) متوافرة في الدولتين و الشعبين الشقيقين، و ما في حدا أحسن من حدا، و يجب هنا عدم إتهام الكُرد أسوة بالدرعاويين بأنهم إنفصاليون.
بعد قراءتي لهذا التحليل العميق إقتنعت بوجاهته، و بحق تقرير المصير و الفدرالية و الإدارة الذاتية و كل الحقوق… لكن لحورانستان، و كذلك بحق الحكومة في توجيه تهم محاولة الإنفصال إلى الدرعاويين و تهمة محاولة إقتطاع جزء من أراضي الدولة لإلحاقها بدولة مجاورة.
هناك أيضاً تهمة تشويه السمعة، و هي تهمة قرقوشية أعلى مرتبة من تلك التي يوجهها النظام للناشطين و التي تنص على (نشر إشاعات كاذبة تمس هيبة الدولة)، فيحق للكل توجيهها للكل، لكن على أن ينظر المُدعي إلى نفسه و أعماله أولاً، ليرى إن كانت تسئ للآخرين أم له، من ذلك القول بأن فلان هو زلمة علان، ولنفترض جدلاً أن ذلك صحيح، و أن فلان يقوم بعمل مأجور، و الغاية من التشهير به ليست للحلول مكانه بعد إسقاطه، فماذا يمكن أن يقول المرء عن العمل المجاني ضمن أجندات مشبوهة؟ ثم ماذا عن ما حدث أمام جامع قاسمو مؤخراً، هل كان مجرد (حرقٌ لعَلمي البرزاني و غليون، و حرق للافتات الجيش الحُر الطائفي، و ضربٌ للعرعوريين الكُرد).
حكمة الثورة: أن يتنقل المرء بين المؤتمرات و الفنادق، و أن يغيرها كل يوم كما يغير ثيابه، قد يكون عملاً مضراً بصاحبه، ، لكن الأمر الكارثي حقاً، هو أن يتنقل المرء بالسهولة ذاتها بين الخنادق، و أن يغيرها دون أن يرف له جفنٌ، بحيث ينقل البندقية من كتفٍ إلى كتف، ثم يعيدها ثانيةً و لما يزل الكتف الأول ساخناً بعد، و إذا كان لا بد تقييم للأمرين فينبغي أن نبدأ أولاً بمسألة تغيير الخنادق، لأن ثمنها دم، دم يا جماعة.