كردستانكم مال داشر(1)

صبري رسول

 

كم تألمتُ وأنا أقرأ مقال العزيز والمفكر الكردي إبراهيم محمود، وأعتقد أنّ هذا الكاتب العملاق يتحسّس جنبه الجريح وهو يكتب، يشعر بألمٍ كبير ينتشر في مساحة جسمه، بعد أن يكون قد تألم بفكره على ما يحصل لبلاده (كردستان) التي شبّهها بالمال الداشر.

 بدأ الكرد السوريون يؤسسون لفكر قومي وسياسي منذ ما يقارب ستين سنة، من خلال تنظيم (حزبيّ) سيطر على مفاصل هيكلِهِ التَّنظيمي الوعي العشائري، ورغم بساطة الحياة وانتشار الأمية المطلقة في المناطق الكردية (كردستان الكرد) كان يقود ذاك التنظيم الشخصية الكردية د.نورالدين ظاظا (دكتوراه في فلسفة التربية) وبعد مرور هذه العقود السوداء الثقيلة نرى أنّ معظم قادة الأحزاب الكردية لا يجيدون استخدام الهاتف النقال والكمبيوتر، لأنّهم ينتمون إلى خانة (الأمية الثقافية والحضارية).

 لذلك يا صديقي العزيز، هؤلاء لا يجيدون فكّ شفرات مقالاتك وإشاراتك، فكيف لا تكون (كردستانهم) مالاً داشراً وهم يجهلون حدود جغرافيتهم، ومفاصل تاريخهم البائس.

الوعي القومي مازال مسطحاً لدى غالبية القيادات الكردية، مازال ذاك الوعي (معلومة) لديهم ولم يتحوّل إلى معرفة.

ومازال القيادي الكردي في طور البداوة والعشائرية بمفاهيمها السقيمة في التعامل مع السياسة.

قد يكون ثمة مَنْ تجاوز هذا المستوى من الوعي، لكنه لم يتجاوز عباءته الشخصية في البحث عن المصلحة، لأنَّ المصلحة الشخصية فوق أيّ اعتبار، أما المصلحة القومية فهي ثالثاً ورابعاً وخامساً.

يا صديقي العزيز، كيف توجّه خطابك الفلسفي السياسي إلى هذه (كومة أصفار) أو (كومة مصالح)، أليس مطلوباً منك أن تنشر مع مقالك (مترجماً غير مرئيٍّ) في الفلسفة والحياة ليترجم لهم مفاهيم الجغرافيا والتاريخ والسياسة؟
كردستانهم، كردستاننا، كردستانكم، (كردستان الكرد) مالٌ داشر، فكردستانهم ((مطعونة)) منهم و((مفجوعة)) بهم أكثر مما هي مطعونة من غيرهم، كردستان الكرد ((مال داشر)) ما أبلغ هذه العبارة البسيطة لغةً، والعميقة فكراً، والحكيمة سياسةً، ما أبلغها في زمنِ (غياب الوعي وكثرة الغلابة).
فضعفُ الكرد يقوِّي الطّمعَ لدى خصومهم، وانقسامُهم يوحّدُ السَّاعين إلى النّيل منهم، فلا كردستان بلا كردٍ موحّدين، ولا مستقبل لهم بلا نضوجٍ في الوعي القومي والسياسي، ولا نجاح للمصلحة القومية العلياء للكرد بلا عزمٍ وإرادة قوية لتحقيقها.

نعم يا صديقي صدقتَ القول في ((إن” المال الداشر يعلّم أولاد الحرام على السرقة”، وكردستانكم مال داشر، يتقاسمه أولاد الحرام)).

 

===============================================

(1) العنوان مقتبس من مقال (الوعي القومي الكردي البائس) للكاتب إبراهيم مجمود.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…