عريب الرنتاوي
في سوريا، لا احد معنيٌ بالانتخابات النيابية بذاتها…الأنظار هناك تتجه صوب شيء آخر…نسبة الاقبال على الانتخابات…هل المشاركة طوعية أم الزامية تحت الضغط والتهديد وسيف الخوف…هل جرت في مختلف المناطق السورية، خصوصاً المناطق الأكثر اشتعالاً (حمص، حماة، ادلب دير الزور والأرياف)….الوضع الأمني في يوم الاقتراع….القوى المشاركة في الانتخابات، خصوصاً بعد أن أعلنت مختلف فصائل معارضة الداخل والخارج وتنسيقيات الثورة مقاطعتها للانتخابات…حصاد الأحزاب الكرتونية التي سُجّلت مؤخراً…خريطة الطريق الالتفافي التي شقها “الحزب القائد للدولة والمجتمع” للقفز على تعديل المادة 8 من الدستور القديم….الى غير ما هنالك من مفارقات في الزمن السوري العجيب والمؤلم.
هي انتخابات شكلية لا أكثر ولا أقل…تعمّق أزمة النظام بدل أن توفر مخرجاً لسوريا…انتخابات تنهض كشاهد على افلاس ما يسمى “المشروع الاصلاحي للرئيس”، وبؤس الخيار الأمني والعسكري للنظام….هي انتخابات تؤكد “حالة الانكار” التي تعيشها الحلقة الأضيق للسلطة السياسية والأمنية المتحكمة برقاب البلاد والعباد في سوريا…والمؤكد أن الثامن من أيار، لن يختلف عن السادس منه، وأن يوميّات الأزمة السورية، لن تتأثر بهذه المسرحية العابثة والمُملة.
كيف يمكن للانتخابات أن تكون تعبيراً عن مختلف ألوان الطيف السياسي والتعددية السورية، وقد قاطعتها مختلف القوى السياسية والاجتماعية (أللهم الا اذا اعتبرنا قدري جميل ممثلاً شرعياً للمعارضة)….كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما مناطق شاسعة من سوريا، ما زالت تعيش تحت سيف الطوارئ والأحكام العسكرية…كيف يمكن لانتخابات أن تعقد فيما مئات ألاف السوريين موزعين على المنافي الداخلية والخارجية وخلف القضبان وغياهب الفقد والمجهول…كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما القوانين السارية ما زالت تُجرّم بالاعدام، كل من ينتمي الى جماعة الاخوان…كيف يمكن للانتخابات أن تجري فيما النظام ما زال مُصرّاً على نفي وجود المعارضة، أو وصفها بالعصابات الاجرامية والارهابية، من دون تمييز بين معارضة وأخرى؟…أسئلة وتساؤلات، لم يجد النظام والناطقون باسمه والمصفقون له في كل محفل، من حاجة للتفكير بها أو الاجابة على أيٍ منها.
كان يمكن للانتخابات أن تكون بداية خروج من المأزق لو أنها استبقت بأربع خطوات رئيسة:
أولاً، وقف جميع العمليات الحربية، والتمييز بين ما هو تهديد أمني/ارهابي من جهة، ونشاط سلمي لمختلف قوى المعارضة والحراكات والتنسيقيات الشبابية من جهة ثانية، وتطبيع الحياة العامة في البلاد، فوراً ومن دون ابطاء
ثانياً: الافراج عن كافة المعتقلين والسجناء، وتشكيل لجان تحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت منذ اندلاع الانتفاضة، والسماح بعودة المهجرين والمشردين والمنفيين، سواء الذين غادروا سوريا مؤخراً، أو الذي سبق لهم وأن غادورها قبل ازيد من ثلاثة عقود، والغاء كافة القوانين التي تجرّم المعارضة والانتماء للأحزاب السياسية كافة.
ثالثاً: الاعلان عن حل مجلس الشعب واقالة الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تضم مختلف أطياف المعارضات، تنظيم انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، ورزمة مؤقتة من القوانين الناظمة للعمل الوطني العام وتشرف بشكل خاص على وضع قانون انتخاب توافقي ومؤقت.
رابعا: تحديد جدول زمني قريب، لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية “مبكرة”، تؤسس لتداول سلمي للسلطة، وتحفظ قواعد التعددية وحرية الرأي والتعبير والتنظيم، من دون اقصاء لأحد، وتحت اشراف عربي ودولي مناسب.
لو فعلها النظام، لكانت أنظار العالم تتجه الآن الى ما تحتويه صناديق الاقتراع في سوريا، ولأصبحت الانتخابات استحقاقاً جوهرياً في تاريخ سوريا المعاصر، وتتويجاً لطي صفحة الأزمة والاحتراب وشلال الدم الجاري في مختلف أرجاء البلاد…لكن النظام الذي لم يقبل بخطوات أقل من هذه، ما كان منتظراً منه، أن يقبل بما ذهبنا اليه.
يوم آخر مضى من أيام الأزمة السورية المفتوحة على شتى الاحتمالات، ولن يكون له ما بعده، لأن لا شيء قبله يشي بتغيير في عقلية النظام وسلوكه…وللأزمة صلة.
كيف يمكن للانتخابات أن تكون تعبيراً عن مختلف ألوان الطيف السياسي والتعددية السورية، وقد قاطعتها مختلف القوى السياسية والاجتماعية (أللهم الا اذا اعتبرنا قدري جميل ممثلاً شرعياً للمعارضة)….كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما مناطق شاسعة من سوريا، ما زالت تعيش تحت سيف الطوارئ والأحكام العسكرية…كيف يمكن لانتخابات أن تعقد فيما مئات ألاف السوريين موزعين على المنافي الداخلية والخارجية وخلف القضبان وغياهب الفقد والمجهول…كيف يمكن لانتخابات أن تجري فيما القوانين السارية ما زالت تُجرّم بالاعدام، كل من ينتمي الى جماعة الاخوان…كيف يمكن للانتخابات أن تجري فيما النظام ما زال مُصرّاً على نفي وجود المعارضة، أو وصفها بالعصابات الاجرامية والارهابية، من دون تمييز بين معارضة وأخرى؟…أسئلة وتساؤلات، لم يجد النظام والناطقون باسمه والمصفقون له في كل محفل، من حاجة للتفكير بها أو الاجابة على أيٍ منها.
كان يمكن للانتخابات أن تكون بداية خروج من المأزق لو أنها استبقت بأربع خطوات رئيسة:
أولاً، وقف جميع العمليات الحربية، والتمييز بين ما هو تهديد أمني/ارهابي من جهة، ونشاط سلمي لمختلف قوى المعارضة والحراكات والتنسيقيات الشبابية من جهة ثانية، وتطبيع الحياة العامة في البلاد، فوراً ومن دون ابطاء
ثانياً: الافراج عن كافة المعتقلين والسجناء، وتشكيل لجان تحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت منذ اندلاع الانتفاضة، والسماح بعودة المهجرين والمشردين والمنفيين، سواء الذين غادروا سوريا مؤخراً، أو الذي سبق لهم وأن غادورها قبل ازيد من ثلاثة عقود، والغاء كافة القوانين التي تجرّم المعارضة والانتماء للأحزاب السياسية كافة.
ثالثاً: الاعلان عن حل مجلس الشعب واقالة الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تضم مختلف أطياف المعارضات، تنظيم انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، ورزمة مؤقتة من القوانين الناظمة للعمل الوطني العام وتشرف بشكل خاص على وضع قانون انتخاب توافقي ومؤقت.
رابعا: تحديد جدول زمني قريب، لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية “مبكرة”، تؤسس لتداول سلمي للسلطة، وتحفظ قواعد التعددية وحرية الرأي والتعبير والتنظيم، من دون اقصاء لأحد، وتحت اشراف عربي ودولي مناسب.
لو فعلها النظام، لكانت أنظار العالم تتجه الآن الى ما تحتويه صناديق الاقتراع في سوريا، ولأصبحت الانتخابات استحقاقاً جوهرياً في تاريخ سوريا المعاصر، وتتويجاً لطي صفحة الأزمة والاحتراب وشلال الدم الجاري في مختلف أرجاء البلاد…لكن النظام الذي لم يقبل بخطوات أقل من هذه، ما كان منتظراً منه، أن يقبل بما ذهبنا اليه.
يوم آخر مضى من أيام الأزمة السورية المفتوحة على شتى الاحتمالات، ولن يكون له ما بعده، لأن لا شيء قبله يشي بتغيير في عقلية النظام وسلوكه…وللأزمة صلة.
مركز القدس للدراسات السياسية