برسم قادة المعارضة السورية؟!

  م .

بافي ژيـــن

قد يفسر انحسار العامل الموضوعي,- رغم وجود مبادرة عنان- المتمثل في التراجع الأممي, وما يشبه الصمت الإقليمي وتراخي أدائه حيال الموضوع السوري, على إنها هدوء قبل العاصفة, أو الانتقال من حالة العلن والضجيج الإعلامي, إلى العمل سراً خلف الكواليس, والبدء بتنفيذ مشروع معين, قد يساهم في التخلص من الحكم القائم, ورسم ملامح خارطة طريق, تكون بمثابة طوق نجاة ينقذ المواطن من براثن الموت المحتم, بفعل آلة القمع للنظام في البلاد من جهة, ويقونن المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة, ما بعد النظام من جهة ثانية؛ فحالةالانقسام والتشظي في جسم المعاراضة لا مبرر لديمومتها البتة, خاصة وأن معظم الشعب السوري بكرده وعربه, وفئاته القومية والدينية والمذهبية, قد حسم أمره من استمرارية الثورة, وبات يرنو إلى الحرية ويسير نحوها بخطى ثابتة.
يخال للمرء أحياناً, بأن رموز المعارضة السورية, لا ترقى إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها,وأنها ليست بعجلة من أمرها في توحيد الصفوف, والبحث الجاد عن صيغ توافقية, تجمع شتاتها في بوتقة سياسية واحدة, وكأن الذي يجري في ساحات المدن, من قتل واعتقال وتعذيب وتهجير لا تعنيهم! ما الذي تنتظرون يا سادة المؤتمرات والندوات, ويا قادة الكتل والهيئات, ويا أرباب الأحزاب والتيارات…؟! أتنتظرون سياط الجلاد لتوحد شملكم في (جلق الشام) أم أنّ طيبَ الإقامة في اسطنبول وطهران وموسكو وبكين وأوربا, قد فرقتكم وأبعدتكم عن شؤون الوطن, وشجون المواطن؟ ألم تقروا بشرعية الثورة ومساندتها – نظرياً- وتسابقتم في تمثيلكم الحراك الجماهيري في الداخل, ومشروعية أهدافه ؟! غريب أمركم أيها المتفلسفون…! يا مَنْ تحصون أعداد الشهداء, دون أن تحِسوا بعذابات أهليهم وآلام ذويهم, أَسمِعتم يوماً صرخة رضيع  يذوي فيخمد جثة هامدة من شدة الجوع؟ أرأيتم جريحاً مقطعَ الأوصال يصارع الموت حتى الموت؟ هل عايشتم أنين المستغيث طالباً النجدة وأنقاض المنزل قد ابتلع جسده حياً؟ كيف تقرؤون مأساة الأهلون, في حمص وإدلب وحماة و…..! أخشى أن تكون بحبوحة الفنادق وملذاتها؛ قد أنستكم الجوع المميت في المناطق المنكوبة, ولهاثكم وراء الدولار, قد أعمت البصيرة في قلوبكم, ووضع الغشاوة في عيونكم,وأصمَّ آذانكم إزاء ما يجري للشعب السوري, من ومآسٍ وويلات قلت نظيرتها في التاريخ الحديث.

أيها القادة ترجلوا من منافيكم (السياحية), ولا تنسوا المرور في مضارب إبراهيم هنانو وصالح العلي ويوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش والقوا التحية على حمزة الخطيب والقاشوش, وأوقفوا الرحال عند شهيد نوروز الأول سليمان آدي, والمحمدون الثلاث, وشهداء الانتفاضة الآذارية الأولى, ثم أمكثوا طويلاً عند ضريح الشهداء مشعل التمو ونصرالدين برهك والدكتور شيرزاد وجوان قطنة و…! لتلتمسوا حب الوطن عند الكرد وتشبثهم بحقيقة التاريخ, ووقائع الجغرافيا, وسرّ تعلق الشعب الكردي بهويته القومية, وتمسكه الصارم بحقوقه العادلة, وعدم التفريط بها مذ وجد, رغم هول الطغاة وجبروت التتريك والتعريب والتفريس! نعم أيها الأخوة في قيادة المعارضة السورية, أنزلوا من عليائكم قليلاً, عودوا إلى صفوف شعبكم, واستمعوا لرغباته في الوحدة والتكاتف والعمل المشترك, واجتمعوا على كلمة سواء فيما بينكم, ولا تقللوا أبداً من أهمية شعب يعيش على أرضه التاريخية, وأقرَّ بالشراكة الوطنية, وضمن تخوم الوطن, شعب عانى طويلاً, وضحى كثيراً, من أجل حريتكم أولاً, وقبل حريته, لما تأخرتم في الإقرار بكيانه القومي؟ أقروا أيها السادة في منابركم ومجالسكم الموقرة, بشكل جلي لا يقبل اللبس والتأويل, بهوية الشعب الكردي في سوريا وإيجاد حل عادل لقضيته القومية, وفق العهود والمواثيق الدولية, في دولة مدنية تعددية تشاركية, تتصف باللا مركزية السياسية, تنتفي في ظلها جميع صنوف القهر والإذلال, ويتمتع فيها الشعب السوري بكلّه الديني والمذهبي والقومي, بحقه في الحرية والكرامة, والعيش الرغيد,في سوريا دولة المواطنة الحقة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…