ويسبب له الأذية والخسارة كالدب الذي يدخل بين الكروم ولا يعرف كيف يعالج المسألة أو يكشف عن أمره .
فهز الآخر برأسه قائلا : إن مثل هذا الخبر عندي أيضا وأسوأ.
فأنا مثلك مستهدف وحين عرف الاثنان بأن بستانيهما قد أصبحا هدف للصوص صار كل واحد ينفخ في ذاته ويتوعد ويهدد أمام زوجته.
فقال الأول: لو أمسكت به لجعلته عبرة لمن لم يعتبر وسأجره من أذنه وأدور به القرى المجاورة بعراضة وجلجلة حتى يعرف الناس من أنا وسيكون جزاء كل من يعتدي ويتجاوز على أملاكي الندم طول العمر وسيكون مصيره ومصير أهله الفضيحة والتحقير وأنا أبو فاطمة Bavê fatê .
فلا أنام الليل ولن ينتابني الهدوء والسكينة حتى أنتقم من هذا اللعين ولأعرفه ومن أين له هذه الجرأة وكيف يدخل إلى بستاني أو حتى النظر إليه فكيف بسرقته وأنا ما زلت أنا حيا وأنا أبو غزالة xezo .
وزوجاتهما على بعد أمتار يقطفن الثمار ويسمعن أطراف الحديث ويهزن برأسيهما مبتسمتين قائلتين لبعضهما: ما هذه الأسود المربوطة بنبتة الخبيز Ev çi şêrê bi tayê tolikê ve girêdayî ne وما دمتم بهذه الشجاعة والرهبة لماذا يفكر اللص في دخول البستان ولم تعيرا الاهتمام بحديثهما لأنهما تعرفان حقيقة أزواجهما.
فاتفق الاثنان على الحراسة ليلا بأن يستطلع أحدهم الطرف الشرقي ويراقب والآخر الغربي منه واتفقا أيضاً على إشارة “اهجم عليه فها هو weryê de va ye ” حين السماع للتحرك والإمساك به واستمرت مراقبة الاثنان طوال الليل ولم يلاحظا أي شيء غريب مريب قد وقع في الجوار إلى أن أصابهم الملل وضعف الأمل إلى أن انبلج الصبح.
وفي تلك اللحظة جاء اللص دون مبالاة وهو يصفر خافتا Kuwît kuwîta wî bû, فدخل بستان الأول من الشرق وحينما ناداه بصوت عال قف من أنت وها قد أمسكت بك.
هرب اللص واتبعه الأول.
وضاعف اللص من سرعته فلحق به أبو فاطمة وسبقه بأمتار عديدة فظن الفلاح الظريف أنه في سباق جري على الطريقة الكردية وليس العدو وراء لص للإمساك به “عاقل وحكيم زمانه” وهو يقول بينه وبين ذاته لن أدعك تسبقني أبدا وأنا “أبو فاطمةez bavê fato me ” وعندما وجد اللص أن صاحب البستان غبي وبهذه البساطة فخفف من سرعته وانسل بين أشجار البلوط وتوارى بين إحدى شعاب الوادي, فلحق الآخر بجاره راكضا فصار الاثنان يلاحقان بعضهما البعض في سباق محموم وكل واحد منهما مصر على أن يسبق الآخر ونسيا أمر اللص ولكي لا يقال أن ابو fatê قد سبق أبو xezo حفاظا على كرامته وسمعة عشيرته بين أهل القرية وكأنهما في ماراتون أولمبياد إلى أن وصلا بيادر القرية فخرج أهالي القرية ليستطلعوا الأمر والخبر وما أن رأيا الجمع توقفنا عن الجري وسألا بعضهما أين اللص يا أبو غزالة فقال: أبو غزالة أي لص وأين هو يا أبو فاطمة وما الحكاية ..؟؟
هي حكاية ظريفة ربما نعيش جوهرها الآن وقد جرت مثل أحداثها يوم الجمعة أمام جامع قاسمو وربما في الأيام القادمة.
أبطالها فرق من حراكنا الكردي بشقيه الحزبي الكلاسيكي أو الشبابي والفعاليات الأخرى باسم الحقوق والثورة والكل فرادى وشيع وملل في سباق تنافسي محموم مع بعضهما البعض لا يعرف متى سينتهي والشيطان في عون هذا الشعب المسكين اليتيم.
وقد ابتلى بهذا النموذج السطحي من النخب والحراك التي تتسابق مع بعضها لا لأجل مصلحة وتحقيق هدف أو بناء جسر بين أبنائه بل لعناد والبحث عن الأنا وإشباع الغرائز.
وسيستمر الوضع القائم هكذا في المستقبل المنظور إلى أن تتغير الثقافة التي تنتج هذا السلوك النكوصي والتقهقري وكذلك الفكر الذي ينير العقول ومنه منهج تفكير يبني الإنسان الكردي كما هو مطلوب متحولا من التنظيم الشخصاني إلى الجماهيري العصري يقوده ضمير ووجدان مشبع بقيم وثوابت الكردايتي , حيث لا يمكن البناء والتأسيس لشيء بدون الإنسان الذي هو هدف كل سياسة وفكر وثقافة وتنمية .
خلاصة الكلام : لا زالت العلة في صميم جوهرك يا كردو فلا تنفخوا في أنفسكم أكثر مما هو منفوخ فيها لكي لا تتفجر من تلقاء ذاتها من كثرة ما قالت أنا وأنا ولا لوم على أفعال وسياسات الآخرين من فعل سوء ومن تأثير بسبب الثقوب السوداء في باحات الفكر والوجدان ووعي الذات لأن العلة والمعلول منا وفينا.
بربكم كيف ستتطورون وتغيرون ما في أحوالكم ونخبكم تعبث بمصيركم شر عبث وأنتم مسرورون ومصفقون فألا تعقلون..؟ وهي في سباق الظرفاء على مضمار طوله من طول السنين.
ولا زال السباق جاريا حتى هذه اللحظة إلى أن يوقف الحكم “أين الحكام والحكماء” نهاية السباق بصفارة النهاية و سيكون طرد اللاعبين ببطاقة حمراء خارج المضمار والملعب هو التصرف الصحيح ومن مصلحة الكرد في قادمات الأيام ..