cankalo2009@hotmail.com
الدولة بالتعريف :
هي عبارة عن مجموعة من الافراد تعيش في اقليم جغرافي ما بشكل دائم وذلك تحت اشراف سلطة عامة منظمة تتبعها هذه المجموعة
وبالتالي للدولة اركان ثلاث لا تقوم الا باجتماعها وهي :
1- الشعب :يعد الشعب من اهم عناصر الدولة بغض النظر عن عددهم .
2- الاقليم :لا يمكن قيام دولة بدون اقليم ثابت ومحدد بغض النظر عن مساحته ويقسم الاقليم الى ثلاثة اجزاء (الارضي والمائي والجوي )
أشكال الدولة :
· قسم فقهاء القانون الدولي العام الدول من حيث السيادة الى دول كاملة السيادة ودول ناقصة السيادة
* الدول كاملة السيادة : هي تلك التي لا تخضع سيادتها لسلطان اية دولة اخرى فهي تتمتع باستقلال تام في مباشرة شؤونها الداخلية والخارجية ومن ثم فهي لا تخضع لأية رقابة او اشراف من جانب دولة او منظمة اجنبية عنها .
* الدول ناقصة السيادة : هي التي لا تتمتع بكافة اختصاصات الدولة الاساسية ويكون ذلك في العادة نتيجة تدخل دولة او دول اجنبية في شؤونها ومباشرتها لبعض الاختصاص كما في حالة (الحماية – التبعية – الوصاية – الانتداب)
· أما فقهاء القانون الدستوري فقد قسمت الدول بتقسيم اخر من حيث الشكل الى دول 1-موحدة (البسيطة)2-ودول مركبة
وهذا التقسيم لا يقوم على اساس مدى سيادة الدولة على اقليمها من حيث الكمال او النقصان بل يقوم على اساس تركيبة السلطة فيها
فالدولة الموحدة تكون السلطة فيها موحدة وهذا يؤدي الى وحدة القانون فيها لا الى تعدده وبالتالي يكون القانون فيها موحدا اما الدولة المركبة نتيجة تعدد سلطاتها وتركيبتها تتعدد فيها القوانين .
أولاً: الدولة الموحدة(البسيطة) : يمكن تعريف الدولة الموحدة او البسيطة بانها
( هي الدولة التي تكون السيادة فيها موحدة وتتميز ببساطة بنيانها الدستوري او بوحدة الانظمة السياسية التي تحكمها اي وحدة الدستور والتشريع والقضاء) فتظهر الدولة كوحدة واحدة سواء من الناحية الخارجية او من الناحية الداخلية.
وتتجلى هذه الوحدة في اركان الدولة الثلاث (السلطة السياسية والشعب والاقليم )
1- من حيث تنظيم السلطة السياسية : تكون السلطة السياسية والاجهزة الحكومية في الدولة البسيطة واحدة فتتولى كافة الوظائف العامة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وبذلك تتسم بوحدة الدستور الذي يسري على جميع اجزاء الدولة وكذلك تتسم بوحدة القانون او التشريع الذي يخاطب جميع الافراد القاطنين على اقليم الدولة لكن استثناءً قد تخص الدولة الموحدة جزءاً من اقليمها بتشريع خاص في موضوع معين ولظروف خاصة وهذا لا ينفي وحدة السلطة ولا وحدة القانون في الدولة طالما ان مصدر التشريع فيها واحد وغير متعدد فالجهاز التشريعي الواحد (البرلمان) يستطيع ان يصدر قوانين خاصة تسري على اجزاء معينة دون الاخرى من اقليم الدولة وذلك من خلال استثناء بعض الاقاليم من الخضوع لبعض التشريعات التي تسري على بقية الاجزاء الاخرى من اقاليم الدولة .
2- من حيث تنظيم الشعب أو الجماعة : يخضع جميع الافراد في الدولة الموحدة لتنظيم سياسي واحد ويلزمون بالقرارات الصادرة عن المؤسسات الحكومية ولهم ذات الحقوق دون تمييز في الحقوق والواجبات بين الافراد سواءً بسبب العرق او الدين او اللغة او اللون او المهنة .
3- من حيث الاقليم : يعتبر اقليم الدولة الموحدة (البسيطة) وحدة واحدة يخضع في اجزائها للسلطات الحكومية ولسيادة الدولة بالرغم من انه قد يكون بعض اجزاء الاقليم منفصلاً عن بعضها البعض فالاتصال او الانفصال لا تأثير لهما على وحدة الاقليم والدولة الموحدة قد تكون ذو نظام ملكي او جمهوري واهم ما يميز الدولة الموحدة نظام اللامركزية الادارية
واللامركزية من حيث التعريف تعني: توزيع ممارسة الوظيفة الادارية في الدولة بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية العامة المحلية ( محافظات وبلديات ) او بالشخصية العامة المرفقية وظيفتها الاهتمام بالمرافق العامة كالهيئات والمؤسسات العامة بحيث تباشر هذه الاشخاص اختصاصاتها الادارية الموكولة لها تحت اشراف ورقابة السلطة المركزية في العاصمة بتسلسل هرمي وبذلك ينطوي في طياته على كثير من الروتين وفي تأخير اتخاذ القرارات لحين وصول المقترحات من صغار الموظفين الى الوزير المختص لان الوحدات الادارية المحلية او المرفقية لا تتمتع بالاستقلالية التامة ازاء السلطة المركزية ، فنظام اللامركزية الادارية يعمل على توزيع اختصاصات الادارة بين السلطة المركزية والسلطات اللامركزية في الدولة .
ويقابل نظام اللامركزية الادارية في الدولة الموحدة نظام اخر هو نظام المركزية الادارية ويعني هذا النظام : تركيز الوظائف الادارية كلها في يد هيئة مركزية واحدة هي السلطة الكمركزية في العاصمة وهو مايسمى بالمركزية المطلقة .
او بواسطة عمالها وموظفيها المنتشرين في ارجاء الاقليم ولكن يعملون باسم ولحساب السلطة المركزية وهنا نكون امام مايسمى بالمركزية النسبية .
وخلاصة القول يمكننا ان نقول بأن الدولة الموحدة او البسيطة قد تأخذ من حيث الممارسة في الوظائف الادارية اما بنظام اللامركزية الادارية او بنظام المركزية الادارية دون ان يكون لذلك أي تأثير على شكلها باعتبارها دولة موحدة مادامت هذه الدولة محتفظة بالوحدة في نظامها السياسي .
*أي…….
إن مركز السلطة في الدولة الموحدة يبقى واحداً سواءً طبقت المركزية الادارية او اللامركزية الادارية وهذه السلطة هي التي تحدد صلاحيات واختصاصات المؤسسات الادارية .
ثانياً : الدولة المركبة:
تتألف الدولة المركبة من دولتين او اكثر اتحدت لتحقيق اهداف مشتركة فتوزع سلطات الحكم فيها على الدول المكونة لها وفقاً لطبيعة ونوع الاتحاد و يوجد عدة صور من الدول المركبة تختلف العلاقة بينها قوة وضعفاً تبعاً لنوع الاتحاد الذي يربط بينها
وصور الدولة المركبة هي :
1- الاتحاد الشخصي : عبارة عن اتحاد بين دولتين او اكثر تحت عرش واحد (رئيس واحد) مع احتفاظ كل دولة الداخلة في الاتحاد باستقلالها الداخلي والخارجي وتحتفظ بشخصيتها الدولية ودستورها الخاص وسلطاتها العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية تكون مستقلة وبذلك لايتولد عن نشأة الاتحاد الشخصي خلق دولة جديدة فمظاهر الاتحاد الشخصي تتجسد في شخصية الرئيس فقط اي انه اتحاد مؤقت وينتهي هذا الاتحاد بمجرد تغير شخص رئيس الدولة والمثال على ذلك اتحاد انكلترا وهانوفر عام 1714- 1937واتحاد بلجيكا والكونغو الحرة عام 1885- 1908
وليس مايمنع في الاتحاد الشخصي ان يتولى رئيس واحد رئاسة عدة دول في وقت واحد وقد حدث ذلك فعلا حينما تولى بوليفار رئاسة الجمهورية في وقت واحد في كل من بيرو وفنزويلا و كولومبيا..
2- الاتحاد الحقيقي ( الفعلي) : هو اندماج دولتين او اكثر في اتحاد دائم لا مؤقت بحيث تزول الشخصية القانونية لكل دولة من الدول الداخلة في الاتحاد الحقيقي مع قيام هذا الاتحاد وتتبلور في شخصية قانونية جديدة وتخضع كل الدول الداخلة في الاتحاد الى رئيس واحد .
اتحاد النمسا والمجر 1867 – 1918 باسم امبراطورية النمسا والمجر ، اتحاد السويد والنرويج 1814 -1905
* وهذين الشكلين اي الاتحاد الشخصي والحقيقي لا يوجد في الوقت الراهن امثلة حقيقية لها انما الأمثلة معظمها تاريخية غير موجودة في الواقع العملي .
3- الاتحاد الكونفدرالي( التعاهدي) أو الاستقلالي:
ينشا بين دولتين او اكثر في معاهدة دولية على تكوين الاتحاد مع احتفاظ كل دولة باستقلالها الخارجي وسيادتها الداخلية وصك الاتحاد او المعاهدة هو الاساس في الاتحاد الكونفدرالي ، يقوم الاتحاد الكونفدرالي على تكوين مجلس من مندوبين عن الاتحاد وهذا المجلس لا يختص الا بالمسائل التي يتضمنها الصك وهذا الصك ( المعاهدة ) ينشأ هيئات مشتركة تتكون من ممثلين عن الدول الاعضاء للإشراف على تنفيذها ويكون على راس هذه الهيئات هيئة عليا تسمى المؤتمر او المجلس او الجمعية وهذه الهيئة لا تعتبر هيئة فوق الدول الاعضاء وانما مجرد مؤتمر سياسي او هيئة استشارية تنحصر مهمتها في رسم السياسة المشتركة التي تسير عليها الدول الاعضاء وليس من حقها فرض القرارات التي تصدرها على الدول بالقوة كما ان هذه القرارات لا تنفذ داخل الدول المتعاهدة تلقائياً وانما يتوقف الامر على مشيئة كل دولة حسبما ينص عليه دستورها .
4-الاتحاد الفيدرالي او الاتحاد المركزي : هو نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تعاون محل علاقات تبعية بين عدة دول يربطها اتحاد مركزي على ان يكون هذا الاتحاد مبنياً على اساس الاعتراف بوجود حكومة مركزية لكل الدول الاتحادية وحكومات ذاتية للولايات او الدويلات التي تنقسم اليها الدولة .
ويظهر هذا النوع من الاتحاد في انصهار الدول الداخلة فيه في اندماجها في دولة واحدة بحيث تفقد الدول الاعضاء شخصيتها الدولية وتغدو هذه الدول بعد قيام الاتحاد دويلاتأ او ولايات وتنشأ شخصية دولية جديدة هي شخصية دولة الاتحاد المركزي التي تتمتع وحدها بكافة مظاهر السيادة الخارجية واحيانا بجزء من السيادة الداخلية ……
ويبقى لكل دولة دستور يحكمها لكن بما يتناسب مع دستور الاتحاد وينظم دستور الاتحاد العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الولايات وتخضع جميع الدول الداخلة في الاتحد لرئيس واحد .
مثال : ولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السويسري
* نشوء الاتحاد الفيدرالي :
ينشأ الاتحاد الفيدرالي نتيجة انضمام عدة دول الى بعضها او نتيجة تفكك دولة موحدة بسيطة الى عدة دويلات .
* كيفية توزيع الاختصاص بين الدولة الاتحادية والولايات في الدول ذات نظام الفدرالي :
يختلف توزيع الاختصاصات بين السلطات التابعة للمركز والسلطات التابعة للدويلات بحسب ظروف ونشأة كل دولة فيما اذا كانت الدولة الاتحادية قامت نتيجة انضمام عدة دول بسيطة او نتيجة تفكك دولة بسيطة الى عدة دويلات او نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة التي احاطت بنشأتها أياً كان الامر فهناك ثلاثة طرق تسير عليها الدساتير الاتحادية في توزيع الاختصاصات بين المركز والدويلات وهي :
الطريقة الأولى : هي أن يحدد الدستور الاتحادي على سبيل الحصر المسائل التي تدخل في اختصاصات المركز و كذلك المسائل التي تدخل في اختصاص الدويلات .
ويؤخذ على هذه الطريقة أنه مهما كان الدستور مفصلاً فإنه لا يستطيع أن يكون شاملاً لجميع المسائل إضافة إلى أنه قد تستجد بعض المسائل نتيجة لتطور و تغير الظروف .
الطريقة الثانية : هي ان يحدد الدستور الاتحادي اختصاصات الدولة الاتحادية على سبيل الحصر و يترك ما عداها من اختصاصات لسلطات الدويلات وفي هذه الحالة يكون اختصاص سلطات المركز ضيقة واستثنائياً ويكون اختصاص سلطات الدويلات هو اختصاص عام .
وبذلك يدخل في اختصاص سلطات الدويلات ما لم ينص عليه صراحة الستور الاتحادي وكذلك يدخل في اختصاصاتها كل المسائل المستجدة …
وهذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً في غالبية الدول ذات النظام الفيدرالي ( أميركا-المانيا –سويسرا)
الطريقة الثالثة : هي ان يحدد الدستور كل المسائل الداخلة في اختصاص سلطات الدويلات على سبيل الحصر و يترك ما عداها وكل ما لم يرد في الدستور للسلطات المركزية ( الهند – كندا –فنزويلا) .
وفي هذه الحالة تدخل المسائل المستجدة ضمن اختصاص سلطات المركز..
*الاتحاد الفيدرالي في المجالين الداخلي و الخارجي :
·في المجال الخارجي: لايوجد في الاتحاد الفيدرالي سوى شخصية دولية واحدة اذ ان الشخصية القانونية لكل الدول الداخلة في الاتحاد تزول بمجرد دخولها في الاتحاد وبذلك تكون للدولة التحادية وحدها حق الدخول في العلاقات الدولية مع غيرها من الدول وكذلك حق الدخول في المنظمات الدولية ( الامم المتحدة) كما يكون لها وحدها حق ابرام المعهدات الدولية وحق التبادل والتمثيل الدبلوماسي وحق تقرير السلم والحرب كما تتولى الدولة الاتحادية الإشراف على القوات المسلحة للاتحاد إلا أن هذه القاعدة فيالاتحاد الفيدرالي ليست مطلقة إذ أنه يمكن استثناءً و حسب الظروف و التوافقات السياسية و بحماية دستورية قد تتمتع الدويلات الداخلة في الاتحاد ببعض من المظاهر السيادة الخارجية و إبرام العقود التجارية
فمثلاً سمح الاتحاد السوفيتي السابق لبعض ولاياته منذ عام 1944 حق التمتع بالشخصية الدولية المستقلة عن شخصية دولة الاتحاد و أجازت لهم حق الانضمام لمنظمة الأمم المتحدة و هذا ما حدث فعلا حيث انضمت أوكرانيا و روسيا البيضاء إلى هيئة الأمم المتحدة كما أجاز دستور الإمبراطورية الألمانية الاتحادية الفيدرالية عام 1871 بحق التبادل الدبلوماسي وحق إبرام المعاهدات الدولية المنضوية تحت راية الإمبراطورية.
كما اننا نكون امام حالة وحدة الجنسية في النظام الفيدرالي لجميع رعايا الدويلات اذ ان الجميع يتمتعون بجنسية واحدة هي جنسية دولة الاتحاد بالرغم من تمتع الفرد برعوية الدويلة التي ينتمي اليها….
2- في المجال الداخلي :
تتكون دولة الاتحاد من عدد من الدويلات واذا كانت هذه الدويلات الداخلة في الاتحاد الفيدرالي لايكون لها الشخصية القانونية وبالتالي لايكون لها حق مباشرة المظاهر الخارجية فان هذه الدويلات تتمتع في المجال الداخلي بالجزء الاكبر من مظاهر السيادة الداخلية الى جانب تمتع الدولة الاتحادية او المركزية ببعض هذه المظاهر لأن هذه الدويلات تتنازل عن جزء من سيادتها للدولة الاتحادية ، وبذلك يكون لكل دويلة دستورها الخاص وسلطاتها العامة التي لا تخالف السلطات العامة للاتحاد وايضا يكون لدولة الاتحاد الدستور الاتحادي وسلطات عامة وحكومة يطلق عليها الحكومة الاتحادية وهذا ما يسمى بازدواجية السلطة وهذه الازدواجية تعني اللامركزية السياسية .
* السلطات في النظام الفيدرالي :
1- السلطة التشريعية : تظهر هذه السلطة في هيئة نيابية تمثل دولة الاتحاد بأكملها وتقوم هذه الهيئة بالوظيفة التشريعية إلى جانب هيئة تشريعية أخرى تخص كل دويلة تابعة لدولة الاتحاد ويختص البرلمان الاتحادي بالتشريع في جميع المسائل التي تهم الدولة بأسرها أما برلمان الدويلة فانه يقتصر على وضع التشريعات الخاصة بالدويلة مع مراعاة عدم التعارض مع البرلمان الاتحادي
ويتكون البرلمان الاتحادي من مجلسين أحدهما يقوم على أساس تمثيل مجموع رعايا الدويلات التي تتكون منها الدولة الاتحادية فهذا المجلس يمثل شعب الدولة باكمله .
والثاني يقوم على اساس الدويلة باعتبارها وحدة سياسية متمايزة .
فمثلا يكون التمثيل في البرلمان الاتحادي الامريكي ( الكونجرس) الذي يتالف من مجلسين .
مجلس النواب الذي يتم انتخابه مباشرة من جميع افراد الشعب الذين لهم حق مباشرة الحقوق السياسية ومجلس الشيوخ الذي يتالف من عضوين عن كل ولاية بصرف النظر عن مساحة كل ولاية وعدد سكانها.
على ان هذه القاعدة غير مطلقة فمثلاً الدستور الكندي حدد عدد اعضاء مجلس الشيوخ الي تخص بهم كل ولاية بعدد يختلف من ولاية لاخرى وكذلك الدستور الالماني الصادر عام 1949الي جعل ممثلي الولايات يتراوح مابين ثلاثة الى خمسة اعضاء تبعاً لعدد سكان كل ولاية .
2- السلطة القضائية : في الدولة ذات النظام الفيدرالي يوجد بجانب القضاء الاتحادي قضاء محلي ويختص القضاء الاتحادي بالنظرِ في المسائل الهامة كالنزاعات بين الاتحاد والدويلات أو الولايات مع بعضها البعض كما يعتبر القضاء الاتحادي جهة استئنافية تستأنف أمامها الأحكام الصادرة عن محاكم الولايات أما القضاء المحلي الخاص بكل ولاية أو دويلة فيختص بالفصل في المنازعات المحلية التي تثور داخل حدود الولاية .
2- السلطة التنفيذية : تتكون السلطة التنفيذية في الدولة الفيدرالية من سلطة تنفيذية اتحادية تمثل دولة الاتحاد بأكملها كما يوجد في كل دويلة من الدويلات جهازها التنفيذي الخاص بها .
اما تكوين السلطة التنفيذية في الدول ذات النظام الفيدرالي تختلف من دولة الى اخرى لكن في معظم هذه الدول يتكون السلطة التنفيذية من الرئيس الاتحادي والحكومة الاتحادية حيث يشترك كلا الطرفان في ممارسة مهام السلطة التنفيذية بتنفيذ القوانين الصادرة عن البرلمان الاتحادي في جميع الدويلات اما الهيئة التنفيذية للدويلة فلا يتعدى اختصاصها نطاق حدود الولاية.
ويبدو ان السمة السياسية المميزة في النظام الفيدرالي الى جانب الميزات الاخرى هي اللامركزية السياسية اذاً
• ماهوالفروق بين اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية :
إن الدويلات الأعضاء في الدولة الاتحادية والوحدات الإدارية في الدولة الموحدة القائمة على النظام اللامركزي تتفق معاً في كونها وحدات إقليمية تمارس اختصاصات معينة ضمن إطار قانوني معين يربط بينها ولكن هناك فروق واضحة بين النظامين تتجلى فيما يلي :
1- اللامركزية الإدارية تعبر عن نظام إداري يتم عن طريقه توزيع الوظيفة الإدارية بين الأجهزة المركزية وبين هيئات إدارية مستقلة رديفة لأجهزة الدولة المركزية وتخضع لرقابة السلطة المركزية ، أما اللامركزية السياسية فتتعلق بالنظام السياسي لدولة الاتحاد الفيدرالي و توزيع السلطات بين الدولة الاتحادية و الولايات التي تعتبر وحدات سياسية تتمتع بالاستقلال الذاتي فنظام اللامركزية السياسية لا يوجد إلا في الدول الاتحادية دون الدول الموحدة أما اللامركزية الإدارية فتوجد في الدولة الموحدة و الاتحادية .
2- تخضع المحافظات و الأقاليم في اللامركزية الإدارية لذات القوانين المطبقة في جميع أرجاء الدولة أما الدويلات في الدولة الاتحادية فتتمتع بحق تطبيق قوانينها الخاصة التي سنتها سلطاتها التشريعية الخاصة بها و المستقلة عن السلطة التشريعية الاتحادية.
3- تتمتع الدويلات الأعضاء في الاتحاد الفيدرالي بسلطات تشريعية و تنفيذية و قضائية مستقلة عن الدولة الاتحادية و تمارسها دون رقابة أو وصاية ،
أما اللامركزية الإدارية فليس لهيئاتها الإدارية المستقلة أي شان بنظام الحكم السياسي في الدولة و بتوزيع الوظيفة السياسية فيها حيث لا يكون للوحدات المحلية ( المجالس المحلية ) أو المرفقية ( المؤسسات العامة ) أي اختصاص سياسي بل اختصاص خدمي مرفقي.
4- يتولى الدستور الاتحادي في الاتحاد الفيدرالي مهمة توزيع الاختصاصات بين الدولة الاتحادية و الدويلات بالطريقة التي تلائم ظروف و أوضاع كل دويلة في حين يضطلع القانون العادي في اللامركزية الإدارية بتشكيل الهيئات اللامركزية أي المجالس المحلية على مستوى المحافظات و النواحي ( المؤسسات العامة ) و يحدد اختصاصها و كيفية مباشرتها لها .
5- تقوم اللامركزية السياسية على أساس مشاركة الدويلات في الاتحاد المركزي في تكوين الإدارة العامة للدولة الاتحادية سواءً عن طريق ممثليها في مجالس الدويلات التي تتولى سن القوانين الاتحادية بالاشتراك مع مجلس النواب أو المشاركة في تعديل الدستور الاتحادي و ذلك على عكس الوضع بالنسبة للهيئات اللامركزية في اللامركزية الإدارية لأن هذه الهيئات لا تمارس إلا الاختصاصات التي خولت لها من الدولة.
اذاً فا للامركزية السياسية تعمل على توزيع الوظيفة السياسية في الدولة ا على سلطات عامة اتحادية واخرى سلطات عامة محلية خاصة بكل دويلة على حدة .أما اللامركزية الادارية فانها لاتتعلق بنظام حكم سياسي في الدولة وانما يتعلق بكيفية مباشرة الوظيفة الادارية فهو نظام اداري لا نظام سياسي
*و بالمحصلة فإن النظام الفيدرالي يستمد وجوده من الدستور الاتحادي و بالتالي يمكن تعديل قوامه و أنظمته بتعديل الدستور الاتحادي و ذلك بموافقة أغلبية الدويلات وان عارض البعض
و بالرغم من أنه في النظام الفيدرالي لا يجوز للدويلات حق الانفصال إلا أن هذه القاعدة لا يؤخذ على إطلاقها فمثلاً دستور روسيا السوفياتية أعطت الحق لكل جمهورية داخل الاتحاد حق الانفصال و هناك أنظمة فيدرالية كثيرة في العالم وذلك نتيجة لمزاياها و قدرتها على توحيد دول ذات أنظمة متغايرة وقدرتها على الجمع بين عاطفتي الاستقلال و الاتحاد معاً إلا أن كل هذه الفيدراليات لا تشبه بعضها البعض إلا في خطوطها العريضة إذ أن التفاصيل تختلف من دولة لأخرى حتى وصل ببعض الدول إلى الجمع ما بين مفاهيم الفيدرالية و الكونفدرالية إلا أن الأهم في كل ذلك أن تكون هذه المفاهيم محمية بحماية دستورية.
• الفروقات بين الفيدرالية والكونفدرالية :
إن الدولة الاتحادية الفيدرالية تتكون من عدة دول تفنى شخصيتها الدولية داخل الدولة الاتحادية على خلاف الاتحاد التعاهدي ( الكونفدرالي ) حيث تحتفظ الدولة بكامل شخصيتها الدولية وسيادتها الداخلية على حد السواء وتوجد عدة نقاط تميز الاتحاد الكونفدرالي عن الدولة الاتحادية أهمها :
1- يستمد الاتحاد الكونفدرالي وجوده من معاهدة دولية بين الدول الأعضاء بينما يستند الاتحاد الفيدرالي إلى عمل قانوني داخلي هو الدستور.
2- تتولى اختصاصات الاتحاد الكونفدرالي هيئة مشتركة تسمى الجمعية أو المؤتمر أو مجلس الاتحاد وتتكون هذه الهيئة من ممثلين للدول المتعاهدة الأعضاء ،فلا يوجد لدى الاتحاد الكونفدرالي جهاز تنفيذي فتقوم كل دولة من الدول الأعضاء بتنفيذ قرارات المؤتمر بواسطة موظفيها وأجهزتها التنفيذية ،أما في الاتحاد الفيدرالي فنجد هيئات تشريعية وقضائية اتحادية تكون لها سلطاتها المباشرة على الأفراد في الدويلات المختلفة .
3- رعايا الدول المتعاهدة يظلون يحتفظون بجنسية دولهم وان كانت وثيقة الاتحاد في بعض الأحيان تمنحهم بعض المزايا عند الانتقال من دولهم إلى الدول المتعاهدة إلا أنهم يعتبرون أجانب داخل الدول المتعاهدة والكونفدرالية بينما في الدولة الاتحادية الفيدرالية فان جميع الأفراد يتمتعون بجنسية واحدة هي جنسية الدولة الاتحادية .
4- الحرب بين الدول المتعاهدة تعتبر حرباً بين دول تخضع للقانون الدولي ، بينما الحرب بين الدويلات أعضاء الدولة الاتحادية تعتبر حرباً أهلية داخلية لا تخضع للقانون الدولي .
* الحكم الذاتي :
هو نظام سياسي و إداري و اقتصادي يحصل فيه إقليم أو عدة أقاليم من دولة على صلاحيات واسعة لتدبير شؤونها بما في ذلك انتخاب الحاكم و التمثيل في مجلس منتخب يضمن مصالح الأقاليم على قدم المساواة .
الحكم الذاتي هو نقيض للمركزية ، حيث تحتاج الدول التي تمارسه إلى أن تتخلى سلطاتها المركزية عن جزء مهم من صلاحيات تدبير الإقليم اقتصادياً و اجتماعياً و سياسياً ليتم ممارسته على المستوى المحلي
و نماذج الحكم الذاتي في العالم 3كثيرة و متعددة و حجم الصلاحيات التي تتمتع بها الأقاليم موضوع الحكم الذاتي تختلف من حالة لأخرى و يخضع للتطور،
و قد تطور مفهوم الحكم الذاتي بعد بروز عصبة الأمم و ما انطوت عليه من مواثيق و معاهدات تحمي الأقليات من جور الأكثرية حيث أصبح موضوعاً متداولاً على الصعيد الدولي و بذلك اكتسب بعدًا قانونياً و يظهر ذلك و واضحاً في الفصل/ 11/ من ميثاق الأمم المتحدة في المادتين/ 73-76 /
وقد صنف الفقهاء القانونيين مفهوم الحكم الذاتي على أنه فكرة مستمدة من مبدأ حق تقرير المصير القومي و قاموا بتنظيمها في إطار قانوني ليكون أساساً لحل المسألة القومية و بالتالي هو نظام يطبق في الدول ذات القوميات المتعددة بشكل عام
ومفهوم الحكم الذاتي مفهوم غامض بعض الشيء و يتضمن قدراً كبيراً من المرونة إذ أنه قد يكون حكماً ذاتياً إدارياً وقد يكون حكماً ذاتياً سياسياً و قد يجمع بين الأثنين معاً و قد خرج الآن مفهوم الحكم الذاتي من مفهومه الضيق لعلاقة داخلية إلى المجال الدولي و اكتسب بعداً قانونياً دولياً من خلال ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة.
وحتى يتم تطبيق الحكم الذاتي بمفهومه الواسع يجب أن يكون هناك ضرورة وفرة السلطة التشريعية في الإقليم تتولى سن القوانين و سلطة تنفيذية تحظى بموافقة الشعب و سلطة قضائية يناط بها تطبيق القوانين و ضرورة مشاركة الشعب في اختيار حكومة الإقليم بحرية و دون تدخلات و هذا يعني أن إقليم الحكم الذاتي له برلمانه الخاص و حكومته الخاصة و حاكمه الخاص.
ولعل اقتناع اكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول ذات التعدد القومي بالحكم الذاتي بمفهومه الواسع كونه يمثل احد اشكال التعبير السياسي القومي والتي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي والسياسي وقيام الجماعات القومية بادارة شؤونها الداخلية في اقليمها القومي بحرية .
· مفهوم الإدارة الذاتية :
وهو مبدأ يعني الحيلولة دون حدوث فراغ في تركيبة الجهاز الإداري للدولة ( السلطة ) حيث يهدف هذا المبدأ إلى خلق الظروف المناسبة لتوزيع السلطة و بالشكل الذي يؤدي إلى ملء جميع الفراغات دون السماح للعناصر السلبية بالتسلل إلى إدارة تلك الأجهزة و هذا المبدأ تظهر أهميته في الدول التي تعاني من الظروف الاستثنائية مما يستوجب استخدام البدائل المحلية بدلاً من مؤسسات الدولة وإلى جانب ملء الفراغ يؤمن مشاركة شعبية أوسع لسكان الوحدات الإدارية في اتخاذ القرارات التي تحمل طابعاً محلياً،
فنظام الإدارة الذاتية يقوم بتطبيق الديمقراطية في المجتمع و على جميع المواطنين بمختلف أطيافهم و أشكالهم و أعراقهم و على أكثر من مستوى يكون هناك مجالس حكم محلي في كل مدينة أو قرية أو ناحية و هو مبدأ يغلب عليه الطابع السياسي أكثر من الطابع القانوني
*حق تقرير المصير:
بالتعريف هو حق شعب ما في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله و السيادة التي يريد الانتماء إليها
و هو مبدأ مقرر في ميثاق الأمم المتحدة و هو يتضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها
كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد جمعت جميع المبادئ التي اتخذتها في صدد تقرير المصير في قرار واحد (2625) لعام 1970 و في عام1973 بقرار رقم (3070) حيث طلبت من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها و استقلالها و تقديم الدعم المادي و المعنوي و جميع أنواع المساعدات للشعوب التي تناضل من أجل هذا الهدف و منذ تلك اللحظة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه المبادئ في جميع قراراتها المعنونة تحت اسم ( الإعلان العالمي لحق الشعوب في تقرير مصيرها ومنح الاستقلال للبلدان و الشعوب)،
و حق تقرير المصير يضمن لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها و بموجبه يقررون بحرية وضعهم السياسي و طريقة تطور أوضاعهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فمن حيث المبدأ يتضمن حق تقرير المصير ملكية الشعب للحق في تقرير وضعه
و هذا الحق يتعلق بمجموعة أشخاص لهم ميراث تاريخي مشترك و هوية عرقية أو أثنية ووحدة لغوية و تشابه ثقافي و امتداد جغرافي و لا يختلف الأمر في ما يتعلق بهذا الحق فيما إذا كان عدد هذه المجموعات كبيراً أم صغيراً
وإن حق تقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستقلال أو الانفصال و في جميع الحالات التي طبق فيها هذا الحق لا يوجد تطابق تام في الحالات بل كان يعود لكل أمة اختيار نمط حياتها و معيشتها و طريقة حكم نفسها بنفسها فهناك من الجماعات من اختارت الاستقلال التام و جماعات أخرى وجدت الحكم الذاتي ضالتها بينما جماعات أخرى فضلت البقاء تحت سيادة الدولة المسيطرة كما حدث في إيرلندا الشمالية نموذجاً حيث اتفق الطرفان المتصارعان على تقاسم السلطة تحت التاج البريطاني
و ينقسم حق تقرير المصير إلى داخلي و خارجي :
–الخارجي :كحق الشعوب الخاضعة للاستعمار الأجنبي تقرير مصيرها و الذي قد يأخذ شكل الاستقلال التام.
– أما الداخلي :فهو حق الجماعات المتمايزة ثقافياً تقرير مصيرها في نطاق الدولة فحق تقرير المصير الداخلي لا يتضمن حق الانفصال عن إقليم الدولة.