نساء الأحزاب الكردية

 إبراهيم محمود

تنويه لا بد منه: هذا المقال لا صلة له إطلاقاً بالنساء الكرديات مباشرة، إنما بالموقف الذكوري الكردي والتحزبي منهن على صعيد الممارسة والقول والكتابة، لهذا آمل عدم الخلط بينهما وشحن المواقف الجانبية بالتالي! ما يجب قوله رغم أن غالبية ممثلي الأحزاب الكردية يحملون ألقاباً تخص الأُبوَّة” أبو… و… و…”، تأكيداً على أنهم فاعلون في الإنجاب والقدرة على الاستمرار في من يأتون من بعدهم، إلا أنني أكاد أقول مباشرة أن ليس لدى هؤلاء زوجات حقيقيات، أن ليس لدى هؤلاء نساء يمكن أن يسمّين الرجولة حق اسمها، بعيداً عن الفحولة التي يتباهون بها، حيث المواليد في مجملهم ذكور، والوفيات ذكور، والتلقين يكون على الذكور، والاحتفاء يكون بالذكور…الخ.
 الأحزاب الكردية لا تعرف سوى الرجال الذين تتملكهم عقدة الذكورة في مدينتهم الكردية الفاضلة والفاضحة جداً، وإذا قيّض لها أن تسمّي النساء فعلى استحياء (دعْك من الكلام المتفقه والمتشدق والذي يتعلق بالحقوق المزعومة للمرأة الكردية، ونضال المرأة الكردية، وإنجازات المرأة الكردية وإلى جانب رجالات الحزب هذا أو ذاك..).

أحزابٌ خُطَطَ لها، وأطلِقت عليها أسماء من قبل الرجال وبرامج تعبوية أو توعية أو بيانات مذيلة بتواقيع الرجال، وكتابات محرّرة في المجمل بأقلام الرجال (وأحياناً تذيَّل في الأسفل تحت اسم لقب” أبو فلان..”، وإذا حصل العكس فعلى استحياء، ومن باب الاستعراض)، واجتماعات مدارة من قبل حفنة من الرجال العنكبوتيين بامتياز وتوجيهات وتعليمات وتوصيات واستعراضات وفتاوى تصدر عن الرجال كما هو حال الذين نعرفهم بأسماء: في أعلى المناصب القيادية رؤساء ومساعدي رؤساء ذكوراً… لا حديث إطلاقاً عن النساء، كما لو أن جملة هؤلاء المعنيين بالألقاب الذكورية أو المعتدّين بمواقعهم الذكورية قد تعاهدوا فيما بينهم، كما عاهدوا أنفسهم، في أن يضربوا الرقم القياسي مقارنة بالآخرين في إدارة دفَّة أحزابهم، وتمثيل الشعب بعيداً عن حضور المرأة الكردية، وما في ذلك من زيف الحديث عن مجتمع كردي متكامل ومنشود كما لو أن الحديث عن المرأة يجلب إليهم النحس والنكد، ليكونوا في مسيرتهم التاريخية (اللامسَيَرة) سلفيين محجَّرين متعصبين من نوع مختلف ضد المرأة، ومتخوفين من وجود المرأة إلى جانبهم، وهم لا يخفون اشتهاءهم للمرأة! لم لا، أليسوا كغيرهم ممن يعيشون وإياهم في مجتمع متعدد الألسن حيث النساء (رياحين وهبنَ لهم) عند اللزوم، و (شياطين) لا لزوم للتذكير بهن، إنما يجب الحجْر عليهن بإبقائهن في الخلف رغم المديح الأجوف الذي يكال لهن؟ إنه ذات المديح الذي يظهِر الوجهَ الآخر لشخصية موجَّهة بعقدة الذكورة وعلامتها المذكَّرة، إنها ذات العلامة التي تقلّد تلك القائمة في محيطها أو ثقافتها الأخرى التي تربَّت عليها وفكَّت حرفها! ربما هي سمة من سمات كثيرة، هي حزمة مثالب، لا مناقب، لهؤلاء الذكور الذين يعيشون فوبيا المرأة، لتكون المرأة لائحة عورات: اسماً، وصوتاً، وشكلاً، وإطلالة، وكتابة…الخ، ليجري تمثيلهن إثر حجبهن، بكتمهن، لحظة النظر في الأنشطة التي ينهمكون فيها، أو تقيَّد بأسمائهم، وتبقى المرأة هنا منطوقة كما هو مطلوب منها..

لا أملَ يُعقَد على هؤلاء الذين يطلقون شعارات غاية في التنوير والديمقراطية، بينما يكونون وحدهم وكونهم ذكوراً في الواجهة، يكونون في الصفوف الأولى وتغدو المرأة، مهما برزت فصاحتها أو فتنتها لهؤلاء زينة المجالس، أعني فاتحة شهية في ندواتهم الخاصة وعلى موائدهم.

لم لا؟ أليسوا ذكوراً كغيرهم من حولهم؟ الحديث عن نساء الأحزاب الكردية، لا يعني أنهن الاستثناء السلبي في الوسط الكردي، حيث نساء أخريات يعشن في الجوار، إنما هو الاستثناء الذي كان عليه ألا يلعب دور المضاف إليه، أو ” المفعول فيه” لحظة النظر في الرجال في موقع” الفاعل” الصريح، إنما يلعب الدور المشارك للرجل، في واجهة هذا الحزب أو ذاك.

كم تحتاج النساء هؤلاء من جهد ومقاومة ووعي سابر، ليكنَّ في مستوى المكانة التي تسمَّى باسمهن قيمياً؟ في المدى المنظور، لا مجال للانتظار طويل المدى، لأن لا أثر لكل ذلك، حتى يتحرر معالي” الأبوة” من فتنة الذكورة، والشعور أن ثمة تحديات تستوجب النظر فيها، تبدأ بمغالبة النفس الذكورية الغاطسة في سوء التجنيس، حتى ولو في عمر متقدم، فالمهم هو أن الجنس ذَكَر، وأن ثمة ذقناً نابتة تجلو علامة الرجولة بالمقابل.

لكم مضى على نساء الكرد، ونساء الأحزاب الكردية من حِداد( ولا عزاء مُجد ٍ)، وهن لما يتخلصن بعد من عدَّة الذكورة الفارضة عليهن؟ كَم تحتاج النساء هؤلاء زمنياً، ليصبحن ذوات مجتمعية، حزبية وغير حزبية كالرجال؟ نعم، بوسعي أن أسمع حديثاً عن الأرقام وليس عن الأعلام، عن أشباح نساء، وليس نساء من لحم ودم..! أيتها النساء الكرديات، نساء الأحزاب الكردية في الواجهة، أطلقن أيديكن في وجوه شهرياراتكن، حرّرنهم من عقدة الذكورة، لا تصدقن أن ثمة عيداً هو ” عيد المرأة الكردية”، إنما هو خداع واستدراج متعوي لكنَّ، لتعشن خداعكن الذاتي، بينما يستمتع الذكور بالحيلة المُنطلية عليكن، إنه عيد الذكورة الكردية المتحزبة، تحت يافطة نسوية، كما هو الواقع المعاش بألم.

إن الأمل الواعد يترسم في اللحظة التي تتحدثن فيها وتنظرن في وجوههم، وهم يصغون إليكن، ويلتزمون الصمت، دون أن تهبط راحاتهم إلى” الأسفل”، أو يتلمظون، أو… أو…!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…