مجلس الأمن يكرر خطأ الجامعة العربية

فدوى كيلاني
 

يعد قرار مجلس الأمن ذو الرقم 2042 والقاضي بإرسال ثلاثين مراقباً، إلى سوريا،لرصد الوضع ميدانياً إحدى المهازل الدولية الجديدة ضد الشعب السوري الذي يتعرض لإبادة حقيقية، من قبل النظام السوري، بينما العالم بالكامل صامت ولايتحرك، ولا يقدم للسوريين غير الوعود والكلام المعسول الذي يشجع النظام على مواجهة شعبه، بكل ماعنده من أسلحة وعتاد، بدون أي شعور بالحياء والمسؤولية الوطنية المفترضة.

وإذا كانت الأرقام تبين أن عدد المراقبين سيتضاعف، إلى حوالي 250 مراقباً، فهنا الطامة الكبرى لأن هذه الجهة الأعلى مسؤولية على مستوى العالم، يفترض بها أن تكون أمينة على دماء السوريين، بموجب المواثيق والعهود والقوانين، والواجب الأخلاقي من “الأسرة الدولية” تجاه شعب أعزل، ليس عنده إلا إيمانه بالثورة التي لابد ستكنس النظام السوري المجرم، وتحقق للشعب السوري حلمه بالحرية والعدالة والديمقراطية، وكل هذه المفردات الغائبة عن قاموس هذا النظام حتى وإن تشدق، ونافق وادعى أنه حاميها وراعيها، لأنه عدو الحرية وهذا ما عرفه السوريون بحكم معاناتهم الطويلة معه.
العالم الحر كله صار يعرف أن سورية أصبحت حقل تجارب لكل من الجامعة العربية، ومجلس الأمن، وأن الشعب السوري ليس الآن في موقع انتظار مثل هذه الوعود، بل إنه ضحى ودفع الغالي والسمين، من أجل استرداد حريته المنهوبة، وكرامته المغتصبة، وتشير أرقام منظمات حقوق الإنسان إلى أن أعداد الضحايا تجاوزت ال10 آلاف سوري، ومن بينهم الأطفال والنساء،كما أن الاقتصاد السوري واجه ضربة كبرى لايستطيع أن يستعيد عافيته بسبب عبء وحمل تكاليف حرب النظام على شعبه، حتى ولو بعد وقت طويل.
حمص لاتزال تقصف، وأعداد الضحايا في تزايد مستمر، ومحافظات كثيرة مثل درعا وإدلب وحماة وحمص صارت الحياة فيها مشلولة وهي محاصرة بالجيش والأسلحة، وعمليات الاختطاف والسلب والنهب تتم طيلة الليل والنهار، تحت ظل الجوع والبرد وانعدام الأدوية، وتحول المستشفيات إلى ساحات إعدام للجرحى والمرضى من قبل زبانية النظام
وأخيراً من الضروري بمكان أن تغير الأسرة الدولية من خططها لمعالجة الوضع السوري، وكل المبررات التي تقدمها هذه الأسرة كاذبة وملفقة، ولا صحة لها، وإن إنقاذ ما يجب إنقاذه من الأرواح  مطلوب من الجميع.

ولا أعرف كيف يستوي الفهم من قبل هذه الأسرة الدولية وهي تجد أن المجازر اليومية مستمرة، وإن أكبر مثال عليها مجزرة تفتناز التي ذهب ضحيتها 65 شخص من عائلة واحدة، على أيدي قوات أمن النظام المجرم والبغيض.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…