انطباعات عامة حول اجتماع المجلس الوطني الكردي في سوريا

  أمجد عثمان

انعقد المجلس الوطني الكردي السبت الموافق لـ 21/4/2012 بحضور 320 عضواً واقر برنامجاً سياسياً مرحلياً من ثلاثة عشر نقطة تأخذ بالاعتبار النواحي الواقعية والممكن التوافق عليها مع مختلف الأطراف الوطنية.
وبعد ثمانية عشرة ساعة متواصلة من الجدالات والحوارات السياسية والمنازلات التنظيمية يمكنني إيجاز انطباعي العام فيما يلي:
1- جل الأعضاء يؤمن إيماناً تاماً بأهمية الحفاظ على هذا المجلس، وبالنتيجة قبول معظمهم مبدأ التوافق كحجر زاوية وأساس للمحافظة على هذا المجلس الذي لا بد منه كوسيلة متطورة لتحقيق ما يمكن من أهداف شعبنا الكردي في سوريا.

2- تبلور تيارين قوميين كلاهما ينطلق في آراءه من فكرة الحق، لكنهما مختلفان في نقطة مهمة وهي أن كلاهما يغالي في وجهة نظره حيث يتخذ الفريق الأول من الحق والقانون والتطبيق صيغة نهائية لإخراج المواقف السياسية، بينما يرى الفريق الآخر بأن السياسة هي قبل أي شيء ممارسة متأثرة بظروف وشروط وإمكانات ومصالح.

3- جميع الأعضاء يخشى الاحتجاج بطريقة الانسحاب رغم استعمال عدد من الأعضاء لغة التهديد بالانسحاب، والسبب أن معظمهم بات مؤمناً بأن لا شرعية خارج المجلس وبهذا التحير كرسوا شرعية مجلسهم.

4- رغبة واضحة في التفاوض مع جميع الأطراف الوطنية في سوريا للتفاهم حول شكل الدولة السورية أولاً وحل القضية الكردية ثانياً مع الحفاظ على استقلالية كيان المجلس الوطني الكردي.

5- الجميع مع ثورة سوريا والجميع مع تثبيت الحق الكردي في أي وثيقة او عهد وطني.

الإدارة:

أحد العوامل التي أدت إلى سير أعمال المؤتمر بشكل أفضل والاستفادة من الوقت بشكل كامل تقريباً كانت إدارة المؤتمر الحازمة ما دفع الأعضاء للمشاركة بما يخدم النقاش بشكل مباشر دون الخوض في مقدمات وثرثرة استعراضية وبطولات قروية كما هي العادة في نقاشاتنا المعتادة وهنا أثني على أداء كلٍ من الأساتذة أحمد سليمان، فيصل يوسف والمحامية أسما في إدارة الجلسة.

الأحزاب:

تبقى الحارس الأمين للإرث الكلاسيكي والسياسة التقليدية كردياً وتمكنت بحنكة من خطف شعارات الثورة لإسقاط كل المحاولات الهادفة للنيل منها، وقد لا يكون الأمر غير مألوفاً خصوصاً إذا ما انتبهنا إلى أن الحراك الشبابي السوري-العربي بشكله العام يتمثل اليوم في “المجلس الوطني السوري” الذي يتألف من قوى كلاسيكية موجودة على الأرض أبرزها الإخوان المسلمون وقوى إعلان دمشق وغيرها من الأحزاب والشخصيات إضافة إلى ممثلين عن الحراك الشبابي.

التنسيقيات:

حضور متميز من قبل كتلة التنسيقيات يمكنني اختصاره من خلال مفردات كـ “حماس- ثورة- صراخ- ضجيج- تهديد بالانسحاب-ضغط- احباط- محاصصة)
وفي هذا السياق أستحضر مبدأ التوافق الذي كان أهم سمات المؤتمر، فشباب التنسيقيات يؤمنون بالثورة والثورة بغض النظر عن مكانها وزمانها لا تؤمن سوى بأهدافها وشعاراتها ووسائلها وترفض الثورة بطبيعتها الثورة المضادة، لذا فالثوار لا يحبذون الديمقراطية خلال ثورتهم، و يتقنون عقد مجالس ثوروية أما المؤتمرات العامة وصالونات السياسة فهي غير مستحبة عندهم لأن السياسة تستدرجهم للحوار وفي الحوار المذعن في نتائجه لآليات ديمقراطية لا وجود للرؤى المسبقة غير القابلة للطعن.

التفاوض:

أهم ما استوقف المؤتمرين كان الوفد المفاوض المنتدب والذي يمثل المجلس الوطني الكردي ويتواصل في الخارج مع قوى المعارضة السورية والعراقيل التي تعترض عمله وتحول دون نجاحه في التوصل إلى توافق مع القوى الوطنية، وبدا الأمر مختلطاً على بعض أعضاء المؤتمر فيما يتعلق بالغاية من التفاوض، من هنا يلزم التوضيح بأن التفاوض لا يكون بهدف التحاق المجلس الوطني الكردي بأي نطاق للمعارضة سواء المجلس الوطني السوري أو غيره، وإنما التفاوض يهدف إلى الوصول إلى صيغ تفاهم حول شكل الدولة السورية مستقبلاً وموقع الكرد وحقوقهم.
من الناحية الأخرى تم تحميل مقررات المؤتمر الوطني الكردي الذي عقد في 26/10/2011 مسؤولية فشل معظم الجولات التفاوضية ما دفع البعض للمطالبة بتعديلها! بينما لم يشير أحد لضرورة إجراء تعديلات في الوفد المفاوض ذاته.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…