النظام الحالي في سوريا يعد من بين الانظمة العربية الأكثر مزاودة على الوحدة العربية و تحرير الإنسان العربي، و الاراضي العربية المحتلة والدفاع عن الامة من اي اعتداء خارجي، وتحت ذريعة هذه الحجج بنى مؤسسة عسكرية ضخمة ، لكننا نشهد و العالم أيضاً و الواقع يتكلم بأن هذا الجيش قد أُعد ليس لهذه المهام بل لقمع الشعب السوري إذا ما اراد يوماً التحرر من عبودية فرضها النظام و مؤسساته ، و هذا مانشاهده اليوم.
اليوم نرى الشعب السوري بمعظم مكوناته و فئاته البسيطة منه وحتى الغير متعلمة يكتشف مدى نفاق فكر و سياسات هذا النظام، فالثورة المندلعة في سوريا ومنذ أكثر من عام لم تعد ترضى بأي حل دون رحيل النظام وتفكيك والغاء كل مؤسساته السياسية والفكرية ، و الايديولوجية و إعادة النظر للثقافة التي فرضها النظام على الشعب السوري.
برهان غليون لم يزُر يوماً شمال سوريا، و أقصد المناطق الكردية بهدف معرفة الطابع الديموغرافي لتلك المناطق، ولايمكن إعفاء الدكتور غليون إذا ماقال أحدهم بأنه يجهل تاريخ تشكيل الدولة السورية، و كيف ان الفرنسيين و معهم الانكليز إقتسموا تركة الإمبراطورية العثمانية وانشأوا هذه الدول الحديثة، وكان معيارهم المراعى في ذلك هو المصالح السياسية و الاستعمارية لتلك الدول، وهذا التقسيم لم يأتي منسجماً مع التركيبة القومية او الدينية لهذه المناطق،وبموجب هذا التقسيم دخل جزء من كردستان الطبيعية الى تشكيلة الدولة السورية .
رفض الكرد عام 1926 ضم مناطقهم الى الدولة التركية، و قرروا البقاء في اطار الدولة السورية، لهذا فإن عدم معرفة برهان غليون لتلك الحقائق تعد كارثة لشخص يشغل رئاسة المجلس الوطني السوري ، و يدعي تمثيله للشعب السوري بكل مكوناته القومية و الدينية و المذهبية، لكن ان يعلم هذه الحقائق و يبدي منها مواقفاً كالذي ابداه لجريدة روداو كما في بعض مقابلاته التلفزيونية، فهي مصيبة كبيرة، فما ان يكاد الشعب السوري يتخلص من نظام حتى يبتلي بآخرين، يطمحون الفوز بالسلطة وليس بناء دولة جديدة وعصرية بكل المعايير، دولة شراكة بين الكرد و العرب ، دولة يتساوى فيه كل المكونات من قومية و دينية و طائفية ، دولة يتساوى المرأة مع الرجل ، نظام سياسي يضمن الحريات الفردية ، و الجماعية يحترم حقوق الانسان ، و يلتزم بالعهود و المواثيق الدولية.
ان أجوبة الدكتور برهان غليون لا تعد فقط انكاراً للتاريخ و الجفرافيا، بل انها تعد أيضا نكوصاً لوثيقة “العهد الوطني لسوريا المستقبل” والتي فصّلها المجلس الوطني على مقاسه و وفق اجنداته، والتي يرفض الكرد التوقيع عليها.
لا شك ان الدكتور غليون لم يكن منصفاً و موفقاً في اجاباته مما أثار حساسية وردات فعل كبيرة في الشارع الكردي المنتفض، مما حدى بالمجلس الوطني السوري و على لسان السيد احمد رمضان الى التنصل من اجابات غليون و تبرير متكرر لمواقف المجلس و تصريحات رئيسه و خاصة فيما يتعلق بالموقف من القضية الكردية و رفض الاوراق الكردية المقدمة مراراً الى المجلس الوطني و في عدة مؤتمرات.
هذا ما سنقف عنده في مقالنا التالي.
20/4/ 2012