قبل أن نأخذ مواقعنا أمرنا بالركض إلى الدوش والتي كانت عبارة عن أنابيب مياه عالية مغروسة في العراء مزودة بصنابير ومفاتيح دائرية حمراء لفتح وإغلاق الماء البارد فقط والعودة خلال دقيقة واحدة.
نفذنا الأمر ثم عدنا للاصطفاف على رتل أفقي وبدأ الضابط الأهوج بالسؤال (بردا نين) ؟
عندها فقد المشرف صوابه من شدة الغيظ وقال: نبدأ من أول وجديد على الدوش وثم العودة خلال دقيقة واحدة والوقوف هنا في الخارج حتى شروق الشمس, العقوبة جماعية.
المجتمع الدولي يتصرف حيال التراجيديا السورية إما بسذاجة منقطعة النظير, وأما أن هذا هو أفضل عرض لديهم لحل الأزمة السورية.
كوفي عنان ومن معه من الدول في مجلس الأمن باستثناء روسيّا والصين في وادي .
ونظام البعث في وادي آخر وكل يغني على ليلاه.
دعنا نلقي معا نظرة على خطة عنان للسلام من وجهة نظر حكومة الأسد:
وقف إطلاق النار: يعني أن يسلّم المنشقين سلاحهم بموجب عفو ومكرمة رئاسية وبعد طلب العفو والمغفرة.
إطلاق سراح المجرمين والاحتفاظ بالمعارضين السياسيين في السجون .
السماح بالتظاهرات المناوئة والتي تتم تحت إشراف الحكومة, بشعارات معارضة تختارها لهم, لا تتجاوز حدود المطالبة بتحسين التيار الكهربائي والعمل على إتاحة فرص العمل, تامين المواد الغذائية وتوفير وسائط النقل الداخلية أو إحالة موظف من مرتبات الدرجة السابعة الى المحاكمة بتهمة الفساد وخلافه.
السماح للمراقبين الدوليين من البلدان التي توافق هي عليها بالدخول تحت غطاء الدولة وفي الأماكن التي تختارها هي لهم وإلا فإنها لا تستطيع ضمان سلامتهم , بالتالي قد لا يكون حظوظهم أوفر من حظ ماري كوافين.
السماح للمساعدات الإنسانية والتي أيضا سوف يتم نهبها من قبل أزلام النظام .
الحوار مع المعارضة المستنسخة من البعث ومع من يريد أن ينصهر معهم فالحكومة البعثية سوف تستمر في سياسة تعدد الأحزاب , لديها الجبهة الوطنية التقدمية الموالية والآن يسمح بجبهة وطنية تقدمية معارضة, أين المشكلة ؟ بيدها توزيع شهادات الوطنية والتخوين.
النظام البعثي السوري بإمكانه خلق عشرين حزبا معارضا بين ليلة وضحاها.
والرئيس يبقى الرمز لكل السوريين و فوق كل هذه الترهات, و تحت مظلته يعيش الشعب السوري من كل الأطياف والمعتقدات في استقرار ووئام وألفة.
هذه النظرية يعود سفير الغفلة بشار الجعفري ويؤكد عليها من خلال محاولته التخويف من الحروب الطائفية في سورية من خلال خطبته بمجلس الأمن في الأمم المتحدة عند مناقشة مسألة إرسال المراقبين لتنفيذ خطة عنان ومحاولته استدرار عواطف الغرب من خلال اشارته على أن نظام سيده هو النظام الأخير في المنطقة الذي يتعايش تحت ظله أديان ومذاهب وقوميات مختلفة ولذلك تحاك ضده المؤامرات والمكائد.
أليس من الإجحاف أن يتبوأ شخص مثل الجعفري منصبا مماثلا لبطل مثل الدباشي سفير ليبيا الذي كان له دور هام في إنقاذ شعبه من براثن القذافي .
مرة أخرى وفسحة زمنية جديدة وطويلة لزهق أرواح المواطنين السوريين, لا أقول هذا بدافع التشاؤم بل لأن كل الدلائل توحي بذلك, روسيا, الصين وإيران يريدون الحل مع بقاء الأسد والقضية السورية قد تجاوزت هذا الخيار منذ أمد بعيد, أي لا سبيل إلى وقف إراقة الدماء السورية دون انتقال للسلطة من بشار الأسد و طغمته.
هذا المطلب لن ينفذه بشار الأسد طواعية ولا من يلتف حوله.
معركة الاستنزاف سوف تستمر على المجتمع السوري فقط لا غير فالجيش السوري الحكومي هم جنود من أبناء الشعب السوري والثوار من أبناء الشعب السوري والأسد ومن معه من النبلاء السادة لا يخوضون المعارك على أحصنتهم بل يصدّرون الأوامر بالقتل بنفس الوقت الذي يمارسون فيه حياتهم المترفة.
الآن بعد الدابي ومراقبيه يبدأ السيد كوفي عنان ومراقبيه من أول وجديد وعقوبة جماعية لكل السوريين .
فرمز حسين
ستوكهولم 16-04-2012
farmaz_hussein@hotmail.com
stockholm-sham.blogspot.com