فإذا كان هدف الأحزاب الكوردية في سوريا هو تامين الحقوق القومية للشعب الكوردي و الدفاع عنها فعلا , ألم تكفي خمسين سنة لتحقيق و لو جزء بسيط منها؟ و لكن لماذا و كيف استطاعت هذه الأحزاب أن تحافظ و تدافع عن أنفسها و تتكاثر؟ فلنرجع إلى الوراء قليلا و نذكر الأحداث كما حدثت والوقائع كما وقعت:
فلننسى الماضي و لنقل عفا الله عما مضى و نحن أولاد اليوم و الآن في سوريا ثورة تريد إسقاط النظام و تطالب بالحرية و الكرامة و إعادة الحقوق إلى أصحابها.و هي فرصة تاريخية للشعب الكوردي في سوريا أكثر من غيره لاستعادة حقوقه القومية المشروعة , و بالفعل لم يقصر الشباب الكوردي فقد أسسوا تنسيقيات مستقلة عن الاحزاب و نزلوا إلى الشارع و كسروا حاجز الخوف و الأمن و اتسعت دائرة التظاهرات يوما بعد يوم لتشمل معظم المدن و البلدات الكوردية ليقولوا لإخوتهم ها نحن معكم و شركاء في الثورة لأننا شركاء في الوطن ,فلنا ما لكم و علينا ما عليكم.
طبعا هذا الأمر لم يعجب الأحزاب الكوردية , لأنهم رأوا في ذلك بديلا لهم ,و خطرا على وجودهم , الامر الذي جعلهم يبحثون عن وسيلة لضرب هذه التنسيقيات و تشتيتهم ,فوجدوا ذلك في عقد مؤتمر للاحزاب و لكن بغياب اكثر من نصفها مع بعض الشخصيات على اساس انها مستقلة و لكنها تابعة لهم واصبحو يدافعون عن الاحزاب و وجودهم اكثر من الاحزاب , و تم تشكيل مجلس وطني كوردي (نسخ, لصق) و قاموا بتشكيل تنسيقيات تابعة لهم و على شاكلتهم ثم نزلوا الى الشارع في مسيرات و في ايام غير الجمعة و رفعوا لافتات المجلس الوطني الكوردي يمثلني و في ايام الجمعة كانوا يبعثون بعناصرهم الى اماكن المظاهرات لرفع لافتات تحمل شعارات حزبية و قد اصدرت تنسيقيات الشباب في كل من الحسكة و عامودة و ديرك عدة بيانات بهذا الخصوص دون جدوى و بهذا حققت الاحزاب الكوردية هدفها في الداخل بالقضاء على البديل و احتواء الشارع المنتفض.
اما في الخارج و عندما تشكل المجلس الوطني السوري و الذي كان يضم عدد لا بأس به من الشخصيات الكوردية المستقلة الامر الذي شكل قلقا و إحراجا للأحزاب الكوردية و خوفا منهم ان يصبحوا بديلا لهم في المستقبل بعد سقوط النظام و يحققوا للشعب الكوردي ما لم تستطع هذه الاحزاب تحقيقه, فذهبوا الى القاهرة و تونس و استنبول ليس بهدف الانضمام الى المجلس الوطني و المشاركة في مؤتمرات وحوارات المعارضة السورية و الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي و انما لاقناع تلك الشخصيات الكوردية للانسحاب من المجلس الوطني السوري و بالفعل نجحوا في ذلك ايضا.
اذا حققت الاحزاب الكوردية اهدافها في الداخل و في الخارج كما خططوا , و ماذا بعد؟و لكن السؤال المهم و الجوهري و الذي يساله كل مواطن كوردي غيور هو: ما البديل عن كل ذلك؟ و ما هي قوة الشعب الكوردي لوحده في سوريا؟ و ما هي امكانيات ووسائل و آليات العمل لدى هذه الاحزاب لانتزاع حقوق الشعب الكوردي و الدفاع عنها؟ الم يثبت تاريخ الشعب الكوردي بان احد اسباب حرمانه من حقوقه هو بعده عن مراكز صنع القرارات وعدم مشاركته مع شركائه في المؤتمرات و الدخول معه في الحوارات؟ لقد اثبت العمل الحزبي الضيق فشله, و هذه الثورة هي ثورة شعبية و ليست ثورة احزاب انه ربيع الشعوب ضد الظلم و الطغيان و كل ما هو قديم و تقليدي , انها ثورة الحرية و الكرامة.
13/4/2012