وفق أسس اللامركزية السياسية ، تكون فيها سوريا وطناً حراً لا استبداد فيه و لا اضطهاد… ، ويتمتع فيها جميع أبنائها على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية… ، بحقوقهم الوطنية الديمقراطية والقومية المشروعة.
كما أظهر الشعب السوري أيضاً وعياً كبيراً وتلاحماً رائعاً ، تجسد في الشعارات المرفوعة في التظاهرات الجماهيرية في مختلف المدن والقرى والبلدات السورية ، وكذلك في تسميتة لأيام الجمعة من كل أسبوع ، ما أجهض وأفشل إلى حد كبير كبير ألاعيب النظام ودسائسه في محاولته اللعب على الورقة الدينية أو الطائفية أو القومية… ، حيث من المعروف أن المجتمع السوري يزخر بالتعدد والتنوع القومي والديني والطائفي… ، وهذه الورقة طالما استخدامها في المراحل السابقة ، بهدف استمراره وديمومته وبقائه في السلطة.
ولا بد أن نشير هنا إلى أن سلسلة الجرائم والممارسات الإرهابية التي تحدث في المناطق الكردية ، من القتل والتهديداءات والاغتيالات السياسية..
, إنما تشكل محاولات منظمة من قبل النظام وأجهزته الأمنية لزرع بذور الخوف وضرب السلم الأهلي وزرع الفوضى في المناطق الكردية ، ولجر أبناء شعبنا الكردي إلى صراعات جانبية هامشية , تبعده عن استمراره في المشاركة بالثورة السورية , لتحقيق حقوقه القومية المشروعة على أساس احترام حقه في تقرير مصيره بنفسه ، والذي يتجسد في الصيغة الفيدرالية في إطار وحدة البلاد.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أيضاً ، أن النظام السوري , ورغم موافقته على خطة السيد كوفي عنان مندوب الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا ، من أجل وقف القمع واستخدام العتف والقوة المسلحة… وسحب المظاهر المسلحة من المدن والبلدات السورية، لا يزال مستمراً في سياسته القمعية القائمة على ارتكاب كل أنواع الفظاعات بحق الشعب السوري ، مما يدل على أنه يماطل وأنه غير جدي في تطبيق الخطة المذكورة ، ولا يبغي من موافقته تلك ، إلا كسب المزيد والمزيد من الوقت.
لكن ومما يؤسف له ، مقابل هذا القمع الدموي السلطوي ، وأيضاً مقابل هذا التكاتف الميداني للشعب السوري ، بقيت المعارضة السياسية السورية عموماً وبمختلف تياراتها وألوان طيفها السياسي ، مشتتة ومنقسمة على نفسها ، وتعاني من الشد والجذب والصراعات فيما بينها ، وفي داخل كل تيار من تياراتها أيضاً ، ولم تستطع حتى الآن ، الاتفاق على الخطوط العريضة والقواسم المشتركة فيما بينها ، ولما يجب أن تكون عليه سوريا المستقبل ، وكذلك بالنسبة لحقوق المكونات القومية المختلفة فيها ، وخاصة الحقوق القومية لأبناء شعبنا الكردي ، الذي لا يزال يعاني من سياسة الاضطهاد والتمييز… ، وتطبيق المشاريع العنصرية والإجراءات والتدابير الاستثنائية بحقه ، وحرمانه من جميع حقوقه القومية الديمقراطية المشروعة ، حيث لا يزال السقف الذي تحدده هذه المعارضة لحقوق الكرد ومطالبهم القومية ، لا يتجاوز سقف حقوق المواطنة ، باستثناء المجلس الوطني السوري ، الذي ارتقى قليلاً في صيغته المقدمة إلى المجلس الوطني الكردي ، حول واقع وجود الشعب الكردي في سوريا وحقوقه القومية… ، ولكنه أيضاً بقي قاصراً ولم يرتقي إلى مستوى آمال وطموحات أبناء شعبنا الكردي في سوريا ، وكذلك إلى مستوى تطلعاتهم القومية المشروعة ، رغم اللقاءات العديدة التي أجرتها معهم وفد العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي في الفترة الأخيرة في كردستان العراق.
وقد كان مؤتمر المعارضة السورية ، الذي عقد في مدينة استنبول التركية في السادس والعشرين من الشهر الجاري ، من أجل التوافق على ” وثيقة العهد الوطني لسوريا الجديدة ” استجابة لدعوة جامعة الدول العربية ، فرصة جيدة لإنهاء واقع التمزق والانقسام والتشتت… في جسد المعارضة السورية ، ولكنه أيضاً لم يحرز ذلك النجاح المطلوب ، بسبب سيطرة عقلية التفرد وسياسة الإقصاء والتهميش… ، الممارس من قبل بعض الأوساط المتنفذة فيه بحق الآخرين ، وكذلك بسبب غياب آلية للتنسيق والتشاور… بين تياراتها وأطرها وكتلها… المختلفة ، فيما يتعلق بالتحضير له وإعداد وثائقه ، وتجاهل الحقوق القومية للشعب في في هذه الوثائق ، وهذا ما حدا بلجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي في سوريا ، التي كانت مدعوة للمشاركة فيه وكذلك الكتلة الكردية في المجلس الوطني السوري إلى الانسحاب من المؤتمر.
وفي نفس السياق فإن المعارضة السياسية الكردية ، تعاني هي الأخرى مثلها مثل المعارضة السورية عموماً ، من ظاهرة التشتت والانقسام…، رغم الانجاز الكبير الذي تحقق في الفترة الأخيرة بانعقاد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ، والذي يعتبر بكل المقاييس خطوة كبيرة وهامة في الاتجاه الصحيح بالنسبة للحركة السياسية الكردية وأيضاً بالنسبة للشعب الكردي في سوريا.
وقد جاء انضمام أربعة أحزب كردية جديدة وبعض التنسيقيات الشبابية إليه ، في الفترة الأخيرة ، وهي : ( حركة الإصلاح ، البارتي الديمقراطي الكردي – سوريا ، حزب يكيتي الكردستاني ، حزب الوفاق الديمقراطي الكردي السوري ) ، ليعزز هذه التجربة الجيدة ويعطيها أهمية أكبر على طريق تطويرها وتوسيعها ، لتحتوي جميع التيارات والأحزاب السياسية والشرائح الاجتماعية والفعاليات الثقافية والحقوقية والمدنية في المجتمع السوري ، ولتصبح بالفعل ممثلاً حقيقياًً للشعب الكردي في سوريا ، وملبياً لطموحاتهم وتطلعاتهم وآمالهم القومية والديمقراطية المشروعة.
وبرأينا فإن توحيد صفوف المعارضة السورية على اختلاف ألوان طيفها السياسي والقومي وبكافة فصائلها وتياراتها وأطرها… ، على الخطوط الأساسية لمستقبل سوريا ، وإنهاء حالة الانقسام والتشتت… الحاصل فيما بينها ، بأسرع وقت ممكن ، يساهم بشكل كبير في عملية التعجيل في اسقاط النظام ورحيله وإنهاء حالة الاستبداد ، وكذلك للتصدي لتحديات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها على مختلف الأصعدة.
أواخر أذار 2012
اللجنة السياسية
لحزب آزادي الكردي في سوريا