على العموم اقبلوا مني الموضوع من باب النقد الايجابي البناء، لا من باب التهجم والاستعداء، انطلاقا من مبدأ ان لم تكن مجنونا فلا شيء يعيبك اذا فكرت بعقلك في زمن لايقبل الاخطاء، نحن فيه باشد الحاجة للإحساس المتوازن بالواقع بعيدا عن الاستلاب العاطفي، ومعرفة الواجب فعله في هذه المرحلة المصيرية من حياة شعبنا، بغض النظر عن كمية الضباب المؤلف من ثلاث كلمات (الخوف ، الالتزام ، الذنب) التي تضخ لتضليل الراي العام الكوردي حول العلاقة مع الاخر المتمايز قوميا في سوريا المستقبل، كما يفعل النظام وادواته واعلامه وابواقه في تضليل الشعب السوري وتحويله بشكل ممنهج كما يتم منهجتنا الى اسرى الخوف من مستقبل اسود قادم، فاذا تركناهم سيحكمنا الاصوليين والمتشددين والسلفين والمندسين والشوفينين، واننا مجبرون على الدخول في صفهم لنبقى في مستوى الفهم المحدود داخل نطاق التحكم، او نكون المذنبون.
لكي نكون اكثر واقعية حتى لاتتهمنا الابواق الحزبية بالابتعاد عن القومية، كما يفعلون الان في منابرهم الحزبية، فكلنا نسعى الى وحدة حقيقية للصف السوري المعارض كورديا وعربيا، لاننا نريد الحرية التي انتفضنا وضحينا بدمائنا لاجلها، لكن لانريد الشعارات المجردة الخاوية في حين دلالة الافعال الوضيعة للداعين لها تثبت عكس ذلك من خلال تشتيتهم للصفوف، وتقسيمهم للشعب، وتخريبهم للاحزاب، وتفريخهم لتنسيقيات ثورية وهمية تضلل على التنسيقيات الحقيقية لشباب الثورة.
كلنا نريد عدم بلوغ مرحلة صراع كوردي كوردي بين الاشقاء بدلا من مواجهة العدو الرئيسي وهو الديكتاتور الدموي ونظامه العصاباتي المستولي على الحكم في سوريا، لكن وضاعة الدوافع التي يخفيها الداعين له يجعلنا نبتعد عنهم الف ميل، لان هناك صف كوردي لايرى سوى نفسه يحمل السلاح ويقتل الثوار الكورد لمصلحة نظام الاستبداد، وهناك صف اخر ايضا لايرى سوى نفسه يطلب من المقتول ان لايتسبب بصراع كوردي كوردي وهو مقتول سلفا ويحمله ذنب الصراع اذا حدث ويغطي سياسيا على القاتل، وكلاهما ينادي بمستقبل من الاوهام العظيمة في استخفاف مبتذل بعاطفة الراي العام دون توضيح الاستراتيجية العملية الكفيلة بالتاثير بالواقع السياسي، فقط يكتفون بسطحية الشعار، وعفوية المصفقين، وتحويل منزل مهجور الى مدرسة كوردية يتم استخدامها للتجنيد الحزبي.
كلنا نريد مستقبل افضل لسوريا وكوردستانها السورية ، لكن ليس بشعارات الاحلام والاوهام التي ينادي بها منحطي الافعال والاعمال، من حقنا ان نفكر بكوردستان سوريا في ظل سوريا المستقبل بكل مقوماتها القومية والوطنية، لكن يعرف عقلاء السياسة بان الامر لايتوقف على سطحية الشعار، وعفوية تبنيه، ومحدودية استيعابه، بل يحتاج الى الواقعية السياسية، يحتاج الى قيم نعتمد عليها، ومعايير نقيس بها التطور الحضاري الارتقائي للشعب السوري لتؤدي بشكل حتمي الى تطور النظام السياسي بعد عقود من الحكم الديكتاتوري، وعقود من التشوه السياسي الذي خلقته الاحزاب المشوهة خلقيا بحيث غيرت القاعدة الرئيسية السائدة سياسيا، وهي ان الشعوب تختار وتدعم احزاب سياسية لتمثلها وتحقق طموحها، في ما تنعكس هذه القاعدة في الشرق الاوسط وتحديدا عربيا وكورديا بان الاحزاب تستثمر الشعوب وتسخرها لتحقيق مطامعها الحزبية لا السياسية، واجندات ايديولوجياتها المريضة خلقياً، بحيث يتم تجاهل كامل لأهم القيم والمعايير التي تؤدي الى الارتقاء الاجتماعي والسياسي في المجتمع، وهي الممارسة الديمقراطية في ظل حرية المجتمع، فبدون الحرية والديمقراطية لايمكننا الوصول الى اي صيغة سياسية تؤسس للسلام والتعايش المشترك، وزيادة الوعي التشاركي لوطن واحد بين مكونات متمايزة قوميا.
فالشايب الذي عاصر ديكتاتوريات الاسد الاب المقبور والابن المعتوه، ولازال اميناً عاما لحزبه منذ اكثر من خمس وخمسون عاما، كيف له ان يطالب لنا بالحرية والديمقراطية ويمثلنا في سعينا لها، وهو الذي يقبر اعضاء حزبه وانصاره تحت حذائه منذ عقود، بينما يستطيع هذا الشايب التغني بالفيدرالية وحق تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا ليل نهار على الفضائيات وفي المؤتمرات لانه يريدها فيدرالية ديكتاتورية، ومصير اسود لكل الشعب الكوردي تحت عبائته الانتهازية، كيف له ان يطالبنا بتوحيد الصفوف وهو ملك الانشقاقات وتخريب الوحدة السياسية منذ ان زاول العمل السياسي، فاي عار واي ذنب سوف نجلبه لشعبنا في نفاق التصفيق لهؤلاء الممثلين، وامثالهم يستولون على دمائنا ..نعم…يسلبوننا ثورتنا …نعم…يدعون تمثيلنا ولاحول ولاقوة لنا لكي نحافظ على وحدة الصف الكوردي وننسى الحرية والديمقراطية واسقاط الديكتاتور…واذا سقط الديكتاتور سنصفق لديكتاتور اخر جلبناه بايدينا وسلطناه على رقابنا، فلا هم يمثلوننا، ولا الشوفينين العرب يمثلون السوريين العرب، ولا كلاهما يمثل سوريا المستقبل.
هذا لايعني باننا لانريد نظاما سياسيا لامركزيا يحقق الاستقرار السياسي ويحمي سوريا من الديكتاتورية المركزية، ويضمن التعايش المشترك لكن ليس بالمفهوم التقليدي السطحي الذي يتم تناول الشعار به كطفرة بمعزل عن مايسبقها من مراحل، بل وفق منطق الارتقاء المنطقي، فبدون اتحاد كافة المكونات السورية اجتماعيا وثوريا وسياسيا المقصود به صفوف المعارضة الحقيقية لا الصورية المعرقلة لن يكون هناك تحرر من الديكتاتور، وبدون الحرية لن يكون هناك ديمقراطية، وبدون الديمقراطية لن يتمكن الشعب من اختيار نظامه السياسي، وبدون الاحترام للمتمايز قوميا لن يكون هناك تعايش مشترك، وبدون وعي المكونات السورية بالمستقبل الانسب والافضل لسوريا لن يكون هناك لامركزية، وبدون هذه المراحل مجتمعة تصبح الوثائق والضمانات التي تطالب المعارضة السياسية بعضها البعض على توقيعها مجرد حبر على ورق.
لذا على السادة في المعارضة السياسية كورديا وعربيا التركيز على اسقاط النظام بدلا من تضيع الوقت في مهاترات انكار بعضهم البعض، لانهم غير مؤهلين في هذه المرحلة لضمان الحقوق بل الشعب وحده يضمن الحقوق، والشعب الكوردي هو وحده يضمن حقه في المستقبل السوري، ولاينتظر اشخاص لضمانها، لان بدون الكورد لن يكون هناك مستقبل لسوريا، الا اذا كان هناك مآرب اخرى للمماطلة السياسية في المعارضة المتعصبة كورديا وعربيا، عندها سنعتذر منهم لاننا لم نعد للاستهلاك المحلي، فنحن دعاة مستقبل، فليهمشونا ماستطاعوا، ويعزلونا من الحياة السياسية ما قدر لهم، وليتهمونا بالخوراج والمرتدين والمندسين والسلفيين، وليقتلونا ان ارادوا، لكن لن يتمكنوا من تجريدنا من ثورتنا ومن قوميتنا ومن وطننا، ولا حتى من ارادة الحرية التي نملكها، الحرية التي لم يريدونها يوما، فثورتنا مستمرة حتى النصر وبعد النصر سنظل نضحي بدمائنا حتى ننال المستقبل السوري الذي نتحضر له ، ولن نسمح لهم بان ينالوا الديكتاتورية البسيطة التي يتحضرون لها بعد اسقاط اعتى الديكتاتوريات الدموية في التاريخ.