يتلعثمون على «الإسقاط» .. ويطالبون باللامركزية السياسية !!

عمر كوجري

استطاع المجلس الوطني الكردي، وبعض الكتلة الكردية الموجودة في استنبول قبل أيام أن يجعل المتظاهرين الكرد ولأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية يحيدون عن التسمية المتعارفة عليها من قبل جميع التنسيقيات الشبابية في سوريا، وخرجت الجموع الكردية في الجمعة الماضية تحت مسمى جديد سمته جمعة «الحقوق الكردية».

دلا معظم كتابنا الجيدين والمبتدئين بدلوهم في موضوع انسحاب الكرد أو المجلس الكردي من مناقشات المعارضة السورية قبل انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا، وذلك للخروج بصيغة توافقية ونظرة مستقبلية للمعارضة السورية، وتوحيد صفوفها ورؤاها حتى تشكل لها وزنها الدولي، وهذا ما حصل، وقد اعترفت أربعٌ وثمانون دولة بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري.
هذه الغزارة في الكتابة عن الموضوع جعلتني احتار ماذا سأضيف جديداً؟! لكن بودي قول شيء آخر ربما رفضه، ويرفضه العديد من الزملاء.
كان من المفترض أن ينضم المجلس الوطني الكردي لمجموعة وثيقة العهد الوطني، وتحتفظ الكتلة برأيها، بل وتدافع عن آرائها، لأن صقور المعارضة السورية، وحتى الذين كانوا على افتراق مع المجلس الوطني قرؤوا اللوحة جيداً، وعرفوا أن المجتمع الدولي سيعترف بالمجلس الوطني كممثل شرعي عن المعارضة السورية، وبذلك كل من لا يكون قريباً من ذلك الوعاء سيعود خالي الوفاض، وهذا ما حصل بالفعل.
نعم، كان من المفترض ألا يحدث تجاهل كما قيل بقضية الشعب الكردي القومية في وثيقة العهد الوطني، لكن الانسحاب برأيي لم يصب في خانة المصلحة الكردية في سوريا، ومن قال إن تركيا ضغطت على المجلس الوطني لإبعاد الكرد من المعارضة لم يعطونا وثائقهم بخصوص ذلك!!!
  وطالما أن فضائية الدنيا والفضائية السورية والإخبارية قد هللت للخروج الكردي من اجتماع المعارضة السورية في استنبول، هذا يعني أن ثمة خللاً ما حتى يهلل إعلام النظام بهذا الانسحاب، لا بل أن تجمعاً صغيراً لأنصار النظام في إحدى  ساحات العاصمة هتف بـ « الله محيي الأكراد الوطنيين الذين انسحبوا من مؤتمر ” العملاء”!!!
لقد فهم الانسحاب الكردي أنه مغازلة ومهادنة للنظام مهما كانت النوايا، بل تجاوز البعض ليقول ولو همساً أنه تخاذل، وأن الاحزاب الكردية إلى الآن لم تقرر مصيرها مع النظام، فرجل مع النظام، ورجل مع الثورة، وهذا ما صرح به جهاراً أحد القادة الكرد قبل أشهر قليلة!!
طيب، لماذا غالى الوفد الكردي في طلباته حتى عدت أبعد عن التحقق، وفهمت طبعاً أن الكرد يطالبون بالفيدرالية والكونفيدرالية، وهذه الشؤون ليست شؤون معارضة لم تستلم الحكم بعد؟؟ لماذا الكرد والمجلس الوطني تحديداً في اجتماعاته وتداولاته لم يستطع أن يخترق جدار الخوف، ولم يرفع شعار إسقاط النظام كما ترفعه كل فعاليات الثورة السورية وفي كل مكان في سوريا؟؟ وهناك تتشاطر، وتتشجع، وتطالب بالأكثر الكثير مما طالبت به هنا في ساحة المعركة؟؟ إذن: المجلس الكردي لن ينضم مطلقاً للمجلس الوطني السوري!!
البارحة، صدرت الوثيقة الوطنية حول القضية الكردية وفي اجتماع صحفي مباشر على الفضائيات العالمية، وعدت جزءاً من وثيقة العهد الوطني، وفي استنبول بالتحديد، وتمركزت حول نقاط لعل من أهمها  تأكيد المجلس الوطني السوري والقوى الموقعة معه على «التزامها بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية، واعتبار القضية الكردية جزءاً أساسياً من القضية الوطنية العامة في البلاد، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً»
أعتقد، أن من يرى أن ذلك مناورة ولعباً بالورقة الكردية يعاني من ضيق في الأفق السياسي، وخاصة أن رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، أعاد، فكرر نفس التزامات المعارضة السورية في مؤتمر تونس بخصوص القضية الكردية وأمام وزراء خارجية أربع وثمانين دولة.
إذاً ماذا ينتظر الكرد؟؟ ولم هذا الدلال اللامبرر بأنهم بيضة القبان ووو في المعارضة السورية؟؟
الكرد ورقة هامة نعم، يدرك هذا النظام، وكذلك المعارضة، المطلوب حسم المواقف بشكل واضح.
 هل يمكننا مقارنة القامشلي بحمص مثلاً؟؟ الناس قدمت ضحايا بالآلاف، وثمة ناس «فلترت» نضالها حول موضوعة الحد الأدنى، تحت حجج مختلفة لعل من أشنعها: لمَ تُرِكنا وحدنا في ميدان الـ 2004 واتهمنا بالخيانة وو..

هذه الصفحة طوتها دماء الشهداء كل يوم، وكل ليلة!!  
emerkoceri@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…