التشرذم الكردي في ظل التشعب الحزبي

د.

كسرى حرسان

كان من الطبيعي أن يفرز التاريخ الكردي ولادة الأحزاب، بسبب الانتقال الاضطراري إلى النضال السياسي، وهذا الأمر ليس بالعاب بقدر ما فيه من مِيزة.
غير أن الانشقاقات الحادة والمتكررة التي حصلت منذ عقدين من الزمن كانت عجزاً وعالة على وحدة الصف الكردي الذي هو في غنىً عن كثرة الأحزاب، ولكنه بحاجة إلى الوحدة والتضامن لمجابهة التحديات المصيرية.
ومن هنا فللانشقاق أسباب غير موضوعية، فهي لا تتعلق بإيجاد ديناميكية معينة في العمل السياسي، بل يُلهي التشعب الحزبي عن المهامّ الحقيقية كما يخلق جو القلق وعدم الاستقرار.

تُردّ دوافع الانشقاق في مجملها إلى جلب مصالح شخصية أنانية وأهواء ذاتية وضيعة، أو تسنم مناصب فردية، وتعزى كذلك إلى غايات مُغرضة لجهات خارجية معادية من أجل إحداث شرخ عميق في الوحدة الكردية، بغية إفقادها القضية الرئيسة وتتويهها في ترهات ثانوية لا توصل إلى المأرب أبداً.
فالانشقاق الحزبي تحايل على الشعب الكردي وكذب مزخرف يراد به إبراز مقدرات وهمية وتصحيحات خيالية، والإخلاص هو أن يذوب المناضل في الانتماء ويتفانى في الخدمة، لا أن يسعى وراء السيادة والمناصب والتقوقع.
ثم أيُّ هدف وأية غاية للانشقاق إذا كان ضد آمال الشعب وتطلعاته وإذا كان المراد منه الإخلال بالدور القيادي، وعندئذ يفقد التمثيل الشعبي حتى بمعناه الساذج.
والناظر في حياتنا السياسية الكردية يلاحظ بالإضافة إلى ربيع آذار مع إيذان نوروز بالرحيل هذا العام ربيع تكاثر الحزيبات، لكن كفانا تشرذماً وخلافاً، لاسيما ونحن بصدد مرحلة عصيبة وأزمة عويصة قد تنتج – وحالنا هذه – تصارع الأحزاب.

ولذلك فوحدة الصف الكردي اليوم من أولويات مستلزمات نضالنا الحالي، ولن يتأتى ذلك إلا بالتنسيق والوفاق ونبذ الخلافات قبل أن يسبقنا سيفُ العذل.
أما الطفيليون فعليهم أن يغادروا الموائد، لأن الساحة السياسية ليست استراحة أهواء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…