فعلى الصعيد العالمي أبدى الاجتماع ارتياحه من تنامي وانتشار الديمقراطية في العالم ، وتنامي دور منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والمنظمات التي تدافع عن حقوق الشعوب والأقليات المضطهدة ، وتراجع عدد النظم الاستبدادية والشمولية ، وتضاؤل دورها في العالم ، وحصول العديد من الشعوب على استقلالها ، وتنامي كفاح بقية الشعوب من أجل الحصول على حقوقها المشروعة ، كما توقف الاجتماع ملياً على تقرير لجنة بيكر – هاملتون بصدد العراق حيث دعا التقرير في أحد بنوده إلى إعادة النظر في الدستور العراقي والذي يتعارض بشكل كامل مع مصالح العراق حيث أقرت كافة شعوبه الدستور الدائم وهي الجهة الوحيدة والمخولة لاتخاذ هذا القرار ، أما فيما يتعلق بإعادة توزيع عائدات النفط ووضعها بشكل كامل تحت سيطرة الحكومة المركزية أي بما معناه قطع علاقة حكومة الإقليم بها قد أكد الاجتماع أن هذه التوصية هي إجحاف بحق الشعب الكردي وتتناقض مع مصالحه ، لذا فهي مرفوضة من قبله ، أما التوصية الواردة في أحد بنوده والمتعلقة بتأجيل البت في قضية كركوك تعتبر إجحافاً بحق الشعب الكردي وخروجاً عن إرادة الشعب العراقي ومصالحه وضرباً لاستقراره ، فقد رأى الاجتماع أن حل هذه القضية ( قضية كركوك ) في وقتها المحدد يشكل عامل استقرار للعراق وذلك بضمها إلى إقليم كردستان العراق في فترة زمنية لا تتجاوز نهاية عام 2007 سوف يشكل عامل استقرار في العراق وذلك لأن الكرد هم الوحيدون من بين مكونات الشعب العراقي الذين يلعبون دوراً متميزاً في السعي لاستقرار العراق ، وقد لاحظت اللجنة المركزية ازدياد أعمال العنف والقتل الجماعي انطلاقاً من الخلفية (المذهبية) والطائفية في العراق ، وان العراق (عدا إقليم كردستان على أبواب حرب أهلية حقيقية ، وإن الأوضاع إذا تفاقمت أكثر من ذلك قد تنتقل عدواها إلى دول المنطقة .
كما توقف الاجتماع على الجوانب الأخرى من تقرير بيكر – هاملتون وفوز الديمقراطيين في مجلس الشيوخ والنواب وموقف الإدارة الأمريكية من هذا التقرير , وكذلك موقف دول المنطقة ، وقد أكد الاجتماع أن تطورات الأوضاع والأحداث تؤكد من جديد أن استخدام منطق القوة لحل المشاكل لن يزيدها إلا تفاقماً سواء من قبل الدول العظمى أو من قبل الدول الاستبدادية التي تضطهد شعوبها , ورأى الاجتماع أن ما جرى ويجري في المنطقة تتحمل الأنظمة الاستبدادية والشمولية مسؤوليتها بالدرجة الأولى وذلك باستنكافها عن حل القضايا الداخلية سواء تلك التي تتعلق بقضايا الشعوب أو قضايا الديمقراطية أو الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير والنمو الاقتصادي وانصراف تلك الأنظمة بالاستئثار بجميع مقدرات بلدانها السياسية والاقتصادية الثقافية الأمر الذي يخلق حالة من الاغتراب لدى شعوبها وبالتالي تصدعات في الوضع الداخلي يفقد البلد أية مناعة تجاه العوامل الخارجية .
كما توقف الاجتماع ملياً عند الوضع الخطير جداً والمتدهور في لبنان , وقد رأى الاجتماع بأن لبنان بساحته الجغرافية وطوائفه كان يشكل ساحة للصراعات الدولية والإقليمية منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن , وأن ما يحصل الآن قد يتجاوز الساحة اللبنانية , أي بعبارة أدق قد يصبح لبنان بوابة لصراعات واسعة وعميقة في المنطقة قد تتجاوز حدود الأرض اللبنانية وشعوبها لأن كل طرف من طرفي الصراع مصمم على مواقفه , بل ان المواقف في حالة تصاعد مستمر وتناقض متزايد وإن بوادر حرب أهلية تلوح في الأفق رغم تأكيد الأطراف المتصارعة باستحالة حدوثه , إلا ان تطور الأحداث على الساحة الميدانية وخطابات المسئولين في الطرفين تعكس صورة مغايرة تماما , لذلك فإن لبنان الساحة (ساحة الحرب ) قد يتحول إلى لبنان البوابة (بوابة حرب أوسع وأشمل ) إذا لم يتم ضبط الأوضاع عن طريق الحوار والتفاهم .
كما تطرق الاجتماع إلى الوضع القومي العام وأبدى ارتياحه من الاستقرار والنمو والازدهار الثقافي والاقتصادي الذي يشهده إقليم كردستان العراق وكذلك أبدى ارتياحه العميق من الجهود التي يبذلها رئيس الإقليم السيد مسعود البارزاني لبناء دولة مؤسسات (إقليم فدرالي ببنائه الأساسي نظام ديمقراطي مؤسساتي ) وتحقيق وترسيخ الديمقراطية الحقيقية بأوسع مداها الأمر الذي يعتبر تجربة فريدة في المنطقة .
كما أبدت اللجنة المركزية ارتياحها وإعجابها العميق من الدور البارز والاستثنائي الذي يلعبه الرئيس مسعود البارزاني على الصعيد الدولي لتعريف القضية القومية الكردية بشعوب العالم وقادته ومدى مشروعية وعدالة القضية الكردية عن طريق شخصه (المعروف بسماته النبيلة ) مما يعطي صورة ناصعة ومشرقة للقضية القومية الكردية .
أما على صعيد العلاقات القومية فقد أكد الاجتماع أن هذه العلاقات تشكل ضرورة إستراتيجية بين أطراف الحركة وفي هذا المجال أبدى الاجتماع ارتياحه العميق من المستوى العالي للعلاقة الأخوية بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق .
كما توقف الاجتماع عند أوضاع الشعب الكردي في كل من كردستان تركيا وإيران وندد بالأنظمة الاستبدادية في الدولتين لاستنكافها عن حل قضايا شعوبها ومن بينها الشعب الكردي الذي يعاني من مختلف صنوف الاضطهاد القومي والسياسي والاجتماعي , ودعت اللجنة المركزية تلك الأنظمة إلى الاتعاظ من التجربة العراقية التي يتحمل النظام العراقي كل تداعياتها , كما دعا الاجتماع الحركة الكردية في كل من تركيا وإيران إلى تجاوز خلافاتها ورص صفوفها والارتقاء إلى مستوى الأحداث والاستفادة القصوى من المناخات الدولية السائدة بغية انتزاع الحقوق القومية للشعب الكردي في الدولتين .
أما على الصعيد الوطني : فقد توقف الاجتماع ملياً على الوضع الداخلي في سوريا ورأى الاجتماع أنه رغم كل التحولات العميقة الواسعة التي حصلت في العالم ورغم الضغوط المتزايدة على سوريا من قبل الدول العظمى , وكذلك رغم التصدع الذي تشهده (العلاقة بين الدول العربية) فإن الحكومة السورية ماضية في كل سياساتها السابقة , فالبلاد لازالت تعيش تحت وطأة الأحكام العرفية وحالة الطوارئ رغم انتفاء كل مبررات استمراريتها , والحريات العامة شبه مصادرة , ولا يزال النشاط السياسي محظوراً إلا لتلك القوى التي تدور في فلك السلطة وتحت رقابتها الصارمة والتي تشكل الوجه الآخر لها , ولا تزال حرية التعبير ممنوعة وكذلك حرية التظاهر ، والاعتقال الكيفي لا يزال هو منطق تعامل السلطة مع القوى الوطنية والديمقراطية .
أما الوضع الاقتصادي للمواطنين ومستوى المعيشة ففي تراجع مستمر في ظل ارتفاع تصاعدي وغير معلن لأسعار معظم السلع والمواد التي تفوق كثيراً دخل المواطن (أي هناك فجوة وهي في اتساع مستمر بين دخل المواطن وبين الارتفاع الذي يطرأ على أسعار السلع والمواد الضرورية بشكل غير معلن) وكذلك لاحظ الاجتماع استشراء الفساد والرشوة والمحسوبية في معظم دوائر الدولة بحيث تحولت إلى قاعدة للتعامل رغم وعود الحكومة المتكررة بمكافحتها .
أما على صعيد الوضع الكردي في سوريا : فقد رأى الاجتماع أنه لم يحصل أي تغيير إيجابي على وضع الشعب الكردي في سوريا رغم الوعود السخية لمعظم مسئولي الدولة ورغم اللقاءات مع بعض المسئولين حيث يتعرض الشعب الكردي إلى معاناة مزدوجة , معاناة يشارك فيها سائر المواطنين السوريين كما ذكرنا سابقاً , ومعاناة خاصة تنبع من حالة الاضطهاد القومي الذي يتعرض له وجملة من السياسات والممارسات الشوفينية المطبقة بحقه من إحصاء استثنائي جائر عام 1962 وحزام عنصري شوفيني وسياسات التعريب المتبعة والمستمرة للمناطق الكردية (سواء عن طريق تعريب أسماء جميع المدن والبلدات والقرى الكردية أو عن طريق تغيير التركيب الديمغرافي للمناطق الكردية , ومن حالة التنكر التام لوجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية (رغم إقرار السيد رئيس الجمهورية في مقابلته مع فضائية الجزيرة في 1-5-2004 بأن الشعب الكردي هو جزء من النسيج الاجتماعي والتاريخي لسوريا , إلا إن ذلك الإقرار لم يترجم على أرض الواقع وبقي تعامل السلطة مع الشعب الكردي قائما على التنكر التام لوجوده على الصعيد الرسمي وما يستتبع ذلك من حرمانه من جميع حقوقه القومية المشروعة .
وقد أكد الاجتماع على أن المناطق الكردية في سوريا وخاصة الجزيرة وعفرين هي من أغنى المناطق السورية من حيث الإنتاج ( الحبوب بأنواعها ,القطن , البترول , الأشجار المثمرة ) إلا أنها أفقرها من حيث مستوى معيشة المواطن ومن حيث توفير الخدمات العامة الأمر الذي يؤكد أن هناك سياسة اقتصادية ذات طابع شوفيني تمارس في المناطق الكردية .
وقد أبدى الاجتماع قلقه من استمرارية السلطة في نهجها السابق في التعامل مع قوى المعارضة الوطنية ومع الشعب الكردي وحركته التي تسببت في شروخ وصدوع متزايدة في الوحدة الوطنية تتحمل السلطة وحدها مسؤوليتها , وقد أكد الاجتماع أن معالجة الأوضاع الداخلية ومعاناة الشعب الكردي باتت من الأوليات الغير قابلة للتأجيل تحت أية حجة وذريعة , وأن الحل يكمن في تطبيق مجموعة متكاملة من الإجراءات على أرض الواقع عبر تحقيق مايلي :
1- تخلي حزب البعث عن الاستئثار بالسلطة لوحده وبكل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والإدارية والثقافية في سوريا والإقرار بشراكة حقيقية مع القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد عبر حوار وطني جاد على قاعدة الشراكة الوطنية والتكافؤ .
2- إلغاء الأحكام العرفية وحالة الطوارئ والمحاكم الخاصة الاستثنائية وبالتالي الكف عن الاعتقال الكيفي للنشطاء السياسيين والوطنيين
3- سن قانون عصري للأحزاب وقانون مماثل للصحافة وحرية التعبير بحيث يكفل الدستور حق المواطن في النشاط السياسي والإعلامي والاجتماعي والجماهيري وكل أشكال العمل الديمقراطي .
4- إطلاق الحريات الديمقراطية .
5- مكافحة الفساد والمحسوبية والرشوة من الأعلى إلى الأسفل وذلك بمعالجة أسبابه ومعاقبة صارمة لمرتكبيه أية كانت مسؤولياتهم ومراتبهم وذلك عن طريق فتح المجال إمام الرقابة الشعبية للقيام بواجباتها في هذا المجال وكذلك للقضاء المستقل والنزيه .
6- معالجة الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطنين بحيث يخلق توازناً عادلاً بين الأجور والأسعار يكفل لمختلف الشرائح الشعبية مستوى لائقاً من العيش الكريم .
7- معالجة وضع الشعب الكردي في سوريا عن طريق سلسلة من الإجراءات :
أ- الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا كشعب يعيش على أرضه التاريخية ويشكل القومية الثانية في البلاد , ويشكل 15% من نسبة سكان سوريا
ب-إلغاء جميع المشاريع والسياسات الشوفينية المطبقة بحقه من حزام وإحصاء وسياسات تعريب ومعالجة آثارها وتداعياتها .
ج- إيجاد حل ديمقراطي وعادل للقضية الكردية في سوريا باعتبارها قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية وذلك عبر الحوار المباشر مع حركته الوطنية وذلك لتأمين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الكردي في سوريا وتضمين هذه الحقوق في دستور البلاد .
د- تقديم حوافز وأموال إضافية من خزينة الدولة إلى المناطق الكردية لتطوير الأداء الاقتصادي ومستوى الخدمات العامة فيها إسوة بباقي المناطق وبما يتناسب مع مساهمة هذه المناطق في الخزينة العامة للدولة ومن تأمين الأمن الغذائي والاقتصادي للبلاد
وأكد الاجتماع أن استمرار الأوضاع الداخلية في سوريا بهذا الشكل يضعف الوحدة الوطنية وبالتالي تفتقد البلاد أية مناعة تجاه التحديات الخارجية , وأكد الاجتماع أن أفضل تحالف تبحث عنه سوريا لتحصين وضعها وتعزيز دورها وموقعها هو التحالف مع الشعب السوري بجميع ألوانه وأطيافه الفكرية والسياسية والقومية لأنه التحالف الوحيد الذي لا يخضع لمصالح آنية وتجاذبات إقليمية ودولية , والتحالف الوحيد الذي يحقق أقصى درجات المنعة لبلادنا .
كما استعرض الاجتماع واقع المعارضة الوطنية السورية عبر اعلان دمشق واكد على أهمية ودور هذه المعارضة في تحقيق التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا , وأبدى ارتياحه لنمط العلاقة بين الحركة الكردية وقوى المعارضة , ولكن أكد في الوقت نفسه أن هذه العلاقة بحاجة إلى المزيد من التفاهم والحوار لترتقي القوى الديمقراطية السورية إلى حالة تفهم تام لواقع الشعب الكردي وحقوقه المشروعة باعتباره شعباً يعيش على أرضه التاريخية بحيث يظهر هذا الواقع( شعباً يعيش على أرضه التاريخية ويشكل القومية الثانية في البلاد ) أكثر جلاءً ووضوحاً في مواثيق إعلان دمشق وفي برامج تلك القوى المنضوية تحت لوائه , ثم تطرق الاجتماع إلى واقع الحركة الكردية في سوريا وعبر عن استيائه من حالة التشتت والتشرذم التي تعانيها الحركة , كما أبدى عدم ارتياحه من الحملات الإعلامية بين بعض أطرافها, وأبدى استعداده للعمل من أجل حل أي إشكالية خلافية ثنائية أو أكثر بين أطرافها , كما أبدى إصراره وعزمه على تشكيل موقف كردي موحد وأبدى ارتياحه من العلاقات الودية والأخوية التي تربطه مع أطراف الحركة والتي تمنحه القدرة على التحرك لتشكيل موقف كردي موحد , كما دعا الاجتماع الأحزاب الكردية إلى تجاوز خلافاتها الثانوية والتركيز على نقاط الاتفاق والتلاقي وتأجيل نقاط الاختلاف والسعي إلى حلها بروح أخوية ومسئولية عالية , والانطلاق من أن مسئوليات جسام ملقاة على عاتقنا وإن تطورات في المنطقة والوضع الداخلي لابد أن تحصل وان الموقف الكردي الموحد عبر توحيد طاقات فصائله بأية صفة أو شكل بات من الأوليات الغير قابلة للتأجيل , وإن هذا الموقف الموحد هو وحده الكفيل بتحقيق انجازات للشعب الكردي وقضيته القومية المشروعة , فعنصر القوة لدى الشعب الكردي في سوريا يرتكز على عنصرين أساسيين (عدالة ومشروعية القضية الكردية أولاً ووحدة الصف الكردي ثانياً وفي هذا الصدد أكد الاجتماع على ضرورة العمل الجاد والسعي إلى تشكيل آلية لتوحيد الصف الكردي وإن حزبنا سوف يبذل قصارى جهده لتحقيق هذا الهدف .
أما على الصعيد التنظيمي فقد أبدى الاجتماع ارتياحه من التطور التنظيمي المتسارع الذي تشهده معظم المناطق وإقبال المزيد من الكفاءات المهنية والثقافية والسياسية إلى الانخراط في صفوف الحزب الأمر الذي سيحقق نقلة نوعية في تطور الحزب وأدائه , كما دعا الاجتماع الذين غادروا صفوف الحزب في أوقات سابقة إلى العودة إلى صفوفه عن طريق الهيئات التي انسحبوا منها ، وأكد الاجتماع على أن ثقافة التسامح هي الأساس في التعامل مع أبناء شعبنا .
وفي نهاية الاجتماع عاهد الرفاق المجتمعون على المضي قدماً للدفاع عن الشعب الكردي وقضيته العادلة على نهج البارزاني الخالد الذي يشكل مدرسة نضالية هي الأصلح لواقع شعبنا وقضيته.
أوائل كانون الأول 2006
اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )