هل الكرد بحاجة إلى مصائب… أحزاب جديدة ؟!

عمر كوجري

تعبر الأحزاب في كل دول العالم قديماً وحديثاً عن حالة حضارية مدنية ديمقراطية إلا عند الكرد فقد عُدَّ الوجود المفرط للأحزاب الكردية وعلى وجه الخصوص في الساحة الكردية السورية، عد طامة كبرى ومصيبة المصائب.

  شارك جلّ كتابنا في فضح هذا الإفراط المفرط والتناسل اللامنطقي لعدد الأحزاب الكردية في سوريا مقارنة مع تعداد سكانه وحاجته لهذا الكم «الركامي» الهائل للأحزاب، حيث تتصف معظم هذه الأحزاب بحالة من العطالة والموات التاريخي منذ نشوئها وإلى اليوم.
  الطريف أننا أمام مجموعة من ما يصح فيهم كلمة «ساسة» همُّهم الأساس المساهمة في تفريخ أحزاب جديدة كل عام دون أي حاجة ماسة لها أصلاً، وأصلاً أيضاً أن الأحزاب القائمة أصابتها التخمة والإعياء، وهي في مجملها وكلها على بعضها لا حول واضحاً لها ، ولا قوة جماهيرية يمكن أن تستند عليها وقت الأزمات الكبيرة كالحراك الثوري الذي تمر به سوريا من أقصاها إلى أقصاها، دون أن يكون لهذه الأحزاب على الأرض أية قوة فاعلة ومؤثرة، ودون أن تستطيع عكس أحلام وآمال الشعب المنتفض، لا بل أن عديد هذه الأحزاب في الأشهر الأولى من الثورة وإلى اللحظة المفصلية الآنية أبدت مرونة وتقاعساً فظيعاً تجاه كل الدماء الجارية على الأرض السورية الجارية، وبعضها مازال يبحث في العلن وبشكل أوضح في الخفاء عن وعود على الطاولة وتحتها أيضاً

 وباتت تتخبط هنا وهناك لأن تشعر أن منسوب شباب الشارع السوري عموماً والشارع الكردي خصوصاً من الشجاعة والإقدام والبذل أعلى بكثير من مستوى تحمل هؤلاء لهكذا وضع ثوري!!
خلال أقل من ثلاثة أشهر تفرخت كالعادة بعض أحزابنا « العتيدة» وتشظت كما هو مأمول منها ليس كردياً بل من أية جهة تستفيد من هذا التشظي!!
فحزب آزادي الكردي انقسم، وانشطر إلى حزبين تحت الاسم نفسه، أما التغيير الكبير في الحزبين فقد طرأ على مستوى شعار صحيفتي الحزبين، وهما بالاسم نفسه، يا للمهزلة!!
قبل أيام تشكل وخاصة في فترة خصوبة آذار وربيعه أحزاب جديدة كالإعلان عن تشكيل حزب جديد باسم حزب السلام الديمقراطي الكردي السوري من بعض الرفاق الذين تخلوا عن حزب الوفاق الديمقراطي الكردي.
 وفي بداية هذا الأسبوع آلى حزب اليساري الكردي في سوريا على نفسه إلا أن تكون له حصة من كعكة الانقسام، فقرأنا -نحن الغلابة- عن مؤتمر للحزب كان همه الرئيس وفي بداية البيان أن يقول إن محمد موسى محمد مازال موجوداً، وأصبح من جديد سكرتيراً للحزب، وتم فصل صالح كدو لنشاطاته التكتلية.
يا إلهي!! ألم يجف بحر محمد موسى المعرفي والسياسي والثقافي بعد أن وصل من العمر عتياً، ويعاني – كغيره- من مختلف أمراض الشيخوخة؟ هل بقي عنده شيء ليعطي بعد كل هذه السنوات في سكرتاريا حزبه- هو وغيره- من «السكرتاريا الأشاوس»
إذا كان هؤلاء يتعمشقون بكرسي السكرتاريا إلى الممات، لمَ إذاً يحسدون غيرهم من أحزاب ونظم حاكمة؟؟ إذا كان رفاق حزب لا يستطيعون زحزحة سكرتيرهم من منصبه، كيف سيكون التعويل عليهم في تغيير شامل وجذري في البلاد؟؟!!
بالمقابل قرأنا بياناً للحزب وهذه المرة من اللجنة المركزية نفسه ينعت موسى بشتى النعوت، ويحجب الثقة عنه ومحاسبته على «تخبطاته السياسية واختلاساته واستفراده بعلاقات غير متوازنة مع (تيم) وغيره ألحقت الضرر بسمعة الحزب وسياساته»
الطريف أن بعض هذه الأحزاب تتحسس كثيراً، وتصاب بحالة عطاس غير مسبوقة إن تقرب أحد الكُتّاب من نقدها وخوض أفكاره تجاهها، وهي لو كانت لديها سجونٌ لما توانت عن حبس أصحاب الرأي الحر من الكتاب الكرد!!
و….

يتحدثون عن الديمقراطية والتعددية، وعن سوريا الجديدة، وعن وعن!!
شبابنا في شوارع قامشلو وديرك وسري كانييه وعفرين وووو تجاوزت هذه الأحزاب، ولم يعد لديها الوقت لتنتظر كل يوم خبر ميلاد حزب جديد.
 أقدام الشباب، ودماء الشباب تعمل على الساعة العصرية لا على الساعة الحجرية لهذه الأحزاب التي توقفت منذ أمد بعيد.

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…