سورية أم الدنيا ، عذرا يا مصر!

  فرمز حسين
    
سورية مهد الحضارات وأم الدنيا، هذه المقولة تنسجم مع الواقع الذي يفرضه الاعصار السوري اليوم، أكثر من أي مكان أخر في العالم.

لذلك أقول عذرا يامصر !

الأزمة السورية أصبحت على المحك، هناك على بوابات دمشق العديدة ستتساقط الأقنعة ،الواحدة تلو الأخرى سيطفو النفاق السياسي على السطح و تظهر في الوقت نفسه أن الشرق والغرب السياسي وليس الجغرافي بالطبع , متفقون جميعهم في الكوليس وان بدا الخلاف هو الظاهر .
يذهب نظام الأسد , يحل محله الفوضى , يأتي المتطرفون الإسلاميون , هذا ما يخشونه و يوحّد من قرارهم !
عندما تضطر الساسة للاختيار بين المبادئ والمصالح السياسية، الخيارالثاني هو الذي يتم الاعتماد عليه.
فالموقف الذي اتخذتهما كل من روسيا والصين كان مؤلما، لكن بعيدا عن النفاق السياسي نوعا ما ، فهما وبكل صراحة لايروق لهما فكرة الإطاحة بحاكم مستبد والتحول إلى اّخر ليبرالي، والخوف من قدوم ربيع روسي أو حتى صيني هو اليوم أقرب من أيّ وقت مضى.
وفي المقابل أين يقف الغرب الديمقراطي والليبرالي الذي يضع حقوق الإنسان ، العدالة، المساواة، الخ …..

 في قائمة أولويات ثوابتها الفكرية.

فعليا من ثورات الربيع العربي؟
فالدول الغربية كانت وما تزال الداعمة الأولى للدول المستبدة والأنظمة الديكتاتورية ولم تكن في يوم من الأيام مسألة حقوق الإنسان في تلك الدول تعني لها الكثير ، مقابل مصالحها السياسية .

هذا الدعم كان من بين أهم أسباب النقمة لدى الشباب العربي والمسلم من الغرب وذلك ما أدى أيضا إلى سهولة تعبئتهم من قبل الأصوليين .
لم تحاول الدول الغربية، خاصة أمريكا استيعاب هذه المعاناة لدى العامة من الشعوب المضطهدة في العالمين العربي والإسلامي.

المعاناة من غياب العدالة الاجتماعية ، التي تعتبر توفرها من مقومات الحياة الكريمة في قرية دولية أصبحت شفافة جدا بفضل التطور التقني، شاء من شاء وأبى من أبى، في عصر السرعة , العولمة وسهولة انتقال المعلومة.
ولو نظرنا الآن إلى المشهد السوري الجريح، ففي البداية بدا الموقف الأمريكي والأوروبي ميالا إلى التغيير وادّعت تلك الدول التعاطف مع الشباب السوري الشجاع.

ولاشك انها رأت أن ذلك سوف تشكل ضربة غير مباشرة على إيران، حزب الله وحتى حماس التي لم تكن قد أعلنت عن موقفها من الحكم في سورية الا مؤخرا.
في المقابل حاول النظام السوري منذ بداية الاحتجاجات ، التهديد من أن الأصوليين هم وراء أعمال العنف في البلاد ، ولقد كان ولا يزال على يقين بأن الدول الغربية سوف ترتعد فرائسها لمجرد التفكير بامكانية الإسلام المتطرف (القاعدة) من اكتساب موطأ قدم ، في سورية بموقعها الجيوسياسي الملتهب.

عندئذ ستفضل الانحياز للنظام أو على الأقل تقف متفرجة.
العامل الذي ساعد على زرع الريبة والخشية عند الغرب ، هو تقدم الأحزاب الإسلامية في كل من مصر، تونس ، ليبيا وخطر القاعدة والحوثيين في اليمن .

أي دول الربيع العربي ، وربما تسلسل سورية في الثورات العربية، شكلت أيضا نوعا من سوء الطالع على القوى المطالبة بالتغيير الديمقراطي.
عند قرائتي لمقالة (هنا مكمن التنين) للكاتب الأمريكي توماس فريدمان ،شعرت وكأني أسبر مايجول في خلد الغرب من تفكير متهاون ، وكيف أن أمريكا وأوروبا قد بدأت بالتململ من نتائج الثورات العربية والى ماستؤول اليها، وكأنها  تتمنى لو أن الربيع لم يأت .
ربما يقول البعض أن هذه المقالة تعبر فقط عن رأي أو موقف كاتبه .

باالتاكيد هو رأي الكاتب وموقفه، لكن بالنظر عن كثب إلى تطورات المحنة السورية، نرى أن مواقف الدول الغربية الرخوة، التي تخطوا خطوة إلى الأمام وأكثر من خطوتين إلى الوراء، نتأكد من الموقف الغربي عامة والأمريكي خاصة ، بأنّه قد بدأ يأخذ منحى أكثر تخاذليا .

يريدون التخلي عن الثورة السورية أوعلى أقل تقدير حتى تكتمل الصورة وهذا الموقف شبيه جدا بموقف كاتب المقالة ،التي قمت بترجمتها إلى العربية بكل دقة ومسؤولية ،والتي أتمنى أن تقرأ قراءة نقدية.


ما يعزيّ في النفس أن الشعب السوري البطل ، هو الذي يصنع ثورته و مستقبله.

لو كان القرار لأمريكا والدول الغربية الأخرى أو حتى الشرقية والعربية ، لبقي مبارك ،زين العابدين ،علي عبدا لله الصالح والقذافي على عروشهم.
فخرا لشعب إرادته تهزم ترسانات الشرق والغرب!

2012-03-06
–  فرمز حسين : كاتب كردي سوري مقيم  في ستوكهولم

farmaz_hussein@hotmail.com
stockholm-sham.blogspot.com
  twitter@FarmazHussein

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…