الرهان على وحدة الكرد

صبري رسول

منذ سنوات طوال ينادي كلّ سياسيّ، وكاتب، ومثقفٍ، وقلم، ومواطن، وكلّ حزب وجماعة، إلى توحيد الصّف الكردي سياسياً، وتنظيمياً، للارتقاء إلى مستوى الطموح الكردي، وحقوقه السياسة كشعبٍ يعيش على أرضه التّاريخية منذ مئات السنين، وكان ذلك أحدَ أهمّ المطالب اليومية، والمستقبلية للشعب الكردي، نادى به الكردي البسيط، والسياسيّ، والمؤتمرات الحزبية، والمحافل الخطابية، إلى درجةٍ أصبحنا نغنّي بالوحدة الكردية، في مناسبة أو غير مناسبة    (bijy yekytya gele kurd)

اليوم، وبعد إنجاز المجلس الوطني الكردي في سوريا، كخطوة إيجابية، ومكتسب قومي ووطني في الوقت نفسه، يمكن القول أنّ مرتكزاً أساسياً قد تمّ بناؤه، يصلح أن يكون نواةً سليمة للبناء عليه، مستقبلاً، وخاصة أنّ المجلس يضمّ معظم القوى السياسية الكردية في سوريا،
 وفي هذا الإطار تجتمع الطاقات السياسية، والثقافية، والشعبية، يمكن الاستفادة منها نحو خطوة تنظيمية أكثر ارتقاءً (العمل في المجلس كفريق تنظيمي واحد) ووضع الخلافات الثانوية، والمصالح الشخصية جانباً، والعمل على ترجمة قرارات المجلس فيما يتعلّق بالثورة السورية، وأطر المعارضة، وحقوق الكرد السياسية، والمشاركة مع المعارضة السورية في صياغة مستقبل سوريا المستَنَد على مبادئ التعددية السياسية، والديمقراطية.

 

وما يتردّد هنا وهناك عن احتمال حدوث انقسامٍ في المجلس الوطني الكردي، أو انضمامه إلى المجلس الوطني السوري، مسألة مثيرة للجدل، ولا يمكن عدّه مجرّد تكهنات شخصية.


لكن يمكن القول بأنّ المجلس مازال متماسكاً، وليس هناك أيّ تخوّفٍ من انقسامٍ محتمل، إلا إذا كانت ثمّة أجندات خفية قد تظهر فجأة نتيجة تقلبات سياسية، أو مصالح معينة قد تفرض نفسها على المشهد السياسي، وتعرقل عمل المجلس أو تقوّضه لاحقاً،  وهذا الأمر مستبعدٌ في الوقت الحالي.
أما ما يتعلّق بانضمام المجلس الكردي إلى المجلس الوطني السوري، فليس هناك قرارٌ بذلك، وموقف المجلس الكردي واضح بهذا الشأن، التعاون مع الأطراف الأكثر استجابة مع الحق الكردي، وإذا انبرت أصواتٌ أو دعوات تدعو إلى ذلك يمكن مناقشة المقتَرَح في حينه.
لكن ومن جانب آخر على المجلس الكردي أن يكونَ كائناً حيوياً قابلاً لتطوير نفسه، واستيعاب جميع التطورات المحتملة بدقة، وعدم الانكفاء في لباسه القديم، لحظة الولادة.

فالحيوية ليست في الهيكل الشكلي الذي قد يعيق ارتقاءه، إنّما في قراءة الأحداث نقداً وفهماً وتحليلاً، ومعرفة الخطوة السياسية اللازمة في الوقت المناسب، واتّخاذ القرار السليم مع وضع المصلحة القومية والوطنية العليا في الاعتبار، وهذا يتطلّب المرونة السياسية في قبول القوى الأخرى، بغض النّظر عن حجمها أو قوتها، فالوقتُ أكثر حدّة من سيفِ التماطل والتّردّد، وفشل الكرد في هذه الظروف سيضعُ مصير الشعب الكردي على كفّ الكارثة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…