الحركة الوطنية الكردية والمرحلة الحرجة

  افتتاحية صوت الأكراد *

مما لا شك فيه إن الحركة الوطنية الكردية، منذ نشؤها وتأسيسها، كانت الطليعة في النضال من أجل الحقوق المشروعة للشعب الكردي في سوريا, وتبلور ذلك في مراحل وأساليب نضالية قاسية جداً, ومنذ ذلك الحين أخُذت منها الموقف العدائي والشوفيني من قبل الأنظمة التي تعاقبت على سوريا .

وشاطرت تلك الأنظمة في الكثير من تعرجات التاريخ ومراحله الحركة الوطنية الكردية، وكانت ملخص تلك النظرة إن الحركة الوطنية الكردية ، حركة سياسية ذات نظرة انفصالية ، مستقوية بالخارج لتبرير نظرتها العنصرية والشوفينية.

وكل ذلك في مرحلة نمو وأتساع وتطوير الحركة الاشتراكية وسيطرتها في منهجها على العالم الثالث برمته ، مع أن الإستراتيجية الأساسية للشعب الكردي في كل أجزائها كانت ذات منهجية تحررية واشتراكية بشكل عام .
وبما أن الدول الاشتراكية ومنظومتها كانت تدعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها .

ولم تكن يوماً من الأيـام القومية الكردية ضمن سياستها ومبادئ تلك المنظومة الاشـتراكية ، وهذا ليس غائباً على أحد من أبناء الشـعب الكردي ، وهي شـريكة تلك النظرة الشوفينية لشعوب المنطقة ودولهم عامة والتي تقاسمت كردستان خاصة وكان الشعب الكردي الشخصية الفعالة في بناء تاريخ وحضارة هذه البلدان.

التي تحاربت كثيراً مع القضية الكردية في ظروفها الذاتية والموضوعية.

وكانت تلك النظرة الشوفينية والعنصرية من القضية الكردية، وأسباب ذلك منها إن  القضية الكردية لم تكن ذات معادلة سياسية مؤثرة في مجريات الأحداث والتطورات التي كانت تحدث في المنطقة بوجود القضية الفلسطينية المسيطرة كلياً بظروفها على الساحة الدولية والإقليمية .

وثانياً وجود البترول في أيدي العنصرين من القضية الكردية .

وثالثاً لملمة الجراح من آثار ظهور الدول القوميـة في كلتا الأوربيتين والعمل فيهما على نشـأة حضارة واقتصاديات، وبناء دول ذات مؤسسات لصالح شعوبها أولاً وأخيراً .

وأيضاً تقاسم منطقة الشرق الأوسط فيما بين الدول التي فتحت لبلدانها أسواقاً احتكارية ودعم بنيتها التحتية، من خلال مكامن الثروة الباطنية والمواقع الإستراتيجية فيما بينها.

وكذلك غموضها وعدم الوضوح في معاهدتي لوزان وسيفر بشأن القضية الكردية والتي كانت من نتائجها تبادل المصالح غير الواضحة .


وبما أن سوريا مقدمة على أعتاب أخطر مرحلة سياسية منذ نشوئها وهي تحمل الكثير والشيء الكبير من هذه الأزمة التي تمر عليها .

ولا أحد يستطيع أن يتكهن نظرة واضحة فيما هو قادم .

ولكننا نستطيع القول أن الشعب الكردي في سوريا هو عامل الاستقرار الأول والأساسي في سوريا القادمة ، ويجب على الجميع في سوريا أن يدركوا ويتفهموا هذه الحقيقة التاريخية والحتمية ، ولا تستطيع سوريا أن تعيش مرحلة استقرار أو أمان بدون الشعب الكردي ، وهذه المرحلة هي مفصلية وعلينا جميعاً في سوريا أن نبني بناء ذات مقاييس ومعايير حضارية وبناء إنسانية الإنسان بقيمه وتاريخه وحضارته , وعلى الحركة الوطنية الكردية في سوريا أن تكون على قدر كبير من المسؤولية ، وبناء أسس مبدأ الحوار وبناء وتقيم قدرة الشعب الكردي في نيل حقوقه المشروعة كثاني أكبر قومية في البلاد , وإزالة ذلك الغبن التاريخي الذي لحق به على مدى تاريخه النضالي .



*
لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد 447-448 كانون الثاني/شباط 2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…