مقالة سكرتير البارتي : رسالة تحذير أم وداع ؟

زيور العمر

صارحني أحد قيادات الأحزاب الكردية، قبل عدة أيام، و بكل وضوح، بشأن الموقف من المجلس الوطني السوري قائلاً: ˝المجلس الوطني الكردي لن ينضم الى المجلس الوطني السوري..

˝.

بمعنى، أن المجلس الوطني الكردي سيعمل ككتلة مستقلة ضمن المعارضة السورية , و اليوم يشرح لنا عبد الحكيم بشار سكرتير البارتي في مقالة له، نشرت في بعض مواقع الانترنت تحت عنوان «الكرد و اللحظة التاريخية» ، بكل وضوح ايضاً، الأسباب التي تستدعي الإنضمام الى المجلس الوطني السوري , فسرد منها ما هو متعلق بالداخل السوري، و زخم الإحتجاجات الشعبية الواسعة ، وضعف النظام , و أخرى تتعلق بقبول و إعتراف المجتمع الدولي بالمجلس الوطني السوري، كأهم مظلة سياسية للمعارضة السورية في المرحلة الراهنة.
 بين هذا الموقف و ذاك , ثمة مساحة واسعة من التحليل و التنظير للأيام القادمة،على الأقل، فيما يتعلق بمسار الحالة الكردية في خضم ما يجري من أحداث و تطورات تاريخية في سوريا.

أولا، لا أخفي عليكم، من موقعي كعضو في المجلس الوطني السوري، أن برهان غليون نفسه أعلن قبل عدة أيام أن المجلسان، الوطني الكردي و الوطني السوري ، سيوقعان إتفاقاً في باريس , و لم نشعر من كلامه أن الطرفان سيوقعان على إتفاقية للتنسيق و العمل المشترك، و إنما كان يقصد بإتفاقية إنضمام المجلس الكردي الى المجلس الوطني السوري و إلا لما كان هنالك أي سبب يستدعي الخلاف الدائر بين الأحزاب الكردية في الوقت الراهن , حيث أن التعامل مع المجلس الوطني الكردي ككتلة سياسية تمثيلية للشعب الكردي في سوريا كانت أحد المطالب الأساسية ، و كان تجاهلها أحد أهم التحفظات من قبل الأحزاب الكردية تجاه المعارضة السورية.


ثانياً، تصريح الدكتور حكيم من جهة ، وتصريحات قيادات الأحزاب الكردية من جهة أخرى ، بالإضافة الى ما اكده لنا غليون و آخرين في قيادة المجلس الوطني السوري ، تدل على شكل من أشكال الإفتراق السياسي ، إن لم نقل الحسم , و هو الأمر الذي إن حصل فإنه سيؤدي، لا محال ، إلى إنقسام المجلس الوطني الكردي، و ذهاب شرعية التمثيل السياسي برمتها أدراج الرياح ، سيما و أنها كانت العنوان الأساسي لمعظم النقاشات الكردية ـ الكردية منذ إعلان المجلس الوطني الكردي.


ثالثاً، يبدو من ما يجري أن الموقف الكردي ، الحزبي على وجه الخصوص ، رهن بحسابات إقليمية، كردستانية منها تحديداً، منها الى حسابات كردية داخلية في سوريا، و إلا لو كان الدافع هذه الأخيرة، فأوكد أن الأحزاب الكردية ما كانت لتنضم، أو لتفكر في الإنضمام الى المجلس الوطني السوري، حتى لو لم تبقى قوى سياسية معارضة خارجة عنه .

و إن دل ذلك على شئ ، فإنما يدل على تباين في الموقف بين مام جلال و كاك مسعود إزاء القضية السورية من جهة، و مؤشر واضح على الإصطفافات الإقليمية و الدولية  المتشكلة على خلفية الأزمة السورية من جهة اخرى.


رابعاً، إن حدث و تعرض المجلس الوطني الكردي لإنقسام، جراء حسم الخيارات الإستراتيجية بين أطرافه،  فإن ذلك عائد بالدرجة الأولى الى الأرضية التي تشكل عليه في بدايته، و المبدأ الذي إنطلق منه رموزه عند تأسيسه , و هو المتمثل في الإنحياز، كتقليد إستمر عقوداً، الى التجمعات الكمية ، منها الى التجمعات النوعية ، على قاعدة الإتفاق السياسي الشامل ، الآني و الإستراتيجي.

فإن حدث ما لا نتمناه ، أي إنقسم المجلس الوطني الكردي، جراء إنضمام بعض أطرافه الى المجلس الوطني السوري , كما توحي بذلك بعض المعطيات، فهو لن يكون السابقة الوحيدة في مسيرة الإنقسامات و الإنشطارات في  حركة الأحزاب الكردية في سوريا ، و إنما مشهداً جديداً من فصوله الطويلة ، أخرها كانت إنقسام الأحزاب الكردية نفسها بين إعلان دمشق و هيئة التنسيق الوطنية بعيد إنطلاق الثورة السورية بأسابيع.
خامساً، مقالة الدكتور حكيم لا تأت من فراغ , و إنما تؤشر لبداية  تطورات دراماتيكية، ستشهدها الساحة الكردية في الآمد القريب , تتمثل خطوطها العريضة في إستمرار الإنقسام في صفوف الكرد , و التخبط في نقاشات و حوارات هامشية عقيمة حول السبب و المسبب في الأزمة ، و يكون التحصيل السياسي لما سيجري خروج الكرد من المعادلة الوطنية السورية و ضياع حقوقهم جراء ذلك.

و عليه نسأل :هل مقالة الدكتور بشار رسالة تحذير للأحزاب الكردية من مغبة عدم إقتناص الفرصة التاريخية ، أم رسالة وداع كمؤشر على الحسم و الإفتراق السياسي في قضية الإنضمام الى المجلس الوطني السوري ؟ سؤال ستجيب عنها الأيام القريبة القادمة، بلا أدنى شك.

04/03/2012 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…