المثقف الكردي… قد يفقد مصداقيته …!!!!

خليل كالو

  الذي لا يستطيع أن ينظم نفسه كي ينتظم في إطار خاص به فكيف له تنظيم غيره والدعوة لذلك وخاصة خطابه ورسالته الوجدانية تجاه المجتمع  ..؟ !!! قد يفقد المثقف الكردي احترامه ومصداقيته هذه الأيام بفئته الموالي والمستقل إذا ما بقي في إطار البروز وحب الذات والمنفعة الشخصية حيث هناك مسبق وشك واعتقاد سائد بين الرأي العام والشعبي بأن الأغلبية منهم يسعون إلى طفو وتعويم الذات على حساب آلام وشقاء هذا الشعب المسكين ولا استثني منهم خليل كالو أيضاً
حيث الأفعال والسلوكيات تشهد على نفسها وما غياب دوره الحقيقي في التنوير وخطاب وحدة الصفوف والقرار في هذه الظروف المستجدة على ساحة وطننا السوري  يجعل من المرء التفكير في هذا الاتجاه والتشكيك في النوايا فليس بالمقالة وحدها سوف يحيا الشعب الكردي بل هناك ما هو أهم وهو دوره لتأسيس الوعي الجمعي وبناء الشخصية الكردوارية بدل الحزبوية والاستقطابية…..

فإذا كان هذا هو حال المثقف الكردي من تشتت ونظرته النرجسية والأنانية على الواقع المعاش والراهن فما بالكم بعامة الناس حيث لا لوم ولا عتاب .

بالمثل كذلك  السياسي الكردي ولماذا كل هذا العتب والنقد الجارح للسياسيين والأحزاب علما بأن من طبيعة السياسة وسلوكها هو فقدانها للقيم الأخلاقية والإنسانية على العموم وأن مداراتها لا تلتقي مع الأخلاق الإنسانية أبداً إلا عند تزاوج المنفعة ولكن منطق وعرف الثقافة والفكر والقوامون عليها والمنتجون لها غير ذلك مطلقاً لأن المثقف والمفكر والمبدع أساس التنمية والمعرفة والوجود الإنساني فلولا وجود هذه الفئة المستنيرة لما كان للبشرية من تقدم وازدهار ولبقيت في ظلام التخلف ورهن إرهاب الطبيعة والآلهة..

     أليس الذي  فيه الكرد يكفيهم يا أيها المثقف المحترم وماذا تريدون منه أيتها النخب المفترضة..؟؟!!..ألا تلاحظون الآن بأن الشعب الكردي في واد مع كل مصائبه الذاتية ومشاكله المتراكمة ومعاناته التاريخية وبؤسه المفتعل وهو يتلقى الخوازيق من الخلف حتى من لدن نخبه أيضاً والمثقف الكردي يعيش في واد آخر بعيد عنه ولا يشعر إلا بنفسه وليس له هم سوى ذلك .

فهو لغاية تاريخه سلبي الإرادة والحركة يخلط للأوراق بمزاجه دون محاسبة وضمير ومشتت للآراء والمواقف من الطراز الرفيع  وما زال مرتبك الوجدان  ليس له موقف واضح ومسئول وغير متوازن من حيث التفكير والوظيفة الموكلة إليه أخلاقيا وتاريخيا ومهنيا وأن تفاعله مع الواقع الراهن غير نشط وخجول وليس له حضور متميز بشخصية مستقلة بين المجتمع ومع ذلك يسعى بكل قوة وبتخطيط  مسبق  لكي يكون لمبة بلا ضوء وبخيل في إنتاج ثقافة التنوير والحداثة وهو لغاية تاريخه مقصر وليس بمستنير لفتح الآفاق  لخروج هذا الشعب  ونخبه السياسية من أزماته وظروفه الصعبة الراهنة والذي أجهدته الأيام ناهيك عما فعلت به السياسات غير المنتجة عبر العقود الماضية من فعل سيء لا يوصف وقد كتبت عن هذه الحالة آلاف المقالات دون جدوى وقد كان ذلك بسبب سلبية المثقف الكردي وتخلفه عن الواقع وهروبه من مهامه بحثا عن ذاته بطرق ملتوية وأحيانا بطرق غير مشروعة  ومريبة .

   بالرغم من الإدراك التام للمثقف الكردي بتقاعسه الممنهج وتشككه بقدراته الشخصية والمعرفية ومعرفته بحقيقته  السلبية تجاه التأسيس لوعي جمعي فما زال متمسكا بأنانيته وفرديته النرجسية ويدور حول نفسه وهو تائه ظنا منه أن يسير بالاتجاه الصحيح حيث مثله كمثل الجالس في عربة” ماوMaw ” ووجهه معاكس للهدف  ومنحى المسير والكثير منهم لا يدرون أنهم يعيشون خارج الزمان والمكان وآخرين يعيشون أزمة الأخلاق العامة والقومية ومتطفلين على جهود الغير وراء أسماء وعناوين كاذبة ووهمية لا تجلب للمرء فيهم  المجد والاحترام والإعفاء من المسئولية  التاريخية والأخلاقية حين كتابة عدة مقالات كوكتيل أو قصيدة شعر ركيكية أو نقده لحالة قائمة التي ربما الغاية  مكنونة في نفس  أمارة بالسوء أو هو إبراز للذات والتعويم وليس الإصلاح والتغيير .

   لا ضير ولا إشكالية أخلاقية في أن يبحث المرء عن ذاته  وأن يسعى المرء كي يكون رقما ذات منزلة لدى المجتمع الذي يعيش فيه فهذا من حق كل إنسان وهذا السلوك هو سنة طبيعية للحياة وأن البشرية قد تقدمت وتطورت على هذا الأساس وذلك من خلال ما قدمه الآخرين من إبداع وخدمات وتضحية ولم ينالوا الشهرة والتقدير بالغصب والزعامة الوهمية كما يفكر به البعض هذه الأيام  .فمن حق المثقف الكردي أن يكون له منزلة ومرتبة بين المجتمع الكردي أيضاً وواجب أن يحترم على اعتبار أن المثقفين هم عيون الشعوب ولسان حالهم عند كل مفاصل الحياة إذا ما قام بواجبه وأداء رسالته الأخلاقية والقومية والإنسانية حسب المقدرة وألا يلام على سلوكه على اعتبار بأن المثقف ذات طبيعة خاصة وذو مشاعر حساسة وسلوكه من نمط خاص لا يشبه العامة كونه يمتلك موهبة ومتمايز عن غيره من الناس ولكن الشرط اللازم والكافي هو أن يتفاعل مع حركة وتطور المجتمع باستمرار لا أن يكون فوق المجتمع .

وأما عندما لا يقوم المثقف ومن أي فئة كانت بمسئولياته ويظن أنه فوق المجتمع  ومن طينة خاصة دون رصيد وفعل خلاق سوف يكون وجوده شاذا ولا يستحق الاحترام والتقدير وسيكون موضع النقد والتهميش  أما المثقف الحقيقي ذو الرسالة التنويرية وثقافة الحداثة سيكون الاحترام والتقدير له تحصيل حاصل أينما حل وحتى لدى أعدائه  ولا حاجة أن يقوم بفرض نفسه كما رجل السياسة عندنا بطريقة مكرهة وفوقية دون أن ينال رضا الآخرين فهذا أمر في غاية التبجح وأمر غير لائق .

خلاصة القول : إذا أردت أن تكون موضع تقدير واحترام يا مثقف الكرد فما عليك إلا أن تحترم مشاعر شعبك أولا وذاتك وتسعى معه إلى تحقيق طموحاته بصدق وإخلاص وتعيش آلامه وتكون صوته وضميره  ومن حقك أيضا أن يكون لك إطار تبرز من خلاله شخصيتك وتكون رقم ذو شأن…
 

  26/2/2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…