نحو حوار ديمقراطي هادف

افتتاحية صوت الأكراد*

لاشك أن القضية الكردية في سوريا قد تأثرت بالتطورات والتغيرات التي شهدتها المنطقة ، واستأثرت باهتمام بعض الدول والمنظمات الحقوقية والمدنية غير الحكومية ، وكذلك الرأي العام السوري ولاسيما الأحزاب والفعاليات المجتمعية المتمثلة في ( إعلان دمشق ) .

وكان لأحداث الثاني عشر من آذار الدامية 2004م الأثر الأكبر في دفع القضية الكردية إلى مواقع متقدمة .

وبذلك فقد أملت تلك العوامل الإيجابية على الحركة الوطنية الكردية تحركاً سريعاً يتناسب وسرعة تلك التطورات من أجل تقوية ذاتها عبر توحيد طاقات الشعب الكردي وتنظيم صفوفه ، وتسخيرها لأجل رفع الظلم والاضطهاد عن كاهل الشعب الكردي في سوريا، وتحقيق حقوقه القومية والديمقراطية.

لذلك فقد شارك ( مجموع الأحزاب الكردية ) في إدارة أحداث الثاني عشر من آذار بشكل إيجابي نال الترحيب والتأييد من أوسع أوساط الجماهير الكردية، التي تفاءلت خيراً في إمكانية الوصول إلى توحيد الصف الوطني الكردي، لكن تلك الخطوة الإيجابية لم تتطور سوى في إطار أحزاب التحالف والجبهة الكرديين، حيث سعت هذه الأحزاب إلى تشكيل الهيئة العامة للتحالف والجبهة لقيادة نشاطات وفعاليات أحزابها على الصعيدين الوطني والقومي الكردي ولعل من أبرزها بناء جسور التواصل والتفاهم مع الأحزاب الوطنية والفعاليات المجتمعية السورية التي تكللت بإعلان دمشق والوصول إلى وثيقة تتضمن جملة توافقات وطنية ومنها حل القضية الكردية في سوريا حلاً ديمقراطياً عادلاً ، وفي المجال القومي ، أقرت الهيئة العامة رؤية مشتركة للحل الديمقراطي للقضية الكردية في سوريا ، وتركها كمشروع للمناقشة مع الأطراف الكردية خارج الإطارين، لتعديله بالملاحظات والمقترحات التي تمليها المستجدات السياسية الراهنة، شريطة أن يقترن ذلك بالموافقة على عقد مؤتمر وطني كردي يضطلع بمهام توحيد الخطاب السياسي الكردي ، وتشكيل مرجعية كردية تملك حق التمثيل والقرار السياسي ، وذلك من ممثلي الأحزاب الكردية ومن الفعاليات الكردية الثقافية والاجتماعية والدينية المستقلة .
وقد بدأ ممثلو الهيئة العامة بالدخول في حوار ديمقراطي مع ممثلي كل من حزب يكيتي وآزادي ، وتوصلوا إلى قرار الموافقة على عقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ، وقرار اعتماد الرؤية المشتركة كمشروع للمناقشة .

وخلال هذه اللقاءات والحوارات فقد برزت مؤخراً عراقيل وصعوبات ، أسفرت عن تعثر الحوارات ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل هذه العراقيل تستدعي إيقاف الحوار ؟ أم متابعة جزء منه بغية الوصول إلى نقاط الاتفاق وما أكثرها ، وخاصة الاستراتيجية منها والمعتمدة في برامج كافة أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا ، فالكل يقر بوجود الشعب الكردي في سوريا على أرضه التاريخية ، وأنه يشكل القومية الثانية في البلاد ، وأن أبناءه يعانون من وطأة المشاريع العنصرية الظالمة والتدابير التمييزية ، وإن الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم ، تنكرت وجوده القومي ومشروعية حركته السياسية ، كما أن الجميع يطالبون بضرورة الاعتراف الدستوري بوجوده القومي ن وتضمين حقوقه القومية والديمقراطية في إطار وحدة البلاد .
وإذا كانت ثمة خلافات داخل صفوف الحركة الوطنية الكردية ، فإن العمل المشترك والعمل الديمقراطي ومستقبل القضية الكردية ، كفيل بتخفيف هذه الخلافات .
أما إذا كانت العراقيل والصعوبات التي تعترض سبيل وحدة الصف الكردي نابعاً عن عدم نضج العامل الذاتي، فالأولى بالأحزاب المتفقة على الرؤية المشتركة أن تتابع مسيرتها النضالية وفق تلك التوجهات السياسية دون تلكؤ أو مماطلة .
لذا نتطلع أن تسارع الهيئة العامة للتحالف والجبهة خطاها في قطع المراحل وتنفيذ مقرراتها الخاصة بعقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ، الكفيل بتوحيد الخطاب السياسي الكردي ، وتشكيل المرجعية الكردية ، التي هي مطلب جماهيري ملح ، وبذلك تكون قد خطت الهيئة العامة للتحالف والجبهة خطوات نوعية في طريق بناء الذات ، والتأهيل للتصدي لمهام المرحلة الراهنة واستحقاقاتها .
إن الساحة الكردية هي ميدان واسع ، يمكن أن تناضل فيها جميع فصائل الحركة الوطنية الكردية حسب قناعاتها وتوجهاتها السياسية، وبالنتيجة فأن الفصائل التي تجسد أماني وطموحات الشعب الكردي ، وتخدم تطور حركته السياسية ، وتستجيب للخيارات الوطنية المطروحة بين الشعب بما يخدم مصالحه الحيوية هي التي ستستأثر باهتمام الجماهير الكردية وتنال عطفها وتأييدها ، وستكون وسيلة فعالة بالمشاركة مع الأحزاب والفعاليات المجتمعية السورية في الدفاع عن الشعب الكردي ، وتحقيق حقوقه القومية والديمقراطية .
———–
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) / العدد (385) تشرين الثاني

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…