يكتبها سكرتير الحزب المحامي مصطفى أوسو
أن المبادرة العربية الجديدة، ورغم العديد من الملاحظات والتحفظات عليها، والصعوبة الكبيرة في تطبيقها على أرض الواقع في ظل نظام لا يأبه بالاتفاقات والمواثيق ولا يردعه قانون أو شريعة أو عرف، ولا يسمع أو يرى إلا نفسه فقط، ولا يعمل إلا من أجل بقائه وديمومته في السلطة ولو كان بقوة الحديد والنار…، تشكل انتصاراً هاماً للشعب السوري الثائر، الذي أظهر خلال الفترة الماضية، عزماً وتصميماً على المضي في ثورته السلمية حتى تحقيق أهدافها مهما كان الثمن ومهما كانت حجم التضحيات كبيرة…، وأن نجاحها في ظل الظروف الراهنة والواقع الموجود، يتوقف إلى درجة كبيرة على مدى تجسيدها لرغبة هذا الشعب وإرادته في إنهاء النظام الاستبدادي الشمولي الحاكم ببنيته التنظيمية والسياسية والفكرية وتفكيك الدولة الأمنية وبناء دولة ديمقراطية تعددية برلمانية تحترم الحقوق وتصان الحريات الفردية والعامة وتضمن الحقوق المدنية والسياسية والقومية لجميع أطياف ومكونات المجتمع السوري، وكذلك على مدى قدرتها على وقف عمليات القمع والتدمير والقتل وحقن دماء الشعب السوري، والاستمرار في عمليات المراوغة والالتفاف على القرارات المتعلقة بهذا الشأن وإفراغها من محتواها ومضمونها وجوهرها الأساسي، وأيضاً على مدى توفر الضمانات الدولية لتأمين نجاح تطبيقها بطرحها على مجلس الأمن الدولي وإصدار قرار دولي يلزم النظام بالكف عن المضي في الحل الأمني ومواصلة عمليات القمع والقتل والتنكيل والاستخدام المفرط للقوة ضد الشعب السوري،
وفي الحقيقة فأن هذه المبادرة العربية الجديدة قد تكون الفرصة الأخيرة السانحة أمام النظام السوري لايجاد مخرج وحل سياسي جدي للأزمة المتفاقمة وإخراج البلاد من المأزق الخطير الذي وضعها فيه، نتيجة سياساته وتصرفاته الهوجاء وعدم اعترفه بالواقع وتصويره ثورة الشعب السوري السلمية على أنها مؤامرة خارجية تستهدف نهجه المقاوم؟!!! ورهانه الدائم والمستمر على الحل الأمني، الذي أثبت فشله الذريع في قمع الثورة وإطفاء نار جذوتها، وفي كسر إرادة الشعب السوري التواق إلى الحرية والتغيير الديمقراطي ورحيل النظام…
وتبقى المعارضة السياسية السورية، بكافة فصائلها وتياراتها وأطرها…، وفي ظل التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تمر بها البلاد، مدعوة وأكثر من أي وقت آخر إلى ضرورة العمل بأقصى الجهود وبأسرع ما يمكن من الوقت للملمة وتوحيد صفوفها وإنهاء حالة التشتت والانقسام الحاصل فيما بينها، للتصدي لاستحقاقات المرحلة المقبلة وتحدياتها، وكذلك العمل بدون إبطاء على رسم ملامح خارطة طريق لسوريا المستقبلية، سوريا الديمقراطية التعددية البرلمانية وفق أسس اللامركزية السياسية والاعتراف الدستوري بوجود القوميات والأقليات القومية المختلفة المتعايشة في البلاد، وبشكل خاص بالشعب الكردي وحقوقه القومية الديمقراطية على أساس احترام حقه في تقرير مصيره بنفسه والتي يتجسد في صيغة الفيدرالية ضمن إطار وحدة البلاد.
العدد (339) شباط 2012