رسالة صريحة إلى الرئيس مسعود بارزاني المحترم مؤتمر أربيل والتجليات المتأخرة! (على خلفية إنعقاد مؤتمر أربيل للجاليات الكردية السورية في الخارج)

سيادة رئيس كردستان الأستاذ مسعود مصطفى بارزاني الموقر،
تحية إجلال وتقدير ،
فيما يلي وجهة نظرنا وتفسيرنا لوضع الكورد السوريين على خلفية إنعقاد مؤتمر أربيل للجاليات الكردية السورية في الخارج، الذي شرفتموه بحضوركم.

كما تعلمون، تمييّز المشهد السياسي الكردي في سوريا حتى نهاية أكتوبر من العام المنصرم بكثير من الغموض والإبهام لجهة عدم تبني الأحزاب الكردية رؤية واضحة وتحديد موقفهم من الثورة السورية.

فما عدا ثلاثة أحزاب سياسية متواضعة التأثير، إتخذت مبكراً مواقف مؤيدة للثورة، إقتصر حراك الشارع الكردي في سوريا على مجموعات شبابية مناصرة للثورة ومناهضة للموقف المترهل الذي إتخذته الغالبية العظمى من الأحزاب التقليدية الكردية.
 وإذا كان هناك إستثناءاً آخر يجدر ذكره فهو تمييّز تنظيم الـ (ب.ي.د.) المعروف بموالاته للعمال الكردستاني في تركيا، فقد آثر هذا الحزب إستغلال ضعف الحكومة، في تكوين آلياته الإدارية والتنظيمية، في المناطق الكردية، ضمن رؤيته “للإدارة الذاتية” التي يطلب بها كحل للقضية الكردية في سوريا.

والذي أثار بإجراءته تلك، حفيظة العديد من المعنيين على الساحتين الداخلية والخارجية.

ولما كانت هذه المعادلة تسير عكس المرتقب والمأمول من الكورد إقليمياً وعالمياً، كتركيا والإتحاد الأوروبي، وبالدرجة الأولى أمريكا، التي سنحت للمعارضة الكردية السورية بعقد أول وأهم مؤتمراتها على الإطلاق تحت قبة الكونغرس الأمريكي، في واشنطن عام 2006.

مما دفع الجميع للتدخل في الوضع وتصحيح مسار حركة الأكراد السوريين وتصويب مساعيهم عن طريق أخوتهم قادة كردستان العراق.
وفي تنظيم وترتيب هذه الوظيفة المعقدة، إصطدمت آليات العمل لقيادة إقليم كردستان بعقبة كأداء، لم يتوقعها أحد.

فإنبرت جهود التوحيد في مؤتمر قامشلو 26-10-2011 لجمع شمل (11) حزب صغير وتشكيل هيئة قيادية مصغرة..

إنبرت عن تأسيس جسمٍ غريب برأسٍ يضم (45) عضوٍ للمكتب التنفيذي(!) بينما نتجت جهود تأسيس فريق من التكنوقراط لتفعيل الدبلوماسية والسياسة الخارجية من بين كوادر الجاليات الكردية في الخارج، في مؤتمر أربيل 28-1-2012 عن جمع ثلة متنافرة في الرؤى والطرح، تمثل ضعف التيارات والنزعات المتنافرة أصلاً في المكتب التنفيذي (وذلك بسبب عبثية آليات التمثيل المتبعة والمحاصصات الحزبية، ودون الأخذ باية معايير نوعية سواء المهنية أو النضالية أو الأقدمية أوالتميّيز..الخ).

وليس أدل على ذلك  من قولكم يا سيادة الرئيس، في هذا المؤتمر ، حينما قلتم في حضور الجميع: “ليس لنا شرطاً آخر عليكم سوى التقييد بلم شمل الصف الوطني، و تفضيل العمل الوطني على الحزبي والتخلي عن النظرة الحزبية الضيقة!!” فاين فِعلتهم لمؤدياتِ هذا القول الصريح!؟
وتبين فيما بعد أن فريق العمل التحضيري،  سواء من اللجنة التحضيرية لمجلس الأحزاب او الفريق المكلف من ديوان رئاسة الإقليم غير ضالع لإيجاد صيغة ملائمة لضم الهيئات المتنافرة في لوحة جامعة واحدة..

وأصبحنا إزاء حالة شبيهة بما يسمونها في علم إجتماع الإتصال “برقص الدجاج” (طريقة يوخز فيها ارجل الدجاج بوهج حرارة ناتجة من صفيحة حديدية، يعتقد المشاهد بان الدجاج يرقص على الموسيقى المرفقة).

أي تماماً كما في واقعنا، فإن إنتهى كويّنا بنار الظلم، إستمرت تأثيراته النفسية العميقة تحرك مشيئتنا آلياً.

وبسبب هذه الكدمة الفاجعية جاءت تدبيراتهم  المتأخرة في المؤتمرين المذكورين (قامشلو وأربيل) ليكون حتى دون مستوى تحريك سلوك جمعي فطري كالذي تملكه الدجاج.

تأخرنا كثيراً جداً عن مسيرة الثورة!.

لقد أفقدتنا القيادات المترهلة الحس بايقاع العمل مع الآخرين!  وبسبب هذا التماطل نجد اليوم أرض الثورة السورية ملتهبة في كل بقاع الوطن إلاّ في المنطقة الكردية!؟! ولم تزحزح شجوى وعذوبة لحنها التحرري الثعلبة النكرية المغروسة بوحي تلك الأحزاب في مساحة واسعة من الوجدان الجمعي!!
لكن الثورة خلقت أدواتها.

فقد أشعلت الثورة السورية منذ إنطلاقتها النار في الغيّ المحتبس في خيال المتعاملين مع النظام وفي دهاليزه العتمة، وأظهرت ملامح جل الأشباح المتسترين بإقنعة مزدوجة، والذين  للأسف الشديد، شكلوا الأغلبية بين قادة الأحزاب الكردية السورية الرسمية.

لذلك سادت أجواء الحركة “الرسمية” المتلبدة بامزجتهم، وجومٌ غامض، وقلق غيرمفهوم ظاهرياً.

وجومٌ كصمت القبور، مثقل بترهلات الحراك التواطئي الجمعي المفروض عليهم “كثمن” للتعامل مع النظام  في الفترة الماضية.

تسللت تسريبات أسراره كتبريرات خجولة للتنصل من دعم الثورة السورية في تصريحات أناس معروفين جداً في ساحتنا الوطنية.

لكن كل هذا التحايل لم ينفع! فالثورة التي دفع ويدفع ابنائها ثمنها باهظاً من دمائهم الزكية، مستمرة رغم أنف الجميع، انها ثورة كل السوريين بما فيهم شبابنا الكردي البطل، الخارج على قفر الأطراف الفاقدة “للحس الوطني” والمفوضين لتمرير متكورات أروقة “تعايشهم السابق” مع النظام، سواء رغماً عنهم، أو عن قصد وسبق إصرار!
نعم، لقد دأب النظام ونجح جزئياً، في الأشهر العشرة الأخيرة، على التستر والتغطية على جرائمه بحق شعبنا، بإرغام هؤلاء “الممثلين الرسميين” و العاملين كموظفين له في حركتنا لإسقاط قضيتنا، المسألة الأولى بإمتياز في رأس قائمة دواعي الثورة السورية لدى أغلبية المعارضة السورية؟! بل حتى حينما زال سطوته عليهم إستمر خوفهم وإرتباكهم لإستمرار إرتباطهم به حتى 26 أكتوبر الماضي، لدرجة إنهم لم يعد يقوون على نطق الفباء المقاومة والثورة، وكل ما نسمعه اليوم على ألسنتهم دعاية فجة لا طعم لها.

وكدنا نتحول ككورد، وللعالم الخارجي أجمع، أضحوكة المضطهدين المترهلين والمترددين في المطالبة بإسقاط النظام  وبالحكم على قتلتنا! والساكتين على جرائم النظام.


انها حقائق قافلة على الفهم إلا للأكراد!؟
عقود خمسة عجاف افقدتنا الحس بالوجود، لم يرقى “قادتنا الرسميين” خلالها لعلوِ رسخِ قدم مطالبنا الشرعية من فوق كومة مبرراتهم، ولا من الإنفلات من قبضة النظام المحكمة عليهم، لدرجة انهم لم يدركوا أو يتداركوا إجتياح موجات الثورة لمناطقهم إلى عهد قصير!..

فكيف سيتعامل الآخرون مع صمتنا المخزي والمميت هذا؟ وكيف سيتعامل العالم المادي جداً مع أحلامنا العنس؟ كيف سيتفهم صانعي القرار العالمي اليوم:  “البراغماتيون” الأمريكان والغربيون “المثمنون” دور المهتدين بمعايير حقوق الإنسان؟ وكيف سنخلق الثقة بشركائنا في المعارضة، وحلفائنا الموضوعيين في الخارج؟ وكيف نلغي الفارق الزمني بيننا وبينهم لنطلب إعترافهم بنا ؟ اننا لم نستطع إلى الآن الإطلال على مشارف أهداف الثورة حتى في أحلامنا وتمنياتنا؟!
اليوم، الشغل الشاغل “للقادة الرسميين” تسويق الدعاية الرخيصة، لـ”حصولهم على الشرعية” باللعبة المبتذلة “لتنسيقهم” مع قادة كردستان العراق ؟! وتتحول دعابة اللعب على الكلمات والرموز والمعاني..

لترويج بهرجة “الغفران” التي يختلقونها، ونشوة “غسل الذنوب” بالشرعية التي يتمنون الحصول عليها بطقوسهم الزائفة من خلال زيارة ضريح مؤسس وقائد تحريرنا، البرزاني الخالد؟!.


أن هدفنا هنا ليس التهجم على ثلة من الأحزاب العائدة أدواتها المهترئة لسنوات السبعين من القرن الماضي، والتي لا تستر بقع ورقع صفحات تاريخها عورة واحدة.

وليس هدفنا التقليل من شأن الدعم المادي الهائل (الغير مستحق) الذي تلقوه من قيادة كردستان العراق، والذي لم يتوفر مثله لأية جهة من جهات الثورة السورية بأكملها!  بل هدفنا وقف هذه الحركة السارقة والمتسلقة  لموجة من موجات الثورة في ظروف غامضة! والحد من تأثير الشلل المثبط في جميع فقرات ومفاصل حركتنا ووقف الترهل والإنزلاق لقيعان العمالة السفلى كحالة يتسلل لثناياها المولوجون برهافة تنظيماتهم وتنظيراتهم.

ونقولها بكل صراحة لهؤلاء وأولئك، لمحبطي العمل الوطني ومروجي الإثباط الجمعي: لم يعفِ أحدٌ عن أحدٍ بعد! وأن المهمة الأولى لشباب الثورة، بعد النصر، هي وضع اليد على ملفات تقاريرهم  وتعاونهم مع المخابرات والأجهزة القمعية للنظام، الذي إستخدمهم ابشع إستخدام ضد مصالح شعبنا! بدون ذلك  ستفقد الثورة كل معانيها!.

إننا لا نريد ثورة تبدل الطغمة الحاكمة بعملائها التاريخيين! أن شبابنا سيطلبون منهم حرفياً الثمن الذي  قبضوه مقابل  دماء الشهداء، بما فيه إختلاسهم “لثوب الشرعية” لدى قادة كردستان العراق!
اللجنة التحضيرية للتجمع الوطني الكردستاني- سوريا
باريس 1-2-2012

 للإستفسار والإتصال وإبداء الرأيalbertjean93@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…