ولنا كلمة (4) مجرد حكي بـ حكي ..

روني علي

يبدو ، وكما يقال : لا حياة لمن تنادي ..
فمنذ أن وعينا على ذاتنا ونحن نكرر نفس الديباجات والمصطلحات ، اللهم البعض منها التي تتغير بحكم المتغييرات الخارجة عنا، أما نحن فما زلنا صامدين على قناعاتنا التي ترسخت بحكم نظام الأبوة، وتعاليم الأوائل من رواد مسيرتنا النضالية، والسياسات السائدة في سياجات بلداننا، فما زلنا نرى في الصغير صغيراً، لا يمتلك مؤهلات التواصل والتفكير، بل حتى النمو، وليس لديه القدرة في القيام بعمليات الفرز بين ما هو سلبي أو إيجابي، بين الخصم والصديق ..

وحتى الذين يتجرؤون ويحاولون خرق المفاهيم، يصطدمون لا محالة بالقيم النبيلة المقدسة، أو الذين يدعون بالبضاعة الدارجة من مفاهيم الديمقراطية وحرية الرأي والتعددية والخلاف والاختلاف، وفي قناعاتهم الباطنة أنها مستوردة وغير قابلة للاستهلاك المحلي، من الصعب عليهم نسف الماضي وهتك حرماته .

ويبقى كل ما يقال في هذا المجال ..

حكي بـ حكي ..
إذا جاز إسقاط هذه المعادلة على النمط المقونن في جغرافيتنا الإقليمية، نرى ترجمتها تتم على أكمل وجه لها، فبالأمس القريب وحينما كان الغضب الشعبي والدبابات الأمريكية تدك بالتماثيل المنشرة في أرجاء الأرض العراقية، أنتاب البعض شعور بالرهبة والذهول، وأثار غضب وحفيظة البعض، واستحسان البعض الآخر .

لكن الكل كان يقول في قرارة نفسه : لا بد من التغيير، لا بد من تحصين القلاع، أو لا بد من مواكبة ما يجري والاستحواذ فيه على موطئ قدم ..
لكن بعد الذي حصل للتماثيل، وبعد أن اصطف الكثيرون على الرصيف ليضمد جراحات خذلانهم ويتفقد مسودات مشاريعهم، وخسارة مواقفهم واضمحلال رؤيتهم، عاد الكل من جديد ليلتحقوا بالجوقة ويغنوا سمفونية الأمجاد، وممارسة الأحقاد ، وكأن الذي حصل لا يعنيهم ولم يكن يعنيهم البته ، إلا إذا داهمهم الشعور نفسه في محطات أخرى ..

لأننا هكذا على الخريطة الجغرافية، مصابون بنعمة النسيان السرمدي، وما الذي نقوله في المناسبة لم يكن سوى ..

حكي بـ حكي …
والذي يمتلك الجرأة ليقول إنه مجرد حكي، فمصيره بينٌ ومفهوم ..

لأنه قد سهى عن حقيقة : لا حياة لمن تنادي …..

 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…