مؤتمر المجلس الكردي أو( الكونفرانس ) هو جمع المختلفين لمعارضة الشارع الكردي

د.

بافي رامان


منذ عقود كان يهدف أبناء شعبنا الكردي بكل قواه الى توحيد وتأطير صفوفه من خلال الأحزاب الكردية والحراك الجماهيري الكردي ، لكن للأسف عندما كانت تأتي اية عملية وحدوية او اندماجية أو تشاركية كانت نتيجتها انشطارات وانشقاقات عامودية وأفقية لا نهاية لها, فمنها كانت ذاتية ومنها كانت خارجة عن ارادة هذه الاحزاب نتيجة ضعفها وانشقاقاتها وعدم امتلاكها لقرارها السياسي المستقل .

من هنا اذا أردنا ان نقرأ قراءة جديدة ومختلفة للواقع الكردي السوري ،لا بد لنا من أن نقترن هذا الواقع الكردي بالوضع السوري العام ولا يمكننا الفصل بينهما ، فمنذ الانقلاب البعثي العسكري الاستبدادي والاستيلاء على السلطة بقوة السلاح  بدأت النار بالتوغل في الجسم السوري العام.

وقضى هذا الانقلاب العسكري على كل الحياة والحراكات السياسية والبرلمانية والفكرية التي كانت تفتخر بها سوريا في فترة الخمسينيات من القرن الماضي .

وقام هذا النظام العسكري بتفكيك البنية المجتمية المدنية والفكرية وحاضناتها الاجتماعية وحولتها الى قطعات عسكرية يستطيع شرطي بحكم القانون العسكري الاستبدادي أن يفعل ما يشاء دون حسيب أو رقيب .

وتشرذم الشارع السوري والعربي أيضا من خلال استغلال القضية العربية والفلسطينية و المتاجرة بهما وانشاء أحزاب بعثية تابعة له في كل الدول العربية .

ولم يترك هذا النظام البعثي , المجتمع الكردي ومارس عبر سياساته الاستبدادية والامحائية والاقصائية كل ما يمت بالصلة الى الكرد والكردايتية في سورية من خلال  سياسة فرق تسد والتفكيك والتشتيت والتشكيك بوطنيتهم الخ .ونتيجة لهذا الضغط الرهيب والعنف العسكري حصلت الانشقاقات المتتالية في الجسد السياسي الكردي من دون وجود فوارق فكرية أو سياسية جوهرية بين أحزاب الحركة الكردية ، و كما هو معلوم انها توجد عدة تنظيمات وأحزاب كردية تمتلك نفس البرامج السياسية الى حد التشابهة شبه التام بينها ,لكن للاسف هناك العامل الذاتي الذي لعب دورا كبيرا أيضا في عدم توحيد صفوف الحركة الكردية نتيجة الصاعات الجانبية والانانية الحزبية التي رافقت الاحزاب الكردية طوال عمرها ولم تستطيع هذه الأحزاب ان تتوحد بالرغم من كل عوامل التقارب والبرامج المتشابهة فيما بينها في الرؤى والتنظير والبرامج السياسية ، من أجل رفع الغبن و الظلم والاضطهاد عن كاهل الشعب الكردي في سوريا، بل كانت تضيع وقتها في سياسات التشكيك والريبة وتخوين بعضها بعضاً , لكن منصفين لم تأتي هذه السياسات من وراء المحيطات والحدود بل جاءت انعكاسا وترجمة طبيعية لممارسات النظام القائم في دمشق وبكل أشكالها أي صورة مترجمة بما يقوم بها النظام البعثي الاقصائي , الذي حول سوريا الدولة الى دولة المخابرات والعسكر والعصابات والقضاء كليا على بنيان وأساسات المجتمع المدني السوري .

والأحزاب الحركة الكوردية مارست نفس السياسات من اقصاء وتهميش وانكار لكل الفعاليات والحراكات الفكرية والشعبية والمجتميعية المخالفة لها في المجتمع الكردي.من هنا وفي هذه المرحلة العصيبة والحساسة التي تمر بها سوريا بشكل عام والشعب الكردي بشكل خاص نناشد جميع الكتل والأحزاب وخاصة الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تتشابه في الرأي والبرامج السياسية أن تتخلى عن أنانياتها الحزبية وآفاقها الضيقة وأن تنخرط في تشكيل حزب سياسي واحد تربطه افكار سياسية موحدة وجامعة وبرنامج سياسي واضح المعالم .

وبعد ذلك من الممكن أن تنعكس هذه الحالة على الأطراف السياسية الأخرى وتتوحد الاحزاب المختلفة أيضا من خلال كتلة كردية موحدة , لكن هذه الاحزاب لم تتحرك عبر كل هذه السنين ولم تبادر جديا الى توحيد صفوفها حتى بات الوضع السياسي للكرد في سوريا مضرباً للأمثال في شتى التراب الكردستاني .

وأخيرا وليس آخرا بدأت هذه الأحزاب الكردية تشعر بما يحدث في سوريا من مستجدات واختلافات لموازين القوى من خلال الثورة السورية التي ألهمت الأطفال قبل الساسة في كل سوريا .

وبدأت هذه الأحزاب ترى انحسار دورها في المجتمع الكردي وبأن التنسيقيات والشباب والمثقفين والكتاب والمستقلين والوطنيين والغيورين قد أمسكوا بزمام الامور على الساحة وهم الفاعلين وحدهم في الشارع  ولن يرضوا تكرار تجربة انتفاضة 2004 .

فتسارعوا مع بعضهم الى عقد مؤتمر كردي  في القامشلو واعلنوا عن مجلس وطني كردي ، واتجهوا الى الشارع الكردي وعادوا لعادتهم القديمة واستعملوا بعض الاجندات لتشتيت الشباب حتى يسيطروا على الشارع من جديد , وبدؤوا  بركوب موجة الثورة والتسلق اليها من الأبواب الخلفية حتى لا يخسروا كل شي على الساحة .ولكن نقول لهم بأن ما من يوم من الأيام كان هدف شبابنا و مثقفينا ومستقليينا وكتابنا وأدبائنا وفنانينا مواجهة الاحزاب والحركة السياسية الكردية وطرح انفسهم كبديل عنها , بل كانوا دائماً وأبداً الواجهة الرئيسية في مقاومة آلة القمع والاستبداد والظلم المخابراتي البعثي ,ودفعوا الغالي والثمين من أجل تحقيق أهداف شعبنا الكردي في الحرية والديمقراطية والكرامة الاجتماعية حتى يتم الاعتراف الرسمي بحق الشعب الكردي في الدستور السوري , هذه الاهداف لا يمكن تحقيقها الا بتوحيد كل القوى والفعاليات الفكرية والثقافية الاجتماعية والسياسية  والحزبية على الساحة الكردية دون اقصاء لأحد مهما كان مختلفاً .

بناءاً على هذا والرغم من أننا لم نطرح أنفسنا كبديل أوعنوان للواقع, لكن عملنا وايماننا بوحدة الصف الكردي هو الذي يدفعنا الى أن نتحرك عبر طول الوطن وعرضه مهما كانت الصعاب ، فلدينا ايماننا الراسخ بان الاختلافية والتعددية السياسية والفكرية هي الطريقة الوحيدة لبناء مجتمع ناجح وديمقراطي مؤسساتي ومدني في سوريا وخاصة فمجتمعنا الكردي , وبعد هذه الايضاحات والملاحظات على عمل وممارسات الحركة السياسية الكردية نستفسر:
1- أنهم تجمعوا اليوم تحت اطار مؤتمر( كونفرانس ) كردي عام في هولير .

نسأل لما هذه السياسات الاقصائية الشمولية الواضحة التي جاءت من طرفكم , حتى هناك اقصاء بحق بعض الاحزاب نفسها ؟ أيعقل أن نطلق على هذا الكونفرانس بمؤتمر كردي عام وشامل.

كان يتوجب عليكم دعوة جميع الفعاليات والهيئات والتجمعات في المجتمع الكردي بغض النظر عن درجات الائتلاف او الاختلاف معهم  وبغض النظر عن العدد والكم  وبدون استثناء.

لانكم بالاساس لم تجتمعوا على أساس النوع .
2- نسأل أيضاً هل يحق للأحزاب بأن تقوم  بالانتقاء والاختيار حسب هواها ومزاجها السياسي مثلما جرى وشاهدناه ؟ فكان الاقصاء سيد الاحكام  في الاختيار , مثلما فعل ويفعل النظام الاسدي بحقنا دائماً.

ثم اذا كان هناك من يمثل الحراك الشعبي والشارع الكردي والشباب كما تقولون , فكيف تمت عملية الانتقاء  والاختيار وما هي المعايير التي تحدد من خلالها الحضور ؟ .
3- بالنسبة لمن يدعي بأن المؤتمر هو مؤتمر الجالية الكردية السورية في الخارج، أين هو تمثيل الكتاب والصحفيين والشعراء والفنانيين والمثقفين والصحفيين والمرأة والشباب ؟
أين هو تمثيل رابطة المهجرين والمغتربين الكرد ؟
أين هو تمثيل الجمعيات الحقوقية والانسانية والاغاثية الكردية السورية في المهجر؟
أين هو تمثيل شباب الحراك الثوري على الارض الذين اضطروا الى الهرب للخارج من بطش النظام الاسدي ؟ أين تمثيل المفكرين والاكاديميين الكرد ؟ وأين وأين وأين ؟؟؟
4- هذه القيادات تقوم بانتاج نتاج قديم وتريد كسب الشرعية من خارج الحدود وتحديداً من الحكومة الكردية في اقليم كرستان العراق قبل كسب الثقة والشرعية من الشارع الكردي ومن الداخل ومن الحراك الشبابي ، وعلى ما يبدو تريد هذه القيادات أيضاً أن تكسب بعض المكاسب المادية كما حصلت لها عند جولتها السابقة الى هولير العاصمة و صُرفت لهذ الأحزاب  مبلغ 110 الالاف دولار .
*يعرف الصرف أو الهدية المادية عند اخواننا في هولير بالدفتر، فكم دفتر دخل قاعة الكونفرانس ؟ هذا سؤال لحكومة اقليم كودستان .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…