شرطان لقيام الدولة الكردية

عبدالغني علي يحيى

نتيجة لأستفحال الخلاف بين الشيعة والسنة العراقيين، الذي بلغ نقطة اللاعودة عن التقاطع الممهد لأنفصال المكونات العراقية: الشيعة والكرد والسنة، ولتهرب حكومة المالكي المستمر عن تطبيق المادة 140 بخصوص حل مشكلة المناطق المتنازع عليها، فلقد برزت دعوات كردية لافتة، تصريحاً وتلميحاً الى قيام الدولة الكردية في كردستان العراق، ويعد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان من أشهر دعاتها، فمنذ ظهور الكيان الكردي الديمقراطي عام 1992، في جنوب كردستان، نلقاه يملح أويصرح بين ان وان الى الدولة الكردية، وفي العامين 2010،2011 اختفى التلميح وساد التصريح بشأنها، ففي المؤتمر ال 13 لحزبه نادى بتقرير المصير للكرد، وقوبل نداءه بتأييد قوي من لدن الكرد وبغضب شديد من جانب اطراف، معظها كانت عربية، مناهضة للدولة الكردية.
وقيل فترة وجيزة، جدد البارزاني نداءه الى الاستقلال وبشكل غير مباشر، ولكن اقوى من ذي قبل، حين قال (اذا استمرت المشاكل في العراق كما هو قائم الان، فسيعود الكرد الى برلمان كردستان) ومؤكدا (وأيا كان رأي شعب كردستان، فأنه سيقوم بتنفيذه) و أضاف (أنه إذا كان رأي شعب كردستان حتى مع المطالبة بالاستقلال فأنه لايستطيع حينها ان يقف بالضد من ذلك) .
والذي لايختلف فيه إثنان، ان الكتل البرلمانية الكردية، كافة متحمسة للدولة الكردية ولايقل حماسها لها عن حماس البارزاني، بدليل ان الاستفتاء الذي جرى في كردستان عام2005 اثبت ان اكثر من%98 من الكرد مع الاستقلال عن العراق، وهذه النسبة لاتجسد ارادة اعضاء ومؤازري الحزبين الكرديين الحاكمين فحسب انما سائر الاحزاب الكردستانية من اسلامية وشيوعية وغيرهما علاوة على قطاع عريض من المستقلين، ما يعني ان الكرد متفقون ازاء مشروع الدولة الكردية ولن يقبل تحمسهم لها الفتور او التراجع لا الان ولا في المستقبل أيضاً.
ويوماً بعد يوم تتسع دائرة النقاش حول ضرورة قيام الدولة الكردية في اجهزة الاعلام الكردية وغيرها، ففي السابع من كانون الثاني الجاري، طالب الشيخ ادهم البارزاني رئيس حزب الله الكردي المنحل والعضو الحالي في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ( القيادات السياسية الكردية لمطالبة البرلمان الكردستاني لاجل اتخاذ قرار لأجراء استفتاء لتقرير المصبر لكردستان، سواء باعلان الدولة الكردية ام البقاء ضمن الدولة العراقية) أما موقف الشعب الكردي من مشروع الدولة الكردية فأمر لايحتاج الى نقاش وهو يرفض ليس الان فحسب بل منذ عقود البقاء ضمن الدولة العراقية وفي خضم الحراك هذا يظل استقلال كردستان، خاضعاً لشرطين لا ثالث بينها الأول، وهو دعم واحتضان الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة للكرد في مسعاهم إلى اقامة الدولة الكردية، لأن العامل الخارجي شرط لأي تغيير من هذا القبيل، فالحركات التحررية للشعوب من اجل الاستقلال قديماً وحديثاً لم تكن لتنتصر لولا العامل الخارجي، والذي يجعل الكرد يعلقون الامال على هذا الشرط وعيناً على العامل الخارجي هو قيام كيانهم شبه المستقل منذ عام 1991 بفضل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة و مبدأ ( واجب التدخل) للرئيس الفرنسي الراحل (فرانسوا ميتران) .

فلولا ذلك، لما كان الكيان الكردي يرى النور، ولما كان عمره ليمتد كل هذه الاعوام، وعندي ان هذا الشرط قائم، و ان البارزاني لا ينطق عن الهوى في إثارته لمشروع الدولة الكردية.
اما الشرط الثاني الذي لايقل اهمية عن الشرط الأول فهو بروز قائد عراقي واقعي على غرار (غوربا تشوف) ومن بعده البشير، يسلم بحق الكرد في الحرية والاستقلال، فالأول (غورباتشوف) اطلق الاستقلال ل 15 جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق ومما يجدر ذكره ان العلاقات بين تلك الجمهوريات وروسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفيتي السابق، في معظمها قوية ومتينة بشكل نستطيع معه القول، انه من غير المستبعد، دخولهما في اتحاد جديد وتكوين منظومة على غرار الاتحاد الاوروبي.

فيما تكمن مأثرة البشير، في اعترافه بدولة جنوب السودان الذي وطد الثقة وا لأمل في ان ينتهج حكام أخرون في الدول متعدد القوميات نهجه ويمنحوا الحرية للشعوب الرازحة تحت نير حكوماتهم، ويتفهموا، اي الحكام حقوقها في تقرير المصير كتفهم البشير لتطلعات شعب جنوب السودان وقبله غورباتشوف الذي حقق طموحات شعوب الاتحاد السوفيتي السابق من غير الروسية.
ان الوضع العراقي المتأزم، يمهد لتقسيم العراق لا محالة وتوجه الكرد الى المطالبة بالأستقلال، ولكن بعد توفر أحد الشرطين المشار اليها وفي حال عدم توفر أي منهما وهو أحتمال ضعيف، فما على الكرد الا لزوم الصمت، لأن السكوت في هكذا حالة من ذهب.

Al_botani2008@yahoo.com

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…