جان كورد
ظهر مفهوم “الثورة” في القرن الخامس عشر، في علم الفلك أولاً، للتعبير عن دوران الأجسام السماوية، من خلال استخدام لفظة “ريفولتسيو” من اللاتينية المتأخرة، التي تعني (الإرجاع نحو الخلف أو التدوير)، ومع مرور الزمن تم استخدام المصطلح بمعنى “التغير، التحول الفجائي، والتجديد”، ومنذ القرن الثامن عشر على شكل التغيير السياسي المصحوب باستخدام القوة في أغلب الأحيان، من خلال التأثر الشديد بالثورة الفرنسية على الملكية، و”الثورة” تختلف تماماً عن “التطور” الذي رأيناه مستخدماً بقوة لدى “داروين”… واتخذت “الثورة” لدى الشيوعيين معنى أوسع يشمل التغيير الاجتماعي الجذري لمجمل النظام السياسي – الثقافي – الاجتماعي – الاقتصادي… وبخاصة منذ نجاح الثورة البولشفية على القيصرية الروسية العريقة في أوكتوبر 1917م، كما تختلف “الثورة” تماماً عن “الانتقالية السياسية”،
ظهر مفهوم “الثورة” في القرن الخامس عشر، في علم الفلك أولاً، للتعبير عن دوران الأجسام السماوية، من خلال استخدام لفظة “ريفولتسيو” من اللاتينية المتأخرة، التي تعني (الإرجاع نحو الخلف أو التدوير)، ومع مرور الزمن تم استخدام المصطلح بمعنى “التغير، التحول الفجائي، والتجديد”، ومنذ القرن الثامن عشر على شكل التغيير السياسي المصحوب باستخدام القوة في أغلب الأحيان، من خلال التأثر الشديد بالثورة الفرنسية على الملكية، و”الثورة” تختلف تماماً عن “التطور” الذي رأيناه مستخدماً بقوة لدى “داروين”… واتخذت “الثورة” لدى الشيوعيين معنى أوسع يشمل التغيير الاجتماعي الجذري لمجمل النظام السياسي – الثقافي – الاجتماعي – الاقتصادي… وبخاصة منذ نجاح الثورة البولشفية على القيصرية الروسية العريقة في أوكتوبر 1917م، كما تختلف “الثورة” تماماً عن “الانتقالية السياسية”،
حيث يتخلى نظام سياسي أو زعيم ما عن سلطته على مراحل، دون المساس الجذري ببنية نظامه وأركانه، وهذه الانتقالية – مع الأسف – هي التي وردت في الاتفاق الفاشل بين مكونين بارزين من مكونات المعارضة السورية، في أواخر العام الماضي، وهما المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطني، وفهمها الشعب السوري ك”خيانة” لثورته، إلا أن رئاسة المجلس الوطني شعرت بخطئها التاريخي ذاك، فسعت بشتى الحيل الديبلوماسية لتدارك الأمر وللتملص من ذلك الاتفاق القصير المدى، إلا أنه ظل محاولة يائسة لتحريف الثورة السورية عن المسار الذي بدأه الربيع العربي من تونس، وهدفه الأكبر هو الاطاحة بالنظم اللاديموقراطية واقامة سلطة الشعب على أنقاض الدكتاتوريات المستبدة منذ عقودٍ طويلة برقاب الشعوب في المنطقة، واحداث التحولات الضرورية لبناء مجتمعات قادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وصون حقوق الإنسان والتوزيع العادل للثروات الوطنية وتأمين الحريات السياسية والشخصية لكل المواطنين، أي تحقيق ذات المبادىء الكبرى للثورة الفرنسية التي تعتبر “أم الثورات” الحقيقة للبشرية منذ القرن الثامن عشر.
ومن فصائل الثورة السورية، كما في الثورات الأخرى التي سبقتها، من يعمل على انتزاع السلطة من النظام والشعب معاً وتسليمها للشرع الرباني، ولكن هذا يحتمل أيضاً مخاطر سيطرة بعض من يعتبرون أنفسهم “ممثلين” أو “خلفاء” لله في الأرض، فيرفضون التمثل لرأي الشعب وقراره، لرفضهم الديموقراطية أساساً واعتبارهم الإذعان لرأي الشعب كفراً وإلحاداً، فيصبون الماء في طاحونة الدكتاتورية عن علمٍ أو عن جهل، ويستغلون نفوذهم الديني ليجروا سوريا “الثورة” إلى ذات المصير الذي أدخل الخمينيون فيه ثورة الشعوب الايرانية العظيمة على الشاه، وجعلوا من “الثورة” طاغوتاً إكليروسياً لامثيل له بين النظم الارهابية في العالم.
الشعب السوري في حالة ثورة عارمة، وعسى أن تبقى هكذا “سلمية”، وأن لا تنجر إلى مخططات النظام الذي يريد تأجيج الأوضاع للشروع في “حرب طائفية”، وهذه الثورة تريد تغييراً شاملاً لدستور البلاد وتركيبة النظام الحاكمة وتوزيع عادل لثروات البلاد وتحرير مختلف المكونات السورية، الدينية والاثنية، من سياسات الاقصاء والاهمال والاضطهاد.
والثورة في الشارع السوري ماضية في طريقها، رغم كل المحاولات السخيفة لتصويرها على أنها “تحريك أجنبي” أو “قلاقل غير هادفة” أو أنها “تمهيد” لوصول السلفيين للحكم… ويشارك النظام في تركيب هذه التلفيقات ونشرها إعلامياً بعض من يعتبرون أنفسهم – مع الأسف – من المعارضة السورية، وهم ليسوا إلا جنوداً ومرتزقة وطابور خامس للنظام الأسدي المترنح… ولكن لاثورة دون الحفاظ على مقوماتها الأساسية المتمثلة بتحقيق الأهداف الاجتماعية التي تضحي من أجلها بلوغها الجماهير الشعبية بفلذات أكبادها من الشباب والأطفال والجنود المنشقين عن النظام الارهابي، وبخاصة فإن الربيع العربي بدأ يذبل، ولم يتقدم إلى ساحات أخرى، كما أنه يعاني من انتكاسات في شمال أفريقيا، واجهاض في اليمن وتراجعات في الأردن والمغرب وسواهما…
الشعب السوري، الذي يشعر بأنه وحيد في مواجهة وحشية النظام المتفاقمة ومؤامرة النظم العربية من خلال الجامعة العربية على ثورته، كما يعاني من انشقاقات بينة في معارضته، يدرك أن التراجع عن مسيرته الثورية هذه يعني تعريض نفسه لمزيد من الاجرام والارهاب، علي أيدي زبانية الأسد، كما يدرك أن خوض المعارك الجانبية الآن بين صفوف أبنائه ومكوناته المختلفة يؤدي إلى عرقلة تقدمه على طريق كفاحه النبيل، لذا فإن على المعارضة السورية مساعدة هذا الشعب بأن تقوم هي بما يطلبه الشعب منها، وهي باعتقادي:
– التوجه للمجتمع الدولي بهدف تدويل القضية السورية ونيل دعم العالم الحر الديموقراطي، بعد أن تبين نفاق النظام العربي السياسي في معظم مفاصله وعدم تلبية مطالب الشعب السوري الأساسية من قبل الجامعة العربية ومحاولتها إظهار عنف النظام كعنف بعض المجموعات الصغيرة التي يئست من هذه الأوضاع، ومماطلتها بهدف منح النظام فرصة أطول للتخلص من المعارضة الشعبية
– توحيد صفوفها من خلال مؤتمر أشمل لمختلف مكوناتها وبخاصة الكتل الشبابية منها، ودعوة ضيوف عرب وغير عرب إلى هذا المؤتمر ليساهموا في تعزيز الوحدة الحقيقية للمعارضة السورية العاملة حقاً على دحر النظام ووقف مسلسل جرائمه ضد الإنسانية والساعية لاسقاط الأسد وسلطة زبانيته قبل كل شيء آخر
– التأكيد التام من خلال البيانات والاتفاقات والنشريات باستمرار على صون حقوق سائر المكونات السورية والأقليات القومية والدينية، وفي مقدمتها التأكيد على الاعتراف التام بممارسة الشعب الكوردي لحقه في تقرير مصيره ضمن وحدة الوطن السوري، وحقوق المرأة السورية، وتجريم القتلة الذين يريقون دماء هذا الشعب وتحرير المعتقلين والنضال من أجل سوريا حديثة تتسع للجميع دون استثناء.
ورفض أي شكلٍ من أشكال الحوار أو غير المباشر مع النظام لايتضمن اسقاط هذه المجموعة الآثمة التي قضت حتى الآن على آلاف السوريين دون وجه حق.
-السعي باستمرار لشرح أهداف الثورة السورية على أساس أنها ثورة من أجل كرامة الإنسان ولقمة عيشه الكريمة، وليس مجرد تبديل عصابة ناهبة بعصابة ناهبة أخرى، وهذا يعني التأكيد على مختلف مستويات عمل المعارضة بأن لا إنجاز للثورة الحقيقة دون تحقيق أهداف الشعب في العدالة الاجتماعية قبل أي هدفٍ آخر.
، 09 كانون الثاني، 2012
ومن فصائل الثورة السورية، كما في الثورات الأخرى التي سبقتها، من يعمل على انتزاع السلطة من النظام والشعب معاً وتسليمها للشرع الرباني، ولكن هذا يحتمل أيضاً مخاطر سيطرة بعض من يعتبرون أنفسهم “ممثلين” أو “خلفاء” لله في الأرض، فيرفضون التمثل لرأي الشعب وقراره، لرفضهم الديموقراطية أساساً واعتبارهم الإذعان لرأي الشعب كفراً وإلحاداً، فيصبون الماء في طاحونة الدكتاتورية عن علمٍ أو عن جهل، ويستغلون نفوذهم الديني ليجروا سوريا “الثورة” إلى ذات المصير الذي أدخل الخمينيون فيه ثورة الشعوب الايرانية العظيمة على الشاه، وجعلوا من “الثورة” طاغوتاً إكليروسياً لامثيل له بين النظم الارهابية في العالم.
الشعب السوري في حالة ثورة عارمة، وعسى أن تبقى هكذا “سلمية”، وأن لا تنجر إلى مخططات النظام الذي يريد تأجيج الأوضاع للشروع في “حرب طائفية”، وهذه الثورة تريد تغييراً شاملاً لدستور البلاد وتركيبة النظام الحاكمة وتوزيع عادل لثروات البلاد وتحرير مختلف المكونات السورية، الدينية والاثنية، من سياسات الاقصاء والاهمال والاضطهاد.
والثورة في الشارع السوري ماضية في طريقها، رغم كل المحاولات السخيفة لتصويرها على أنها “تحريك أجنبي” أو “قلاقل غير هادفة” أو أنها “تمهيد” لوصول السلفيين للحكم… ويشارك النظام في تركيب هذه التلفيقات ونشرها إعلامياً بعض من يعتبرون أنفسهم – مع الأسف – من المعارضة السورية، وهم ليسوا إلا جنوداً ومرتزقة وطابور خامس للنظام الأسدي المترنح… ولكن لاثورة دون الحفاظ على مقوماتها الأساسية المتمثلة بتحقيق الأهداف الاجتماعية التي تضحي من أجلها بلوغها الجماهير الشعبية بفلذات أكبادها من الشباب والأطفال والجنود المنشقين عن النظام الارهابي، وبخاصة فإن الربيع العربي بدأ يذبل، ولم يتقدم إلى ساحات أخرى، كما أنه يعاني من انتكاسات في شمال أفريقيا، واجهاض في اليمن وتراجعات في الأردن والمغرب وسواهما…
الشعب السوري، الذي يشعر بأنه وحيد في مواجهة وحشية النظام المتفاقمة ومؤامرة النظم العربية من خلال الجامعة العربية على ثورته، كما يعاني من انشقاقات بينة في معارضته، يدرك أن التراجع عن مسيرته الثورية هذه يعني تعريض نفسه لمزيد من الاجرام والارهاب، علي أيدي زبانية الأسد، كما يدرك أن خوض المعارك الجانبية الآن بين صفوف أبنائه ومكوناته المختلفة يؤدي إلى عرقلة تقدمه على طريق كفاحه النبيل، لذا فإن على المعارضة السورية مساعدة هذا الشعب بأن تقوم هي بما يطلبه الشعب منها، وهي باعتقادي:
– التوجه للمجتمع الدولي بهدف تدويل القضية السورية ونيل دعم العالم الحر الديموقراطي، بعد أن تبين نفاق النظام العربي السياسي في معظم مفاصله وعدم تلبية مطالب الشعب السوري الأساسية من قبل الجامعة العربية ومحاولتها إظهار عنف النظام كعنف بعض المجموعات الصغيرة التي يئست من هذه الأوضاع، ومماطلتها بهدف منح النظام فرصة أطول للتخلص من المعارضة الشعبية
– توحيد صفوفها من خلال مؤتمر أشمل لمختلف مكوناتها وبخاصة الكتل الشبابية منها، ودعوة ضيوف عرب وغير عرب إلى هذا المؤتمر ليساهموا في تعزيز الوحدة الحقيقية للمعارضة السورية العاملة حقاً على دحر النظام ووقف مسلسل جرائمه ضد الإنسانية والساعية لاسقاط الأسد وسلطة زبانيته قبل كل شيء آخر
– التأكيد التام من خلال البيانات والاتفاقات والنشريات باستمرار على صون حقوق سائر المكونات السورية والأقليات القومية والدينية، وفي مقدمتها التأكيد على الاعتراف التام بممارسة الشعب الكوردي لحقه في تقرير مصيره ضمن وحدة الوطن السوري، وحقوق المرأة السورية، وتجريم القتلة الذين يريقون دماء هذا الشعب وتحرير المعتقلين والنضال من أجل سوريا حديثة تتسع للجميع دون استثناء.
ورفض أي شكلٍ من أشكال الحوار أو غير المباشر مع النظام لايتضمن اسقاط هذه المجموعة الآثمة التي قضت حتى الآن على آلاف السوريين دون وجه حق.
-السعي باستمرار لشرح أهداف الثورة السورية على أساس أنها ثورة من أجل كرامة الإنسان ولقمة عيشه الكريمة، وليس مجرد تبديل عصابة ناهبة بعصابة ناهبة أخرى، وهذا يعني التأكيد على مختلف مستويات عمل المعارضة بأن لا إنجاز للثورة الحقيقة دون تحقيق أهداف الشعب في العدالة الاجتماعية قبل أي هدفٍ آخر.
، 09 كانون الثاني، 2012