د.
آلان كيكاني
آلان كيكاني
إبان الانتداب الفرنسي على سورية شهدت الأخيرة ثورات مسلحة ضد الفرنسيين بغية تحرير الأرض وجلاء المستعمر , والدافع وراء التخلص من الاستعمار آنذاك كان وطنياً سورياً بحتاً غير مشوب بصبغة قومية أو أو دينية أو طائفية , وإنما كان الجهاد خالصاً لوجه سورية الأرض والشعب , وأبطال المقاومة وخارطتها يدلان على ذلك , ففي الساحل كان الشيخ صالح العلي ابن الطائفة العلوية , وفي الجنوب السوري كان سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى سليل الموحدين الدروز , وفي الشمال كان الكردي إبراهيم هنانو وفي الوسط كان فوزي قاوقجي وحسن الخراط من العرب السنة .
وفجأة عشية الاستقلال عنَّ البعث العروبي ينادي بعروبة سورية أرضاً وشعباً في انتهاك صارخ لواقع أرض مرت عليها حضارات وسكنتها شعوب مختلفة منذ أكثر من سبعة آلاف سنة كان العرب آخرها , وما يبعث على الدهشة أكثر هو أن يكون مؤسس البعث مسيحياً سورياً , فهذه الطائفة كانت من الموالين للفرنسيين والمستفيدين من وجودهم بحكم انتمائهم الديني , ومن ثم لم يُعرف عن المسيحي ولاءه العنصري للعروبة ماضياً وحاضراً , بل إن أكثرهم ينحدرون من الشعوب التي كانت تسكن سورية قبل الإسلام مثل الآراميين والسريان والفينيقيين والرومان , فكيف حدث ذلك ؟
المسيحيون في لبنان بعيدون عن الانتماء إلى العروبة , ويقولون علناً أن العروبة دخيلة عليهم , فهم أحفاد الكنعانيين والفينيقيين امتزجت دماؤهم بدماء الرومان والبيزنطيين والعرب المسلمين والصليبيين , فلماذا حاد ميشيل عفلق عن ذلك وقام بتأسيس البعث بفكره العروبي العنصري ؟
الحق أن الأسباب عديدة , منها أن الفرنسيين وإذ همّوا بالجلاء لم يتركوا سورية دون أن يخططوا لمستقبلها بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها وبني عقيدتها , وهم وراء تأسيس حزب البعث العروبي أملاً في حماية المسيحيين في سورية لأن بديل القومية في سورية آنذاك كان الإسلام , فقطعوا الطريق على الإسلام لصالح العروبة , ذلك لأن المسيحيين في سورية يتحدثون العربية وهم في جلهم محسوبون على القومية العربية فجاء البعث لحمايتهم من الإسلام .
نقطة أخرى مهمة يهدف إليها البعث في هذا السياق هي حماية المصالح اليهودية وحدود دولة إسرائيل وضمان توسعها , فمنذ استلام الأنظمة العروبية للسلطة وإسرائيل في تقدم والعرب في تقهقر وتوج ذلك بهزائم مخزية للعرب واحتلال لمزيد من الأراضي العربية مثل الضفة الغربية وجولان , ولا شك أن لإسرائيل أطماع تاريخية في المنطقة العربية وغير العربية تتجاوز حدود فلسطين ومن أهم المناطق التي يسيل لها لعاب الدولة العبرية خارج فلسطين هي تلك الممتدة من أورفا شمالاً وحتى مشارف الرقة جنوباً , فهي أرض مقدسة في عرفهم , فيها عاش جدهم إبراهيم ودعا الناس إلى الله حتى كاد أن يفقد حياته حين حكم عليه نمرود بالموت لولا أن نصره الله بأمره , وبعد وفاة إبراهيم عاد حفيده إسرائيل ( يعقوب ) إلى حران يطلب يد ابنة خاله لابان وكان للخال ابنتان الكبرى اسمها ليا وكانت دميمة قبيحة والصغرى اسمها راحيل وكانت وضيئة وجميلة فوقع إسرائيل في حب الصغرى راحيل ولكن الخال اشترط أن يرعى أغنامه سبع سنوات مهراً لابنته وعندما أكمل السبعة خدعه الخال وزوجه من ابنته الكبرى ليا مدعياً أن العادة عندهم لا تسمح بتزويج الأخت الصغرى قبل الكبرى بينما كانت عين يعقوب على الصغرى كما ذكرنا فاشترط عليه الخال مرة أخرى أن يرعى أغنامه سبع سنوات مهراً لابنته الصغرى , وكان العرف في تلك الأيام يجيز للرجل الجمع بين الأختين حتى نزل التوراة وحرمه , وعندما أكمل إسرائيل مهمته في حران عاد إلى فلسطين ليبني البيت المقدس ومعه زوجتاه اللتان انجبتا له اثنا عشر ولدأ ومنهم نبي الله يوسف الذي استحوذ على جمال أمه راحيل وأخوه بنيامين , وأسباط اليهود الأثنا عشر يعود كل سبط منهم إلى ولد من أولاد إسرائل الأثني عشر .
لذلك من غير المستغرب أن تسعى إسرائيل لامتلاك تلك الأراضي التي عاش عليها جدهم إبراهيم وأبوهم إسرائيل ووُلد فيها آباء أسباطهم الأثني عشر .
والأدلة كثيرة فقبل سنوات وعندما أبرمت تركيا اتفاقيات بالجملة مع إسرائيل قام الإسرائيليون بشراء الأراضي وإقامة المشاريع في حران وقاموا بإغراء الإسرائيليات للولادة في أورفا بدعوى أن فيها أطباء جيدين في حقل الولادة والأمراض النسائية وكانوا يهدفون من وراء ذلك إلى نيل المولود للجنسية التركية وبالأخص تلك التي محلها وخانتها حران , وهو الأمر الذي انتبهت إليه الحكومة التركية فيما بعد ووضعت حداً له .
وفي الجانب السوري تعتبر تل أبيض وعين العروس هي امتداد لحران والتي كان إسرائيل يرعى فيها الأغنام وينجب فيها الأبناء لمدة عشرين سنة , ومن المعروف أن البعث يمنع الكرد من شراء بيت أو قطعة أرض في هذه المنطقة منذ توليه السلطة لأسباب مشبوهة تتعلق بالحلم الإسرائيلي لملكية هذه الأرض والسعي إلى امتلاكها الحقيقي عند المقدرة .
وحجة البعث أن الكردي إذا امتلك هذه الأرض فلن يبيعها لذا يجب أن تبقى الأرض بيد العرب الذين يسهل عليهم بيعها لليهود في آت الأيام .
والأقرب من ذلك ما حدث في تسعينات القرن الماضي بعيد مغادرة اليهود السوريين لسورية فقد قامت حكومة البعث بخطط محكمة للاحتفاظ بمخلفات اليهود وحراسة أملاكهم فبادرت إلى تسوير أراضيهم بأسوار هي أشبه بالجدار العازل الذي تبنيه حكومة إسرائيل لعزل الفلسطينيين متينة وصلبة وعالية , ومن يزر حلب ودمشق ير هذه الأسوار تحيط بعقارات هنا وهناك , وما هي إلا أملاك لليهود يحفظها لهم حزب البعث لألا يبني فيها أحد بيتاً أو حتى خيمة .
وقد تجاوزت خدمة البعث اليهود الأحياء إلى الأموات منهم , فقبور اليهود في سورية البعث في الحفظ والصون ولكل مقبرة حراسها الذين يدفع لهم رواتبهم الشهرية في الوقت الذي تُزال فيه قبور المسلمين وتحفر دون أدنى احترام أو استئذان من ذوي الميت .
وعليك أن تقارن عزيزي القارئ الفرق بين أملاك اليهود التي تصرف عليها حكومة البعث الملايين للحفاظ عليها ريثما يعود أصحابها لاستلامها وبين أملاك الأكراد التي سلبت منهم بقوة في ستينات القرن الماضي ووهبت إلى الأعراب بسهولة ويسر في إطار الحزام العربي وتعريب المناطق الكردية ! وكأننا نحن من ارتكبنا الجرائم بحق العرب وسلبناهم أرضهم في فلسطين وليس اليهود .
المسيحيون في لبنان بعيدون عن الانتماء إلى العروبة , ويقولون علناً أن العروبة دخيلة عليهم , فهم أحفاد الكنعانيين والفينيقيين امتزجت دماؤهم بدماء الرومان والبيزنطيين والعرب المسلمين والصليبيين , فلماذا حاد ميشيل عفلق عن ذلك وقام بتأسيس البعث بفكره العروبي العنصري ؟
الحق أن الأسباب عديدة , منها أن الفرنسيين وإذ همّوا بالجلاء لم يتركوا سورية دون أن يخططوا لمستقبلها بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها وبني عقيدتها , وهم وراء تأسيس حزب البعث العروبي أملاً في حماية المسيحيين في سورية لأن بديل القومية في سورية آنذاك كان الإسلام , فقطعوا الطريق على الإسلام لصالح العروبة , ذلك لأن المسيحيين في سورية يتحدثون العربية وهم في جلهم محسوبون على القومية العربية فجاء البعث لحمايتهم من الإسلام .
نقطة أخرى مهمة يهدف إليها البعث في هذا السياق هي حماية المصالح اليهودية وحدود دولة إسرائيل وضمان توسعها , فمنذ استلام الأنظمة العروبية للسلطة وإسرائيل في تقدم والعرب في تقهقر وتوج ذلك بهزائم مخزية للعرب واحتلال لمزيد من الأراضي العربية مثل الضفة الغربية وجولان , ولا شك أن لإسرائيل أطماع تاريخية في المنطقة العربية وغير العربية تتجاوز حدود فلسطين ومن أهم المناطق التي يسيل لها لعاب الدولة العبرية خارج فلسطين هي تلك الممتدة من أورفا شمالاً وحتى مشارف الرقة جنوباً , فهي أرض مقدسة في عرفهم , فيها عاش جدهم إبراهيم ودعا الناس إلى الله حتى كاد أن يفقد حياته حين حكم عليه نمرود بالموت لولا أن نصره الله بأمره , وبعد وفاة إبراهيم عاد حفيده إسرائيل ( يعقوب ) إلى حران يطلب يد ابنة خاله لابان وكان للخال ابنتان الكبرى اسمها ليا وكانت دميمة قبيحة والصغرى اسمها راحيل وكانت وضيئة وجميلة فوقع إسرائيل في حب الصغرى راحيل ولكن الخال اشترط أن يرعى أغنامه سبع سنوات مهراً لابنته وعندما أكمل السبعة خدعه الخال وزوجه من ابنته الكبرى ليا مدعياً أن العادة عندهم لا تسمح بتزويج الأخت الصغرى قبل الكبرى بينما كانت عين يعقوب على الصغرى كما ذكرنا فاشترط عليه الخال مرة أخرى أن يرعى أغنامه سبع سنوات مهراً لابنته الصغرى , وكان العرف في تلك الأيام يجيز للرجل الجمع بين الأختين حتى نزل التوراة وحرمه , وعندما أكمل إسرائيل مهمته في حران عاد إلى فلسطين ليبني البيت المقدس ومعه زوجتاه اللتان انجبتا له اثنا عشر ولدأ ومنهم نبي الله يوسف الذي استحوذ على جمال أمه راحيل وأخوه بنيامين , وأسباط اليهود الأثنا عشر يعود كل سبط منهم إلى ولد من أولاد إسرائل الأثني عشر .
لذلك من غير المستغرب أن تسعى إسرائيل لامتلاك تلك الأراضي التي عاش عليها جدهم إبراهيم وأبوهم إسرائيل ووُلد فيها آباء أسباطهم الأثني عشر .
والأدلة كثيرة فقبل سنوات وعندما أبرمت تركيا اتفاقيات بالجملة مع إسرائيل قام الإسرائيليون بشراء الأراضي وإقامة المشاريع في حران وقاموا بإغراء الإسرائيليات للولادة في أورفا بدعوى أن فيها أطباء جيدين في حقل الولادة والأمراض النسائية وكانوا يهدفون من وراء ذلك إلى نيل المولود للجنسية التركية وبالأخص تلك التي محلها وخانتها حران , وهو الأمر الذي انتبهت إليه الحكومة التركية فيما بعد ووضعت حداً له .
وفي الجانب السوري تعتبر تل أبيض وعين العروس هي امتداد لحران والتي كان إسرائيل يرعى فيها الأغنام وينجب فيها الأبناء لمدة عشرين سنة , ومن المعروف أن البعث يمنع الكرد من شراء بيت أو قطعة أرض في هذه المنطقة منذ توليه السلطة لأسباب مشبوهة تتعلق بالحلم الإسرائيلي لملكية هذه الأرض والسعي إلى امتلاكها الحقيقي عند المقدرة .
وحجة البعث أن الكردي إذا امتلك هذه الأرض فلن يبيعها لذا يجب أن تبقى الأرض بيد العرب الذين يسهل عليهم بيعها لليهود في آت الأيام .
والأقرب من ذلك ما حدث في تسعينات القرن الماضي بعيد مغادرة اليهود السوريين لسورية فقد قامت حكومة البعث بخطط محكمة للاحتفاظ بمخلفات اليهود وحراسة أملاكهم فبادرت إلى تسوير أراضيهم بأسوار هي أشبه بالجدار العازل الذي تبنيه حكومة إسرائيل لعزل الفلسطينيين متينة وصلبة وعالية , ومن يزر حلب ودمشق ير هذه الأسوار تحيط بعقارات هنا وهناك , وما هي إلا أملاك لليهود يحفظها لهم حزب البعث لألا يبني فيها أحد بيتاً أو حتى خيمة .
وقد تجاوزت خدمة البعث اليهود الأحياء إلى الأموات منهم , فقبور اليهود في سورية البعث في الحفظ والصون ولكل مقبرة حراسها الذين يدفع لهم رواتبهم الشهرية في الوقت الذي تُزال فيه قبور المسلمين وتحفر دون أدنى احترام أو استئذان من ذوي الميت .
وعليك أن تقارن عزيزي القارئ الفرق بين أملاك اليهود التي تصرف عليها حكومة البعث الملايين للحفاظ عليها ريثما يعود أصحابها لاستلامها وبين أملاك الأكراد التي سلبت منهم بقوة في ستينات القرن الماضي ووهبت إلى الأعراب بسهولة ويسر في إطار الحزام العربي وتعريب المناطق الكردية ! وكأننا نحن من ارتكبنا الجرائم بحق العرب وسلبناهم أرضهم في فلسطين وليس اليهود .
أنظر إلى التناقض كيف يتم التعامل مع من هم حرروا البيت المقدس ومن هم احتلوه ! فمن حرر اضطهده البعث ومن احتل قدم له التحية والخدمة ! وغير ذلك كثيرة هي الامور التي تجعل المرء يشك بسلوك بنت العروبة : البعث .