الحاج دهام ميرو : حكيم من هذا الزمن

بهزاد عبد الباقي عجمو

كنت أود الكتابة عن هذه الشخصية الفذة وهو حي يرزق ولكن حالة الإحباط التي كنا نعيشها قبل الخامس عشر من آذار جعلني أصرف النظر عن الكتابة ولكن قبل عدة أيام حينما سمعت الأغنية الأخيرة للفنان الكبير شفان برور ويذكر فيها اسم هذه الشخصية  كان بمثابة ناقوس دق في ذاكرتي وأعادت بذاكرتي إلى عقود من السنين إلى الوراء حيث عرفت هذه الشخصية في عام1973  أي قبل اعتقاله بعدة أشهر حيث كان يتردد على والدي بين فينة وأخرى وكانت تربط بينهما صداقة منذ عام 1966 حيث كانا معتقلين مع أكثر من خمسين شخصية وطنية أخرى في سجن غويران بالحسكة وعندما استمعت إلى حديثه لأول مرة حيث كان هو ووالدي يتحدثان عن الوطن والألم والأمل والسياسة أحسست بأنني أمام شخصية غير عادية
 كان يتحدث قليلا وعندما ينطق بجملة كانت تفوح منها رائحة الحكمة لا ينفعل أبدا وكان يحترم الصغير والكبير ولا يجرح بكلامه أحد وكان كل كلمة ينطق بها يزنها بألف ميزان وينظر إلى أبعاد الأمور نظرة ثاقبة كل هذا رغم أنه لا يحمل أي شهادة دراسية ولكن في الحياة هناك علم المدارس وعلم المجالس حيث أن الكثير من أصحاب الشهادات العالية بحاجة إلى التعلم من أمثال هذه الشخصية الحكيمة وكنت أود أن أبقى أطول فترة ممكنة في مجلسه هو ووالدي ليتعلم منهما الحكمة والحلم وحب الوطن ، لان هناك الكثير من العلم لا يوجد على صفحات الكتب ولكن في صدور هؤلاء الشيوخ ولا يمكن الانطلاق الى المستقبل دون الارتكاز الى ارث الماضي ولكن القدر كان له رأي آخر مع هذه الشخصية حيث اعتقل رغم كبر سنه وبقي ما يقارب من عشرة سنوات في المعتقل حيث كان وقتها سكرتير البارتي وعند خروجه من السجن أعتكف في بيته في قرية موزلان واعتزل السياسة لكبر سنه اولا وأجواء السياسة غير الصحية في الحركة الكردية وبقي معزولا عن الساحة السياسية ولم يكلف نفسه أحد من السياسيين الكرد بزيارته ولو عن تطييب خاطر هذا الشيخ الجليل الذي كان يستحق أن يكون مرجعية سياسية نظرا الى خبرته في النضال والتضحيات التي قدمها ولكن في هذا الزمن الصعب ان المخلصين إما ان يغتالون أو يعتقلون أو يدخلون في دائرة النسيان والإهمال وبقي هذا الشيخ الحكيم معتكفا في قريته الى أن لبى نداء الباري الأعلى بصمت وسكون مذهلين وهكذا طويت صفحة شخصية فذة قلما تتكرر
……………………

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…