استفتاء الشبيحة

  دلور ميقري

1
ممثلة مشهورة، تربّعت مؤخراً على عرش جميلات السينما السورية، بحسَب استفتاء فنيّ.

موهوبة؛ نعم.

وربما أن موهبتها الوحيدة، بنظر كثيرين، هيَ في كونها من الطائفة المختارة.

ولكنّ ثمة زميلة لها، لم يُقدِّر أحدٌ من النظام موهبتها الفنية حقّ قدرها، بالرغم من انتمائها للطائفة نفسها.

لا بل وهذه الفنانة، لسوء طالعها أيضاً، مطلوبة من الأجهزة الأمنية على خلفية قيادتها للتظاهرات في بعض أحياء حمص.

ربما المقاربة هنا، تجعل المرء يعتقد بأنّ الممثلات، غير الجميلات، هنّ في صفّ المُحتجّين وبما يتوافق مع “استرجالهنّ”..؟
من ناحيتي، وبغض النظر عن عدَم أهمية رأيي في الاستفتاء المذكور، فإنني أستطيع التأكيد بأن مقاييسَ الجمال ليست على توافق ملحوظ، بيّن، مع هذه الممثلة، المُنصّبة على عرش الجمال السينمائي؛ سواءً بسواء، أكان من ناحية ملامحها أو قوامها.

عدا عن حقيقة، أنّ زميلتها تلك، الثائرة، فيها من الرقة والعذوبة والحيوية، ما يجعلها جديرة بالجمال الأنثويّ، الحق.
من جهة أخرى، يحقّ للمرء أن يتساءلَ في حيرة، عن جدوى انتخاب “جميلة جميلات” السينما السورية؛ مع العلم بأنّ هذه الصناعة قد أضحت شبه منقرضة في هذا البلد، وتحديداً منذ الحركة التصحيحية، المجيدة..؟
إذن، فإن وراءَ أكمة الاستفتاء ما ورائها.
وسلاف ..، المُتوّجة، كانت قد حصلت، لعامَيْن على الأثر، على لقب أفضل ممثلة في مهرجان بيروت الفنيّ: ولكن، هل ثمة سينما، أو دراما، في عاصمة سيّد المقاومة، كي تهدر الأموال، وبسخاءٍ حاتميّ، على هكذا مهرجان..؟
نصِلُ، والحالة تلك، إلى نتيجة وحيدة مفادُها، أنّ تتويج ” سلاف ” على عرش الجمال السينمائي، لا يعدو عن كونه دعاية لها، متواصلة؛ مَكرُمَة ضافية، كمكافأة على مواقفها المُعلنة، التي دأبت على التصريح بها مذ بدء ثورة السوريين ضد الوريث المجيد، المؤبّد، للحركة التصحيحية.
 
2
سياسي كردي، أظهرَه استفتاءٌ للرأي العام جرى مؤخراً، أنه الشخصية الكردية السورية، الأبرز، للعام الراحل 2011.
ثمة إشكال ما، في معنى مفردة ” شخصية “، قد تحيلُ اعتباطاً إلى المفهوم الجماليّ.

بيْدَ أنّ شكلَ المعنيّ، في آخر الأمر، يجعلنا نستغني بسهولة عن مناقشة ذاك الإشكال، المَوْصوف.

وعلى أيّ حال، فإنّ السياسيّ لا يُستفتى في مُسابقات الجمال، حتى لو كانت شخصيته الجميلة مُلهمة للأتباع والمريدين، أو ملمح منها على الأقل؛ كالشارب الكثيف، الستالينيّ البدعة، الذي كان له شعبية كبيرة في دول مثل العراق، وتركية، خصوصاً خلال أعوام الحرب الباردة.

إلا أن هذا، حديث آخر.
قلنا، أنّ الرجلَ سياسيّ كرديّ.

والحقيقة، أنني أهنيء القائمين على الاستفتاء، بالنظر لجهودهم الهائلة، المُفترض أنهم قد بذلوها في هكذا مهمّة، شبه مستحيلة: فأن تختارَ شخصية سياسية، كردية، في دولة مثل سورية، يُناهز فيها عدد الأحزاب الكردية مثيله لدى الغالبية العربية؛ فإنه شبيهٌ بمحاولة العثور على إبرة في كومة قش.

هذه الأخيرة، وأعني الأحزاب الكردية، لها الفضل ولا شك في عثور المستفتين على الإبرة المطلوبة، الضائعة.

وهذا، له قصّة لا بدّ من قصِّها.
ما أن تفجّرت نارُ الثورة السورية، في مُستهلّ ربيع العام المنصرم، حتى كادَ دخانها أن يَحجبَ الرؤية الحكيمة، السديدة، لزعماء الأحزاب الكردية: ” ربّاه، الثورة صارت مثل كرة نار، جهنمية، يُدحرجها الشبابُ من محافظة لأخرى.

ونحن، لم يبق لنا من الشبابِ سوى ذكرياته، ناهيك عن عدم خبرتنا، أصلاً، بشؤون الثورات وقيادتها “، هكذا راح أولئك الزعماء يَهمسون لبعضهم البعض.

هنا، وإثر سويعة من الحيرة، قفز أحدهم من مكانه كأنما أصابه مسّ: ” وَجَدّتها، وجدتها..

“، هتفَ مُستبشراً.


وإذن، كان لا بدّ من استشارة رئيس فرع الأمن بالقامشلي، قبلَ الشروع في رحلة البحث عن القائد المُلهم، الهارب إلى جبل قنديل؛ والذي سيصبح فيما بعد شخصية العام 2011.
إنه صالح كيماوي..

أعني، أن صالح هذا، كان مهندساً كيماوياً.

 
ثمّ تمّ تعيينه كمسؤول للطرف الكردي السوري، من الشارب الستاليني، في السنة التي سبقت ثورة الحرية والكرامة.

شهرُ العسل الأسدي ـ الأردوغاني، أجبَرَ الرجلَ على اللجوء لِحِمَى رفاقه، الكَريلا، المُحتمين بمنعة جبل قنديل.

وكان من المفهوم، بطبيعة الحال، أن يتحمّسَ هؤلاء الثوار عندما علموا لاحقا بواقعة الطلاق بين عريسَيْ دمشق وأنقرة.


فما أن حضرَ زعماء الأحزاب الكردية، أولئك، إلى الموقع الثوريّ، حتى أخضِعوا لمحاضرة توجيهية، باللغة التركية، من لدُن القائد العسكري للكَريلا الكردستانية.

وقد قال لهم هذا، ما ترجمته وخلاصته: ” هناك، في سورية، لا يوجد ثورة.

بل هيَ اضطرابات يقوم بها عدد من عملاء الدولة التركية، ممن تمّ تدريبهم في مراكز الحرب الخاصّة.

الثورة الحقيقة، بالنسبة لكرد سورية، موجودة هنا عندنا وليسَ في أيّ مكان آخر.

وهذا رفيقنا، ” صالحو “، سيرافقكم بطريق العودة إلى القامشلي، كي يكون دليلاً لكم “.
3
سلاف ..، انتخِبَتْ على عرش الجمال السينمائي، السوري، كونها شبّيحة الفن، الأبرز.


وصالح كيماوي، من جهة أخرى، انتخِبَ بدوره على عرش الشخصيات السياسية، الكردية السورية، كونه أبرز شبّيح لدى المعارضة.

بينهما، يَكمُنُ قرنا زوج الأولى؛ الممثل الكرديّ الأصل..

وكذلك، قرونُ حاشية الثاني؛ زعماء الأحزاب الكردية.

 

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…