بيان من التيار الوطني السوري بخصوص الاتفاق الموقع بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية

 بسم الله الرحمن الرحيم
بيان بخصوص الاتفاق الموقع بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية
فوجئ السوريون بالاتفاقية الموقعة بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية، والتي قدمها موقعوها إلى الأمانة العامة للجامعة العربية وثيقة سياسية مشتركة لتعرض في مؤتمر المعارضة السوري المنوي عقده تحت مظلة الجامعة العربية في كانون الثاني 2012.
ونستغرب اختزال رأي المعارضة السورية بهذا الاتفاق الذي لم يستشر فيه معظم أعضاء المجلس الوطني، ثم يصدَّر باسم المجلس الوطني.

كما نستغرب مجيئها في وقت اتضح للعالم أجمع وللمراقبين العرب مسؤولية النظام عن الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين العزل، وكأن المطلوب هو إنقاذ النظام والحيلولة دون محاسبته.

والتيار الوطني السوري يستنكر هذا الاتفاق لعدم قيامه على ثوابت الثورة السورية، بل على رغبات جهات سياسية محدودة، تصدرت المشهد السياسي برؤاها المختلفة عن رؤية الشارع السوري المنتفض للحرية والكرامة، ويرفض بشدة أن يتمّ خطف الثورة ومصادرتها لصالح نخب سياسية ليس لها حضور يذكر في الثورة، ولا الشارع الثائر.
ويرصد التيار الوطني السوري على الاتفاق الملاحظات الآتية:
1.

إعراض الاتفاق عن إدانة النظام السوري وجرائمه البشعة ضد الشعب السوري في أي بند من بنوده، وعدم التنصيص على مسؤولية النظام عن هذه الجرائم، وعدم المطالبة بإحالته إلى المحاكم والجهات القضائية المختصة.
2.

تناقض الاتفاق في طلبه حماية المدنيين بكافة الوسائل في إطار القانون الدولي ورفضه التدخل العسكري الأجنبي، فالقانون الدولي يشرِّع التدخل العسكري لحماية المدنيين وفقاً للفصل السابع، وبذلك يكون النظام هو المسؤول عن دفع الحالة إلى مثل هذا التدخل.
3.

التفاف الاتفاق على مفهوم إسقاط النظام بكافة رموزه وأركانه، وتفسيره بالاكتفاء بإسقاط السلطة السياسية دون التعرض إلى بقية مؤسساته وعلى رأسها المؤسسة الأمنية، مما يعني استمرار الوضع الحالي حتى بعد زوال رأس النظام؛ لأن مؤسسات النظام الفاسد بما فيها المؤسسات الأمنية لم تسقط بسقوطه.
4.

تبسيط قضية الجيش الوطني الحر بصورة تمتهن تضحيات أفراده، من خلال تحويل قضيته إلى أزمة ضمير إنساني ووطني، والتعاطي معه بوصفه أفراداً، وليس كياناً أصيلاً من الجيش السوري، ولاسيما بعدما اعترف به الشعب السوري حامياً له.
5.

يُرفَض قيام سلطة ائتلافية في المرحلة الانتقالية، وإنما لابد من مؤسسة سيادية دستورية كمجلس انتقالي أو مؤتمر عام أو هيئة تأسيسية تتولى إدارة شؤون البلاد؛ لأن الشعب السوري في ثورة ضد الاستبداد، وليس في نزاع على السلطة السياسية حتى يتم تشكيل سلطة ائتلافية من الأطراف المتنازعة، فضلاً عن أن أي سلطة ائتلافية لن تعبر عن الشعب السوري كله، بل عن نخبه السياسية في أحسن الصور، وفي ذلك تحييد لإرادة الشعب في مرحلة صناعة سورية المستقبل، والاكتفاء بمجرد ائتلاف كوادر سياسية.
6.

يُرفض كل الرفض أن تكون المرجعية القانونية والدستورية للجنة مشتركة تنسق أعمال المعارضة، فقد ملَّ السوريون من الوصاية التي مارسها النظام، ولم ينتفضوا اليوم من أجل أن يتحولوا عن وصاية النظام إلى وصاية نخب سياسية ليس لها حضور يذكر في الشارع السوري، بل لابد من أن تكون المرجعية للثورة التي تعبر عن إرادة الشارع.

كما أن هذه المرجعية المفترضة تتعارض وما ورد في الاتفاق من أن الشعب مصدر السلطات وأساس الشرعية.
7.

لا يُقبَل وجود دستور دائم تتم صياغته من مجرد كوادر سياسية في الفترة الانتقالية، بل لابد أن يكون ذلك في فترة الاستقرار؛ حتى تشارك فيه جميع أطياف الشعب السوري، بما فيها القوى الثورية.
8.

ويضاف إلى ذلك كله أن الاتفاق الذي كان المجلس الوطني أحد أطرافه يناقض النظام الداخلي للمجلس، ويخالفه في أكثر من مادة.
من خلال ما سبق كله نرى أن الاتفاق يتضمن – بقصد أو بغير قصد – حماية النظام، وينأى عن مطالب الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة، ويدفع بنخبة سياسية ليس لها صلة في الشارع لتكون وصية على الثورة ورغبة الشعب السوري في التغيير، ولتصوغ الدستور الذي ينسجم وإيديولوجياتها لتفرضه على الشعب السوري، وبالتالي تُخطف إرادة الشعب من جديد.


وأخيراً فمع تزايد عمليات القمع الوحشي والقتل الواسع الممنهج للمتظاهرين السلميين، الذي يتم بتزامن مع عمل المراقبين العرب فإننا ندعو المجتمع الدولي للتدخل الفوري والسريع وبكافة الوسائل لحماية المدنيين ووقف المجازر المرتكبة من قبل النظام، وإنشاء مناطق حدودية آمنة وفرض حظر جوي جزئي فوقها، وإحالة الملف الإنساني السوري لمحكمة الجنايات الدولية ومجلس الأمن.
الوفاء لشهداء سورية ولدمائهم الزكية
31/12/2011

التيار الوطني السوري- المكتب السياسي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…