إلى معالي ( وزْرَ ) وزارة الداخليّة عام 1960م السيّد عبد الحميد السرّاج

 المحامي حسن دريعي

( بداية ..

رغبتي عارمة أن أذهب إلى حتفي لقولة حقٍّ يجب أن تقال ..

ولا يراد بها باطل … فما عدت أطيق السكن الموبوء ..

في هذي الوجوه المقفلة..)

السيّد عبد الحميد السرّاج وزير الداخلية السوريّ عام 1960م :

عام الستّين هو عام أكبر مجزرة حرائقيّة إنسانيّة في تاريخ الكرد الحديث ، أو لربّما في تاريخ مشرقنا كلّه فظاعة وهولاً ..

وقودها /184/ طفلاً من ربيع عامودا المأمول، ومن مستقبلها المرتقب الموءود ، في جحيم سينماها …

 

ومنذ ذلك التاريخ ، والتاريخ يلعن صانعيه ، يلعن من كتبوه بدموع الأمّهات الثكالى ، الآباء المفجوعين ، هؤلاء الذين مازالت أنظارهم متوجّهة إليك ويحمّلونك / يحمّلونكم مسؤوليّة ارتكاب هذه الجريمة النكراء ، هذه الجريمة التي أسدلت / أسدلتم الستار عليها بمجرّد ارتكابها كونك كنت وزيراً للداخليّة ..
واليوم أحدّد المسؤوليّة بدقّة أكثر في الجزء الثاني من كتابنا ( عامودا تحترق ( لتصبحوا في رأس قائمة المجرمين المتسبّبين في حريق سينما عامودا وإحراق بنيها :
1- عبد الحميد السرّاج وزير الداخليّة في سوريا .( الجمهورية المتّحدة (.
2- مصطفى شعبان مدير ناحية عامودا .
3- عبد الفتاح القدّوري محاسب إدارة بلدية عامودا وطاقمه.
4- مدراء المدارس الثلاث .
5- معلّمي المدارس الثلاث .
السيد الوزير المُؤْزر ً:
الناحبون خمسة وأربعين عاماً يطالبون بمحاكمتك / محاكمتكم ، لجريمتك /جريمتكم في قتل فلذّات أكبادهم أهالي /184/ طفلاً حرقاً ، ومثلهم تشوّهاً جسديّاً ، ومثلهم تشوّهاً نفسيّاً، في محاكمة عادلة وفق ما ينصّ عليه قانون العقوبات السوريّ في الموادّ:
/533-539/
1- القتل العمد :
وهو انصراف إرادة الفاعل إلى فعل القتل وإلى النتيجة الضارّة التي أفضى إليها وهي إزهاق الروح – ولا يستلزم أن يكون مصطحباً بسبق التصوّر والتصميم .
2- القتل شبه العمد:
وهو أن يضرب الجاني إنساناً بآلة غير قاتلة ضرباً ينجم عنه الوفاة دون أن تكون نيّة الفاعل متّجهة إلى إزهاق الروح .
3- القتل الذي يجري مجرى الخطأ :
وهو يلحق بالقتل الخطأ ويعتبر في معناه وله حالتان:
أولاً :
تقع على طريق المباشرة كأن لايريد الفاعل الفعل ولا النتيجة ولكنّ الفعل يقع نتيجة تقصيره كمن ينقلب وهو نائم على طفل فيقتله أو كمن يسقط من سطح على جالس فيميته .
ثانياً :
وتقع على طريق التسبّب ..

كمن يحدث حفرة في الطريق لتصريف ماء مثلاً ، فيسقط فيها أحد المارّة فيموت .
المادّة: /534 /
يعاقب بالأشغال الشاقّة المؤبّدة على القتل قصداً إذا ارتكب :
1- لسبب سافل .
2- تمهيداً لجنحة أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرّضين على تلك الجنحة أو فاعلها أو المتدخّل فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب .
3- للحصول على المنفعة الناتجة عن الجنحة .
4- على موظّف أثناء ممارسته وظيفته أو في معرض ممارسته لها.
5-على حدث دون الخامسة عشر من عمره .
6- على شخص أو أكثر .
7- في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الأشخاص.
المادّة /535/ :
يعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا ارتكب :
1- عمداً.
2- تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاًً لفرار المحرّضين على تلك الجناية أو فاعلها أو المتدخّلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب .
3- على أحد أصول المجرم أوفروعه .
المادّة : / 536 /
1- من سبّب موت إ نسان من غير قصد القتل بالضرب أو بالعنف أو بالشدّة أو بأيّ عمل آخر مقصود عوقب بالأشغال الشاقّة خمس سنوات على الأقلّ .
2- ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا اقترن الفعل بإحدى الحالات المنصوص عليها في المادّتين السابقتين .
المادّة : / 55 /
من سبّب موت أحد عن إهمال أو قلّة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستّة أشهر إلى ثلاث سنوات .
فما هو جوابك لسكّان عامودا على إدانتهم لك / لكم ؟!
على طلبهم محاكمتك / محاكمتكم أمام محاكمنا الوطنيّة ؟ .
أو أمام محكمة دوليّة ؟
التوصيف الجرميّ يا معالي الوزير المُؤزر قد يختلف فيه اثنان، كلّ ينطلق من أرضيّته الفكريّة والطبقيّة والسياسيّة ، كلّ ينطلق من دوافعه، كلّ ينطلق من أخلاقيّته، ولكنّ الجرم ثابت في فجيعة سينما عامودا ولا نقاش في ذلك .
حتّى وإن كان القانون ملكاً للطغاة والبرابرة ، وإن كان القرار كذلك ملكاً للطغاة والبرابرة .
فلا بدّ للحقّ والعدل أن ينجليا مهما امتدّ بهما الزمن .
تحلّقْتُ حول طائرتك / طائرتكم التي أغبرت وأزبدت و عجعجت وذرّت الرماد في العيون ، في موقع شعبة تجنيد عامودا اليوم ، بعد خروجي من المشفى .
قتلتم القتيل يا سيادة الوزير ..
أحرقتم المحترق يا سيادة الوزير ومشيتم في جنازته وجنازة أهله بزيارة البعض من المفجوعين الذين كان يجب عليهم أن لا يعرفوا سوى الصمت الحزين المستسلم ..
والقانون ملك الجناة والطغاة .
يقيناً ما كان بتصوّركم يا سيادة الوزير و أنتم قاب قوسين أو أدنى لاحتضاركم أنّ التاريخ سيكون بالمرصاد لجريمتكم بإحراق وتشويه /552/ طفلاً كرديّاً ، وبمقاييس اليوم للآباء /6624/ رجلاً وبحساب الآباء / 79488/ رجلاً ، وبحساب الأحفاد/ ما لا حصر له ، يا وزير داخليّة سورية في عهد الجريمة المنظّمة على أياديكم ..
في عهد إبادة الكرد على أياديكم، والكرد قد علّمهم تاريخهم كيفيّة الانتفاض من أعماق الجمر والركام ..
يا سيادة الوزير أردت إحراق الكرد بإحراقي / إحراقنا ..

ولم أحترق / نحترق ..
وسنبقى لنكون لك بالمرصاد نيابة عمّن أحرقتهم ، وعمّن لم تستطع إحراقهم ، وعمّن لم يحترقوا وعاشوا ..

لنجعلك وصمة عار في جبين الإنسانيّة ..
يا سيادة الوزير مهما كثرت وكبرت وعظمت المذابح الجماعيّة بحقّ الكرد فلن يكون فيها قيامتهم ..
(( وحبوب سنبلة تجفّ ستملأ الوادي سنابل ((
معروف أنّكم جئتم إلى عامودا ، وزرتم بعض بيوتها ، ومررتم على المستشفى الوطنيّ بالقامشلي ، لتشاهد بأمّ عينيك هول الفاجعة ،هول المأساة،هول الجريمة.
وكذلك معروف أنّكم أسدلتم الساترة على الفاجعة بعد تحقيق شكليّ كركوزيٍّ تستّرت فيه على مصطفى شعبان وبطانته ، لتحمي نفسك بحمايته ، و لتبعد عنهم تحمّل مسؤوليّة هذه الجريمة النكراء،لتبعد كلّ جهازك التنفيذيّ عن تحمّل مسؤوليّتهم في هذه الجريمة المرعبة ..
السيّد عبد الحميد السرّاج :
الأمّهات الثكالى والآباء المفجوعون يسألونك لماذا ألغيت التحقيق العادل في هذه الفجيعة وأنت وزير الداخليّة ..؟
أم أنّ الفجيعة حصلت بمباركة منك لتطمسها بهذه البساطة ، لتهدروا دماء جيل بكامله ..؟!
و لتمرَّ الجريمة بدون حساب أو عقاب ؟؟!!
الكرد في كافّة أرجائهم وأنحائهم يحاكمونكم ويحكمون عليكم بجريمة قتل وتشويه /552/ كرديّاً وفق نصّ المادّة /536/ من قانون العقوبات السوريّ ..؟
فهل ( تريح ضميرك ) مثل أولئك الذين أنزلوا علم الوحدة في إعداديّة أبي العلاء المعرّيّ واتّهموا الشباب الكرد بذلك،هؤلاء الشباب الذين لاقوا الأمرّين من السجون والحرمان من التعليم والتشريد،وأنتم وزير الداخليّة .
مؤامرة دُبِّرت وحيكت بحقّهم ،وأنتم وزير الداخليّة ، وعندما داهمهم الموت اعترفوا بفعلتهم .
إذن .
فعلةُ مَنْ مؤامرة فاجعة سينما عامودا ..؟
هل خرج الإيعاز من درج مكتبكم في وزارة الداخلية يا سيادة الوزير ..؟
وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا لم تأمروا بتحقيق عادل وصحيح وجادٍّ ..؟
فالتاريخ لا يرحم ، ولم يرحم ، ولن يرحم ، وفي كلّ الأحايين يلعن ، وفي نهاية المحصّلات يعرّي ويؤكّد اللعن ..
السيّد عبد الحميد السرّاج :
عامودا فُجعت .
عامودا ثُكلت .
عامودا دُمِّرت .
عامودا سُحقت .
عامودا كُفِّرت .
عامودا أُدِّبت .
وحسبها أنّها لم تطأطئ رأساً لشوفينيٍّ ، لفاشيٍّ، لمغامِرٍ ، لمقامرٍ ، لقاصرٍ ، لداعرٍ، تذهب إلى حتفها باسقة القامة، مرفوعة الهامة، تستوعب وعلى مرّ تاريخها حرائقها ، تضمّد جراحها ، تجدّد جلدها بعد كلّ جلد بسياط آثمة .
ومن هنا فهي جديرة جدارة المستحقّ بعظمتها ..

فكيف بنا ألاّ نقدّسها ..؟
فلمَ لم تدرك ذلك يا وزير نظام ديكتاتوريٍّ إرهابيٍّ مخابراتيٍّ آثم ..؟
يقيناً لم تدرك بأنّها عصيّة على الفناء، عصيّة على الموت، ومن هنا حكمتم عليها بحقد المعادي للكرد، و لم تلبّي نداءات بنيها ..
( بالتحقيق العادل مع مسبّبي حريق سينما عامودا )
( محاسبة مسبّبي حريق سينما عامودا).
ويقيناً أنّك لم تسمع بالمثل الكرديّ و إلاّ لكنت ( اعتبرت) به ..
( ميْت الكرديّ لا يموت ولو لألف عام )
فهل سمعت به الآن ؟
عامودا في حكم القدر، والزمن، والتاريخ، تعيش بقلب واحد ، بنبض واحد، بدفقة دم واحدة ، في قلبِ كردستان ممزّقٍ أشلاءً وأوصالاً .
ولكنّها ليست هامدة .

لا أبداً ..

أ بداً .
ومن هنا فالمصاب مصاب الجميع ، والألم ألم الجميع ، والفرحة والأمل بالمستقبل أيضاً للجميع ..
هل أدركتم يوماً ذلك يا معالي ( وزْرَ ) وزارة الداخليّة( وقتها ) ..؟
والوطن ليس تحت إمرتكم اليوم ..
والكرد في سوريا يطالبون بمحاسبتكم ، محاكمتكم اليوم .
ومحاكم الشعوب قصاص عدل للطغاة وكاتمي أنفاس هذه الشعوب .
يا معالي ( وزْرَ ) وزارة الداخليّة ( وقتها ) :
هل سمعت الصوفي علي ( وقتها ) وهو يحمل على عربته الصغيرة ( الدفش ) أيادي ،أرجلاً رؤوساً ، أقفاصاً صدرية ، أكتافاً متفحّمة لا أسماء لها ، اجتمعت في قبر جماعيٍّ لمن ضاعت وغابت أشكالهم ، وهو يقودها باكياً ، صارخاً باكياً، نائحاً باكياً كعاموديٍّ حقيقيٍّ ، كعاموديٍّ يعيش حقيقة موته وفجيعته ، وليس بينهم لا ولده ولا تلده ..
الويل لك يا صوفي علي ..

يا من تجنّبنا صراخك الذي أذابنا ولم نرد إعادة إذابة قلوبٍ ما فتئت تحاول جمع شتاتها :
Hawar…
Werin bacanê reş
Werin bacanê şewitî
Werin bacanê biraştî
Hawar werin ..

werin
( تعالوا خذوا الباذنجان ..

تعالوا خذوا الباذنجان المسلوق المشويّ ) .
تجنّبنا كتابة ذالك يا معالي ( وزْرَ ) وزارة الداخليّة ( وقتها ) حفظاً لأغوار أفئدة الأمّهات والآباء، لصرخات أعماقهم .

ولطالما خرج من الفم ، فيجب أن يكتب ..
آثرنا صمتنا المدوّي ، ولكنّك اليوم يجب أن تسمع صوت الصوفي علي الباكي الناحب الصارخ في كلّ وجدان ..
فهل أنت قادر على سماعه ؟ !!!
إذن .
فاسمعه اليوم .

واسمع ألف صوفي وصوفي ينادون بموتك .
فالسادّيّة ، وزارتكم بها موسومة ..
وديكتاتورية نظام وحدتكم المأفولة ، التي لا أرجعها الله أبداً ..

ولا أعاد سيرتها ثانية ..
اقبلوا بحكم التاريخ ، ارضخوا للعدل الذي يجب أن ينصف الكرد ، وما مات حقّ وراءه مطالب .

ومطالبة الكرد بالحقّ والعدل لم تتوقّف أبداً .

ولن ، لن تتوقّف .

 

ــــــــــــــــــــ

 

* ملاحظة: نُشرت هذه المقالة في عدّة مواقع إلكترونيّة بتاريخ 27 / 11 /2..5 ويعاد نشرها في موقع ولاتى مه فقط .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…