لا لثقافة الاحتيال والمجاملة…..!!!!

خليل كالو

     قال الكرد في أمثالهم : لا تصدق الكلب  إذا رأيته يعرجji seh bawer neke ku te ew dît di kulê   .

هذا الحكم ليس شاملا بل هو جزئي وغالبا ما يكون حكمه على الأشخاص وليس الجماعة له ما يبرره في الواقع المعاش وقد يشبه حكم موضوع  المقال إلى حد كبير رؤية  هذه الحكمة الكردية  أو هو اشتقاق من كلام مشابه في فلسفة الحياة  قد تداوله السلف خلال حياته اليومية  فيما مضى من الأيام تجاه مواقف وأفعال سلبية تكررت حيال قيم وأخلاق الجماعة وحقوقها الذاتية كأن يقوم بها أفراد سيئون من فعل شنيع ومن ثم يتظاهرون بالتوبة والندم  وهكذا دواليك حتى اشتهروا بهذه الصفات الوضيعة والتوصيف فحاشا الكلب في أمانته لصاحبه وإن كان يغرره في بعض الأحيان عظمة دسمة أو ظروف صعبة .
 فنظرة حكيمة ووجدانية على الواقع المعاش سيجد المرء إن القول السابق له إسقاطات كثيرة في حياتنا اليومية العادية ونعيش بعضها حتى من أصدقاء مزيفين وكأنها أمور باتت في حكم الثقافة المتداولة دون أن ندركها في وقتها وهي لا تكتشف بسهولة لعلل ذاتية وتم التعامل معها  بشكل اعتيادي وقد كانت نتائج هذه الثقافة والسلوك كارثية وحركتها في تطور الجماعة تشبه الدوران في حلقة مفرغة .

    هناك نماذج مشابهة لا حصر لها تكتظ  بها شوارعنا جيئة وذهاباً فمنها ما تظهر نفسها باسم السياسة وأخرى باسم الاجتماع و النموذج الأكثر سوءا على وجه البسيطة قاطبة هو من يظهر نفسه باسم الثقافة على حساب طموحات وإرادة الكرد “”يستثنى منهم  أصحاب الضمائر الحية والأقلام الحرة “”  فهي تسلك سلوك الكلب الأعرج كي يثير الشفقة والرحمة عند الحديث عن الهموم القومية والكرد وحقوقهم  وينطق بالحق والحقيقة  بين شفاهه كذباً في ذات الوقت الذي يتبنى في داخله ثقافة الاحتيال والانتهازية عند الفرص المتاحة  .هذا النموذج المحتال هو الذي نشتكي منه دائماً وسبب تخلفنا لا غيره كونه معوق للحركة ويسقط نفسه أمام خط سير التقدم كعائق وهؤلاء يتجاوزون حدودهم الطبيعية والحقوقية باسم الرأي والموقف والزعامة الورقية وعداءهم سافر بلا حياء على حقوق الرأي وحرية التعبير لدى الآخرين بلا مبرر ووازع منطقي  علما أن كل دمار وبؤس الشعوب مرده هذه الشخصية المحتالة وثقافة اللعب بالعواطف  واستثمار المشاعر القومية وهذا ما اكتشف مؤخرا بأننا مخدوعين ومغررين بأناس مخادعين ومغرورين بعد فوات الأوان علما أن أغلب هذا النموذج  الضلالي قد استنفذ فرصه في وقت مضى وبات في حكم المشلول أمام حركة التاريخ وما تشهده هذه الأيام من حراك حيوي .

   من الجدير ذكره مرة أخرى أن كل حديث  دائر حول سلوك وطبيعة الثقافة السائدة والنموذج المحتال والمتربص من الشخصية الكردية المزيفة التي ترتزق على مشاعر وهموم الشعب الكردي ماديا ومعنوياً أمر سليم وليس شواذ بمفاهيم العصر إلا لدى من لديه إشكالية كبرى في ملكة العقل والتبصر والوجدان ومن لا يحس بحيثيات الواقع عمليا  حيث لم يعد الأمر خافيا ومتلبسا على أحد مراوغة ومناورة هذا الصنف المتطفل كلما سنح له الظروف والأسباب فهذا لا يعني بتاتا أن ليس ثمة أناس طيبون وأولاد الحلال في شوارعنا الآن والحياة عامرة بهم وهم الأمل وعنوان المستقبل وليس ذاك الصنف الماكر والضلالي المختفي وراء ذاك الاسم والعنوان أويخرج إلينا شخص متحزب ومتخلف كالعادة  ليظن أنه هو المقصود أو جماعته بسبب كثرة الأختام الممهورة الحمراء على سجلاتها الذاتية وآلاف السلبيات التي تشتهر بها منذ تاريخ مضى  فكلما كتب أحدهم شيئا من غير مديح وإطراء ظن هذا البوق وذاك المتخلف وكأن الأمر يخصه Eyşike… li xwe bi şike   فأفضل وسيلة لهؤلاء الأخوة المصنوعة من الزجاج  الذين كلما نقرتهم بإصبعك  تتكسر من تلقاء ذاتها وأقصر طريق  لتجنب النقد الحاد والانتقاد والمساءلة هو تلافي أسباب النقد والنقد الذاتي أولاً وحل مواضيعها بالتي هي أحسن لا القول بكف النقد ووضع الرؤوس بين التراب كالنعامة حيث ولى زمن مسح الجوخ  والصوفية والمسايرة والمجاملات فحينها ستخرس الأقلام من تلقاء ذاتها .

لا نظن أن هناك عداوة شخصية كما يدعي البعض مع هذه الجماعة وذاك الشخصية بل الجميع أخوة أعزاء لنا ونتمنى لهم بالقول والفعل أن يكونوا في العلا قوة ورأياً ومن رص صفوف بل كل ما يكتبه خليل كالو وغيره هو مجرد رأي ونظرة نقدية على الواقع المعاش وصوت من لا صوت له لا أكثر حيث المدح والتطبيل ليس من اختصاصنا وثقافتنا ولكن كل من يتلاعب بمصير هذا الشعب المسكين لصالح أجندات حزبية وشخصية وعائلية سيكون في مرمى سهام النقد ومخبول وبليد الفهم  من يعتقد أن الأقلام ستهدأ هكذا ببساطة دون أن تنتفي الأسباب .

 

  خلاصة القول : جميع المقدسات والكاريزمات الورقية تتهاوى وتسقط وتتقزم أمام إرادة الشعوب فما بالكم بالنموذج المحتال النفعي حتى لو أعلن التوبة بالكلام .

فمثله كمثل من نقض وضوءه  فألف صلاة بعده باطل كيفما كانت طريقة ودرجة وأسباب النقض وهذا هو الحكم  الشرعي ولا يمكن لأي شخص تقي الإفتاء عكس ذلك .

وكذلك مثله في أي أمر يخص الشأن العام عند فقدان الثقة فألف قول ووعد  وزعم لا يصلح ما أفسده الدهر إلا إذا أقر المذنب بإثمه علناً  وسلك طريقا مغايرا لسلوكه السابق حينها يمكن إعادة الاعتبار والنظر في ملفه الشخصي .

ولكن أن يمضي قدما دون أن يلتفت إلى الوراء لتصحيح أخطائه سيكون بالتأكيد دائما موضع اتهام وريبة ومحل تساؤل حتى لو جاءت بعض نتائج مسعاه مثمرا في  ظاهر بعض الأحيان  .

هذا السلوك والمنهج خطير جدا على المجتمعات النامية والمتخلفة  حيث يفتح الباب على مصراعيه لاستثمار واستغلال مشاعر الناس البسطاء لصالح أجندات فردية خاصة من خلال قيم وتطلعات الجماعة وعلى حسابها فمن يريد العمل لأجل الكرد عليه أن يكون صادقا وشفافا لا مراوغا ومحتالاً وينتقد ماضيه الآثم بجرأة وشجاعة .
 
   xkalo58@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…