zarakobani@hotmail.com
إن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة فرخت ثقافة شمولية تعيق وتعرقل عملية التحول الديمقراطي في البلاد, فضلا عن وجود ثقافة قبلية معوقة أصلا لأية عملية تغييرية حقيقية, لا بدّ أن يتم إعادة النظر فيها, كونها التحدي الكبير, فضلا عن ابتلاء كافة شرائح المجتمع بهذه الثقافة , بما فيها الأحزاب المعارضة, ومن مخلفات هذه الثقافة:
· خطاب التملك : يتعاطى المسؤولون في الدولة أو بعض مسؤولي الأحزاب المعارضة مع مؤسسات الدولة أو الشعب على أنه جزء من ممتلكاتهم الخاصة, باستخدام ضميري التملك, ( الياء, نا),فبدل أن يقول المسؤول الشعب السوري, أو الحزب الفلاني, فنجده يقول شعبي أو حزبي, أو شعبنا أو حزبنا, حتى أننا نرى – أحيانا- حزبا صغيرا لا يتجاوز أعضاءه العشرات, فإنه يقول: شعبي أو شعبنا, هل هذه الظاهرة موجودة في بريطانيا- مثلا- ,هل يستطيع أن يقول رئيس الوزراء البريطاني إن الشعب البريطاني هو شعبي؟
· شخصنة الوطن ومؤسساته: إن مفهوم الوطن الدولة في ظل الثقافة الشمولية مغاير تماما, تنحصر وتذوب الدولة وكافة مؤسساتها في يد القائد” فالشموليّة (مذهب السلطة الجامعة) شكل من أشكال التنظيم السياسي يقوم على إذابة الأفراد والجماعات والمؤسسات كلّها في الكل الاجتماعي ( الشعب أو الدولة ) عن طريق العنف والإرهاب , ويمثل هذا الكل قائد واحد يجمع في يديه السلطات كلها”(1), الوطن يعرف باسمه, ويفتدي به, بمقدراته وإمكاناته, وأبنائه, هل يجرؤ الرئيس الفرنسي- مثلا- على طلب مبلغ مالي لشخصه- ما عدا مخصصاته- من الجهة المالية في الدولة, كيف سيكون مصيره؟ والغريب أننا نجد بعض الأحزاب في المعارضة تتعامل وفق تلك الذهنية نفسها, نرى البعض منها يعرف باسم الأشخاص, فيقال جماعة فلان أو علان.
· التخوين والمؤامرة: عماد خطاب الأنظمة الشمولية ومرتكزها الأساسي هو التخوين والمؤامرة, فإنّ كل رأي مخالف لخطابها مردها إلى المؤامرة أو إلى تخوين صاحبه, وارتباطه بالاستعمار والإمبريالية والصهيونية والجهات المعادية للوطن, فبدل أن تبحث هذه الأنظمة عن الأسباب والعوامل والدوافع التي تعاني منها المجتمعات في المجالات كافة, فإنها تحمل الخارج أو المعارضة الداخلية مسؤولية فشلها في إدارتها لمؤسسات الدولة والمجتمع, فإن المواطن في ظلّ هذه الثقافة مكبّل بمنظومة هيمنة النظام الشمولي وأدواته, حتى لا يستطيع أن يتحدث عن حفرة أو حادث سير في البلاد دون إذن مسبق, وانتقد بن خليفة المعارض الأمازيغي رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل الذي أكد مؤخرا على شبكة تلفزيونية ليبية أن الامازيغ في ليبيا تقودهم مصالح قادمة من الخارج.
وقال ””””تصورنا اننا انتهينا من نظرية المؤامرة التي كان يؤمن بها النظام السابق””””، معتبرا ان ””””تصريحات عبد الجليل خطيرة(2)
· النزعة الشوفينية الإقصائية تجاه حقوق القوميات, والأقليات القومية, والإنسان, والمرأة: فهذه النزعة ركن آخر لهذه الثقافة, وللأسف, حتى بعد سقوط النظام القذافي لا يزال الأمازيغ يعانون من الإهمال وعدم الاعتراف بحقوقهم ووجودهم, وهذا ما صرح به احد المعارضين الامازيغيين مؤخرا” بن خليفة (46 عاما) رئيس المؤتمر العالمي الامازيغي منذ تشرين الاول/اكتوبر، الى اعتبار اللغة والهوية الامازيغية رسمية والاعتراف بها.
ويقول ان مجموعته تشكل أكثر من عشرين بالمئة من سكان ليبيا البالغ عددهم ستة ملايين نسمة.
ويقول ””””حتى بعد سقوط النظام ما زلنا ضحايا اقصاء منظم، في الاعلان الدستوري (للمجلس الوطني الانتقالي) وفي الممارسة وفي نصوص القوانين والتصريحات….””””. وقال بن خليفة ””””لماذا هذا الاقصاء؟ ما الخطر الذي تشكله اللغة الامازيغية اذا أدرجت في الدستور كلغة رسمية؟””””، مشددا على أنه ””””من حق الأمازيغ الوجود بهويتهم وحضارتهم ولغتهم””””.
وتابع أن ””””الحكومة الأخيرة كانت النقطة التي طفح بها الكيل.
أدرك الأمازيغ أنهم مهمشون على المستوى التشريعي والتنفيذي””””.
وأكد أن ””””الاعتراف بنا في الدستور وحمايتنا بالقانون حق لا جدال فيه””””.(3).
وسيكون هذا حال الكورد أيضا في سوريا , في المستقبل القريب, نتمنى من المعارضة التي تسعى إلى تغيير, وأن تتعاطى مع هذه المسائل بعقلية ديمقراطية منفتحة, وتكون على قدر المسؤولية, وإلا ما الفرق بينها وبين تلك الأنظمة الشمولية الحالية في هذه المنطقة؟
لا شك أن هناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات الشمولية لا تزال سارية في الواقع, فهي بحاجة إلى تغيير جذري فيها, لأن لها دلالات سلبية وتداعيات خطيرة على الواقع الراهن, ولذلك نقول لا بد أن تتلازم مع أية ثورة تغيرات في المجالات كلها, ليكون التغيير جذريا وحقيقيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.
الطاغية, أ.د.
إمام عبد الفتاح إمام.
2.
عن صحيفة القدس العربي.
القدس العربي.