طالباني: يتأمر على الكورد قبل عرب سوريا

 

محمد خليفة

نعترف للسيد جلال الطالباني بحقه الكامل في أن يتطوع للدفاع عن بشار الاسد , ونظامه الارهابي , فالطيور على أشكالها تقع, ونعترف له بحقه أيضا بمعاداة الشعب السوري إذا شاء , وإذا كان مستعدا لتحمل النتائج , ولكننا لا نقبل أبدا أن يتجند طالباني الذي يشغل للاسف منصب الرئاسة الاولى في العراق لسحب موقفه السيء جدا على الشعب الكوردي في سوريا , لأن هذا الشعب جزء من شعب سوريا , وهو أقرب إلينا نحن عرب سوريا من طالباني وأمثاله, وهو أظهر فعلا هذا الوعي والانتماء بغالبيته فانخرط كما رأينا ونرى يوميا في الثورة , مثله مثل بقية الشعب السوري الذي يقاوم نظام الاسد الإجرامي , ويناضل بسائر مكوناته من أجل استرداد حريته المسلوبة أو المصادرة.
لقد سلطنا الضوء في مقال الامس على مواقف مجموعة من الاطراف التي فاجأتنا بدفاعها غير المنطقي عن قرامطة الشام ووقوفها ضد شعبنا وافتقارها للاخلاقية والعقلانية والموضوعية التي يتحتم أن تنبني عليها مواقف الناس جميعا أو على بعضها , ولا سيما القادة والزعماء والمفكرون الذين يفترض أن يرتفع الحس الاخلاقي في مواقفهم وسلوكهم إلى مستوى أعلى من الناس العاديين.

واليوم نعود لتخصيص الحديث عن دور هذا الطالباني وبعض القادة الكورد العراقيين الذين يتدخلون في الساحة السورية , ويعبثون فيها لصالح السلطة الساقطة , وقد كشف اليوم صلاح بدر الدين أن المومى إليه قد تعهد لبشار الاسد بأن يبذل مساعيه لكي لا يشارك أكراد سوريا في الثورة , وأن يكونوا في صف النظام أو متفرجين على ما يجري, وأظن أن السيد بدر الدين متأكد مما يقول وهو مصدر موثوق , وصاحب تاريخ طويل وناصع في النضال والمعارضة .


الطالباني إذن يقوم بدور تخريبي وتأمري في الساحة السورية , فهو يمزق وحدة الشعب السوري , ويضعف المعارضة والثورة , ويسيئ للكورد ويظهرهم كأنهم موالون للنظام , أو كأنهم بعيدون عن بقية الشعب السوري ..

الأمر الذي سيؤدي لو أخذ به الكورد إلى إضعاف قضيتهم وموقفهم بعد أن أحرزوا في الفترة الاخيرة بفضل مشاركتهم إخوانهم العرب في الثورة والتضحيات الغالية تقدما كبيرا , ونالوا اعترافا متقدما من المعارضة والنخب العربية بعامة بحقوقهم القومية كمكون ثان , وشركاء كاملين في الوطن والسلطة والمستقبل , ومعالجة المظالم التي تعرضوا لها في الماضي .


إن الطرف الذي يتعين عليه الرد الحازم على الطالباني هو أخوتنا الكورد بشكل اساسي , لأن رد العرب لا يكفي ولا يضع حدا لهذا التدخل التآمري .

والرد ليس بالكلام او البيانات وحسب , بل الرد الفعلي بتصعيد النضال ضد أعداء سوريا وأعداء الحرية الذين يقتلون أبناءنا , بمن فيهم مئات الكورد الذين قتلهم بشار الاسد لا منذ بداية الثورة الحالية , بل منذ ثورة 2004 , وما قبل ذلك بسنين وعقود طويلة , وعلى رأسهم جميعا الشهيد الكبير مشعل التمو الذي أغتيل بقرار من بشار الاسد شخصيا .


وللأسف فإن السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كوردستان العراق لم يقم بالدور المطلوب منه كاملا , وظل موقفه ناقصا رغم انه كان مميزا ومتقدما في بداية الثورة نسبيا , إذ رفض دعوة من الاسد لزيارة دمشق , وطالب كورد سوريا بالانضمام للحراك الشعبي السوري اسوة بإخوانهم العرب , بل إن موقف البرزاني هذا تراجع في الايام الاخيرة بدل ان يتطور للاعلى تبعا لتطور الثورة , وكان عليه أن يعلن موقفا واضحا وصريحا وحاسما من الثورة ومن نظام الطاغية , ولكنه اكتفى بنصف موقف وبعض الاشارات , واستقبل في مكتبه قبل يومين وفدا يمثل الاحزاب الكوردية السورية القريبة من السلطة , بينما استبعد التيارات الشبابية والجديدة التي تخلت عن احزابها التقليدية وشاركت في الثورة على قدم المساواة مع اخوانهم العرب في بقية المحافظات والمدن السورية , وفرضت على تلك الاحزاب الدائرة في فلك النظام الابتعاد عنه والاقتراب من المعارضة والثورة , وهؤلاء أجدى وأجدر باللقاء من الاحزاب إن كان السيد برزاني يريد صادقا أن يعبر عن اهتمامه بالكورد في سوريا وتعاطفه مع الحراك الشعبي ضد طغاة دمشق الذين لا يختلفون عن طغاة بغداد السابقين الذين استعان ممثلوا الشعب العراقي بالولايات المتحدة لتحرير العراق منهم , وعلى رأسهم طالباني الذي يتحول اليوم بعثيا في حزب البعث السوري , ومقاتلا شرسا في شبيحته , لحساب حلفائه الاقليميين الدائمين السوريين والايرانيين الذين دعموه ومولوه على مدى عشرات السنين .


إذا كانت أخلاقيات الرئيس الطالباني تسول له الوقوف ضد عرب سوريا مع البعثيين والقتلة والشبيحة القرمطيين , فهل يقبل أن يخون دماء الكورد وحقوقهم , ويتنكر لمصالحهم الاستراتيجية ؟؟؟!!!
أمر عجيب ان يتحول ضحايا البعث والقمع والديكتاتورية في عراق الامس إلى حلفاء البعث السوري وقد أثبت أنه أشد ديكتاتورية وقمعا من نظيره الصدامي !!
الرد عليه متروك لكل السوريين , وخاصة الكورد منهم ..وهم لا يحتاجون لمن يحرضهم ويدلهم على ما يجب فعله وإفهامه لمن ادعوا دائما أنهم ممثلوا الشعب الكوردي وفرسان الدفاع عن حقوقه ..

وإذا لم تستحي فاصنع ما تشاء .

الاربعاء 2 – 12 – 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…