مؤتمر «ناوبردان» ينعقد مجددا في القاهرة, ولكن!

عبدالقادر مصطفى

في هذه العاصمة العملاقة- ام الدنيا- ثمة علامات فارقة ايجابية تختلف عن مثيلاتها من العواصم العربية والإسلامية الاخرى, من هذه المفارقات التي طبعت في وجدان الإنسان الكوردي منذ اكثر من قرن ونيف, تلك العمل الثقافي الاول في تاريخ الكورد والذي انطلق طيفه القزحية لاول وهلة عبر سماء القاهرة بجهود المثقف و الصحفي الاول الامير مقداد مدحت بدرخان باشا.

العلامة الثانية, هي مرور موكب العظيم مصطفى البارزاني و صحبه عبر هذه المدينة التاريخية قادمين من الاتحاد السوفياتي السابق, متوجهين الى ارض الآباء والاجداد, وفي طريقهم استقبلوا بحفاوة بالغة من لدن الرئيس جمال عبدالناصر.
بالاضافة الى الخدمات الجليلة في بث الراديو باللغة الكوردية من القاهرة, ما عدا تعاطفها و آهاليها مع القضايا القومية الكوردية وبالاخص مع كورد العراق الى فتح ممثليات لهم والقيام بانشطتهم العلنية بكل حرية وامان.
اليوم, امت القوى الكوردية من احزاب وشخصيات من غرب كوردستان و لاول مرة من تاريخها نحو القاهرة وذالك لهدفين اثنين: الاول- لتوحيد طاقاتهم ورؤاهم حول العمل القومي الكوردي الموحد.

والثاني- الانخراط الفعلي بجانب المعارضة السورية والتنسيق الكامل مع كافة قواها المنتفضة ضد النظام المستبد والقمعي, ومن ثم العمل في استمالة الدول العربية وجامعتها الى جانب الثورة السورية بكل مكوناتها.
وبما انني كتبت سابقا حول اهمية مؤتمر ناوبردان ودوره القومي والوطني لكورد سوريا, يبقى الهاجس والحلم الذي يراودنا امام كل حراك او حدث مثلما هو جار اليوم, هذا الحق الذي رسخه لنا الخالد مصطفى البارزاني منذ اكثر من اربعة عقود, وبقي معلقا في ذاكرتنا القومية وستبقى لحين اتمامه بالحق واليقين في بلوغ اهدافه النبيلة نحو وحدة كلمة الكورد في اطار سياسي قومي موحد.
لقد اعتقد البارزاني الخالد منذ اللحظة الاولى من المؤتمر, وبعد استماعه مطولا من افكار ومداولات بين اعضاءه, حيث توصل الى قناعة في غاية الاهمية وهي, ان العراقيل الاساسية والكوابح المميتة في عدم اتمام عملية الوحدة بين الكورد السوريين, تعود بالدرجة الاولى الى الخلافات الشخصية والاعتقادات الايديولوجية, ودور الساسة المخضرمين من الصف الاول, في عرقلة هذه العملية, واصدر امرا الى فك الاشتباك وابعاد وتجميد القيادات المتقدمة لكلا الحزبي- يمين, يسار- وعزلهم نهائيا من العمل الحزبي, واطلاق يد القواعد والمستقلين والوطنيين الشرفاء في تسيير الامور نحو الهدف المنشود.
بكل اسف, عاد الوضع مرة اخرى الى حيث كان, ومؤتمر ناوبردان لم ير النور, نتيجة عودة هذه الكوابح المميتة مرة اخرى الى مراكزهم الحزبية, وضرب قرارات المؤتمر عرض الحائط دون وازع من ضمير, وثم العودة الى نقطة البداية, واشتد الصراعات الى مواقع خطرة للغاية وبدأت عمليات التفريخ والتقزيم تدك جسم الحركة الكوردية بولادات غير طبيعية, حتى وصلت بها الامر الى الشلل والعجز والتشيخ.
الثورة في المناطق الكوردية لم تستطع حتى الآن عزل هؤلاء الكوابح المميتة من الساحة, بل حاولت مرة اخرى الامساك في زمام الامور, ومحاولة منها في قيادة المرحلة القادمة, وذالك بعكس المعارضة العربية التي لم تتأخر يوما في دعم المتظاهرين وايصال اصواتهم الى المراكز العليا في العالم.
وبكل تواضع اقول, كوني مستقلا و انني لا انتمي الى اي حزب او تنظيم او جماعة, ادعوا كافة الاطراف والاطر السياسية الكوردية في غرب كوردستان, ان يضعوا حدا لولاءاتهم العمياء لهؤلاء المتكلسين من الساسة الفاشلين, حيث انتهت مفاعيلهم منذ مؤتمر ناوبردان, وان لا نكون جزءا من اجنداتهم السرطانية, او السير خلفهم الى الهاوية, لان هؤلاء قد اصدرت بحقهم الاحكام المؤبدة من قبل الشعب والبارزاني الخالد, اقولها بالفم الملآن, ايها السادة كفاكم التحرش بهذا القوم المسكين, وذهبت اعماركم كالخريف بوادينا, من دون ان تتعلموا الكوردايتي حرفا واحدا, اذهبوا الى حيث اتيتم, انصحكم بالاستيفاء من العمل الحزبي والسياسي معا, وحذاري ان تكتبوا مذكراتكم, لانها بالتأكيد ستكون غير مرحبة بها بين القوم.
تحية حب وتقدير للقاهرة وآهاليها الميامين, لقد كنتم دوما للكورد سندا ودعما قويا في تسيير امورهم على اكمل وجه, ولكننا اليوم وبكل اسف, لم نستطع انجاز ما يجب انجازه, ونستميح عذرا  من الذين سبقونا في نصب نجاحات بارعة في الصحافة والكوردايتي على ارض الكنانة, وتمنيت من الله ومن الشعب المصري ان يجمعوا هؤلاء القادة جميعا في مركب واحد وان يحط بهم في باب المندب على ارض اليمن, وان يغرزوا امام كل بطن من بطونهم خنجرا يمنيا معكوفا, وان يملئوا اشداقهم بنبتة القات, ويستمروا هناك مناقشاتهم الايديولوجية الى يوم القيامة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…