كفانا ضياعاً للفرص

زيور العمر

في مقال سابق تعرضنا الى مسألة تتعلق بوجود أطراف سياسية كردية عديدة في القاهرة .

و كان نقدنا لاذعاً بحق تلكم الأطراف، من منطلق أن الظروف الحالية التي تواجهها سوريا، و الحديث المتزايد عن إجتماع للمعارضة السورية يجري الإعداد له في الإسبوع الحالي , يستدعي من القوى و الفعاليات و الشخصيات الكردية أن تتجاوز إنقساماتها و خلافاتها وتحركاتها الإنفرادية , كمقدمة لا مناص منها من أجل تأمين حضور قوي للكرد في إجتماع المعارضة, و تثبيت المطالب القومية للشعب الكردي في إتفاقاتها، و أكدنا في السابق ، من باب الحرص ، على أهمية الإرتقاء بالآداء السياسي الكردي الى مستوى التحديات الماثلة و الإستحقاقات القادمة ، و ضرورة حسم الخيارات السياسية و الإستراتيجية ، و الإنتقال من مرحلة الأقوال و التصريحات الى مرحلة الأفعال.
إلا أنه يبدو من الإرث الثقيل من التراكمات السلبية أنه يحول دون تحقيق إنتقالة نوعية في شكل و طبيعة تعاملنا السياسي الذي يشكل أولى مستلزمات إصلاحه ، إن لم نقل تغييره ، إعادة النظر في كل المواقف السابقة ، و محدداتها الشخصية و الفئوية و الحزبوية , و التي كانت سبباً في إفتراق أعضاء الجسم الواحد، و عجزه لاحقاً عن القيام بوظائفه ، الأمر الذي يعني أن تجاوز تلك المحددات ـ العراقيل ـ أمر في غاية الأهمية من أجل الإنتقال الى المستوى الأخر من المعالجة و هو التفعيل في إتجاه صياغة هدف واحد يعمل كل الإعضاء على تحقيقه ، وهو بناء موقف سياسي موحد للحركة الوطنية الكردية  حيال كافة القضايا الوطنية في سوريا و على رأسها القضية الكردية في سوريا.


و كنت أتمنى أن يبادر المجلس الوطني الكردي، بدلاً من النزول الى الشارع و إستعراض عضلاته ، الى الإتصال مع كافة القوى و الفعاليات الكردية ، الحزبية منها و الشبابية و الفعاليات الثقافية الفاعلة، التي لم تشارك في مؤتمره ، من اجل تشكيل إطار سياسي شامل للحركة الوطنية الكردية في سوريا , تحسباً للتطورات المتسارعة بخصوص القضية السورية.

إلا أن ما حدث دل على سوء تعامل و تقدير لما يمكن أن يحدث , و كانت النتيجة أن خمسة تجمعات كردية تتواجد في القاهرة، كل منها تبحث عن غنيمة أو وليمة.


و رغم عدم إنجاز هذه الخطوات المهمة ، ما زلت أرى ، أضعف الإيمان ، أنه بالإمكان الدعوة الى  إجتماع للكتل الكردية المتواجدة في القاهرة ، بغية تشكيل كتلة سياسية كردية موحدة ، تكون قرارات المؤتمر الوطني الكردي سقفه السياسي، قبل اللقاء بأي كتلة سورية معارضة .
إن إجتماع كافة القوى و التنظيمات الكردية تحت مظلة مشتركة مسؤولية لا تحتمل التأجيل، لأن الخطوات الإنفرادية تلحق الضرر بالقضية الكردية, و علي أن أعترف أن أحد أسباب ضعف الكتلة الكردية في المجلس الوطني السوري كانت و ما تزال غياب أحزاب الحركة الوطنية الكردية عنها, و أحد أسباب ضعف الموقف الكردي هو إنقسامنا ككرد بين تجمعات المعارضة السورية , الأمر الذي حال دون تشكيل ثقل سياسي كردي.
و حتى لا يفوتنا الوقت ، و نجد أنفسنا في نهاية المطاف خارج المعادلة الوطنية ، ينبغي إعتبار كل مصارحة ، مهما كانت نبرتها عالية ، على أنها واجب و مسؤولية لا يجب التهاون أو التردد حيالها ، سيما و أن الفرص التاريخية لا تتكرر كل يوم , و ما أكثر الفرص التي ضيعناها في تاريخنا ، و كان  السبب منا في أغلب الأحيان و ليس من غيرنا.

فهل نقلب التوقعات و نكون على مستوى الحدث ، سؤال يبقى برسم الجميع .


22/11/2011

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…