بدأت مرحلة انتقالية …أيها الكورد أنتم جاهزون ؟

محمود مراد  

سابقة غير متوقعة ، عندما دعت الجامعة العربية للاجتماع بأطراف المعارضة، بكل أطيافها في القاهرة، للتباحث في شؤون المرحلة الانتقالية في سورية بعد أن فقدوا الأمل بالنظام السوري بعد طول انتظار من قبل الحراك الشعبي المنتفض منذ ما يقارب تسعة أشهر ، وعوده التي أطلقها جلبت لسورية ولشعبها الدمار ، وحلوله القمعية العسكرية الأمنية التي لم تهزّ وجدان السوريين لوحدهم بل العالم بأسره ، وما زال التّلميذ الغير معلّم يردد حتى أخر لقاءاته بالصحفيين عن عمى النظام بمفهوم المؤامرة ورواياته الدونيّة ، وسياساته الخشبية.
الغموض يلفّ حول دعوة الجامعة العربية لأطياف المعارضة باتجاه كفتين حتى الآن الأولى  هل هو استعداد للحوار مع النظام ؟ لأنها لم تسحب الشرعية منه، أم الكفّة الأرجح التي بدأت ملامحها نحو البروز وهو الاعتراف بالمعارضة ، والانتقال إلى مرحلة انتقالية ، لرسم رؤية ومواقف سياسية واضحة وبرنامج لتكون مظلة لكل القوى المعارضة ، من أجل استلام السلطة للمرحلة المؤقتة ، التي تحتاج إلى استعداد جدي وإشراك فعلي، هذه المرحلة فيها الحساسية الشديدة والخطورة ، وهي تعتبر من نقاط الضعف التي تعيشها سورية، ضعف الأحزاب السياسية والتنظيمات ، التي ستشكل بديلاً للسلطة بسبب الاضطهاد الذي كانت تعاني منه منذ عقود طويلة ، أدى إلي عدم بلورة الرؤى والمواقف السياسية ، أنتجت شتات ،والابتعاد عن التفاهم والتوافقات السياسية .
النظام وآلته العسكرية يزيد وتيرة النزف الدموي، بعد قرار الجامعة العربية، وتعليق عضوية سورية فهو يتحمّل المسؤولية السياسية والقانونية أمام القضاء السوري تاريخياً على هذه الجرائم، والمعارضة بدورها بكل أطيافها أمام امتحان المسؤولية الوطنية لتجاوز خلافاتها السياسية نحو موقف موحد لإنقاذ براءة الشارع الذي يقتل كلّ يوم .
انشغال الكورد بنقاشات حزبية، أخذت الوقت وضاع السبق السياسي من على طاولتهم ، وأبعدت فكرة أن الكورد سيكونوا الحضن للمعارضة، وبالتالي هذه القافلة الكوردية مؤخراً اتجهت إلى القاهرة وقوامها المجلس الكوردي أحزاب الميثاق وتيار المستقبل وحركة الإصلاح والتنسيقيات الشبابية ، والمكونات الأخرى التي كانت موجودة من قبل ، هي التي ستحتضن تحت عباءة المعارضات الأخرى .
أغلب الأحزاب الكردية، وبالأخص المنضوية تحت ما يسمّى مؤتمر الوطني الكوردي، لم يكن مواقفها متطابقاً مع منطق الثورة الشبابية ، فاستقوت على الحراك الشبابي بدلاً من الاستقواء به هذه الأحزاب بل كل الأحزاب السورية الشيوعية والعربية والكوردية راكمت وعياً سياسياً مشوّهاً لأنّ النظام السوري غربل سياساتهم على مقاس أجنداته القمعية الشمولية ، فبالتالي هذه الأحزاب فقدت البوصلة الثورية ، والإشكال السياسي حول حضورهم في القاهرة هل هو للحوار مع النظام؟ طبعاً ليس لوحدهم كما جاء في أحد قراراتهم ، بل مع أشقائهم من معارضي الداخل ، أم للاستعداد لمراحل ما بعد النظام السوري، الذين اختلفوا مع الحراك الشبابي الثوري حول إسقاطه ، هي من الملاحظ مرحلة انتقالية لاستلام السلطة، لتحقيق طموحات ومطالب الشعب الكوردي، وقضيته القومية العادلة ، إذاً ماذا نسمي هذا التأخر السياسي عن الشارع الكوردي بعد الآن؟!!
المكونات الكوردية عليها الإجماع على موقف واحد ، والبحث عن آليات الالتقاء حول هيئة تمثّل طموح الكل، وعليهم تجاوز خلافاتهم ذات الجذور الحزبوية ، والترفّع عن الأمور الشخصيّة، أمامهم شعب أضطهد وانتهكت حريته وكرامته على المزدوجين المعاشي والقومي والاتفاق السريع حول تشكيل هذه الهيئة للم الشتات ضروري، بشرط تكون بوصلتها الحراك الشبابي والشارع الكوردي ككل ، ذات كفاءة قادرة على قبول استحقاقات المرحلة وتحدياتها ومتفهمة لأمور المراحل الانتقالية ، وشدة حساسياتها وخطورتها ، لأنّ المعارضة السورية بشكل عام تحتاج رصّ الصفوف ، وعدم الانتظار والوقت يمضي ليس لصالح سورية وشعبها المنتفض، إنما أي تسويف مكلف وفيه دم يسيل والمستفيد منه هو النظام السوري الذي توحّش منذ بداياته ، والقضية الكوردية هي جزء من بناء سورية الجديدة الديمقراطية ، وبالتالي هو موضوع لا يعني الكورد وحدهم بل كل أطراف المعارضة السورية ، وسقف المطالب يجب أن يكون نابعاً من طموح ورغبات الكورد السوريين ، وليس لأطراف إقليمية أخرى .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…