درويش محمى*
في ظل ضعف المعارضة السورية وإفتقارها للقاعدة الشعبية الواسعة القادرة على احداث وفرض التغيير في سوريا، يبقى تطورالوضع والمستقبل السوري رهن لإرادات ومصالح قوى إقليمية ودولية عديدة، وتلك القوى الخارجية ستتحكم في مجرى الاحداث القادمة في سوريا ووجهتها الى حد بعيد.
الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وصراعهم مع القاعدة والاسلام المتطرف وتطورات المأزق العراقي، اسرائيل وسياساتها التي تهدف لادارة الصراع مع العالم العربي ورغبتها في الخروج من هذا الصراع بأقل خسائر واكبر مكاسب ممكنة، النظام السوري وتبعات تورطه في اغتيال الرئيس الحريري والتحقيقات الدولية في هذا الشأن وما ستفضي اليه من نتائج، وحليفه الفارسي ايران ” الثورة الاسلامية” ومشروعها النووي، الانظمة العربية المعتدلة وهمومها المتشابكة والمتداخلة وخشية تلك الانظمة من المد الشيعي ومشروع الشرق الاوسط الجديد ومخاطر الارهاب الاسلاموي وطموحات تلك الانظمة في الاستقرار والبقاء الابدي.
بعد احداث 11 سبتمبر وظهور الخطر الارهابي التكفيري وتجربة طلبان الأفغانية المتخلفة وانتشار الفكر الاصولي المتطرف وخطرتوسع منظمة القاعدة، اصبح الاسلام السياسي يشكل مصدر قلق ورعب حقيقي للعالم الحر والمجتمع الدولي والانظمة العربية المعتدلة المحافظة، وعلى عكس القاعدة التي تقول”المتهم بريئ حتى تثبت ادانته” اصبح كل من ينتمي الى التيار الاسلام السياسي متهم حتى يثبت برائته، والاخوان السوريون باعتبارهم جزء من هذا التيار، يتحملون عبئ اثبات برائتهم حتى لا يتم التشكيك بهم ومحاربتهم، ومن ثم شل دورهم في اي عملية تغيير مرتقبة على الصعيد السوري.
انه لامر مؤسف حقاً ان تكون جماعة الاخوان السورية والتي قاست وعانت الكثير من الاضطهاد والظلم كتنظيم معارض، العقبة والحجة في الابقاء على النظام السوري،” والبعبع” الذي يخشاه الجميع ويحذر منه.
بالرغم من سياسات النظام السوري الصبيانية الطائشة، يستخدم هذا النظام وبمهارة فائقة فن التهويل والترغيب في صراعه من اجل البقاء، ويجيد وببراعة التشويش على الخارج الدولي والاقليمي في محاولة اقناع حثيثة منه لتلك الاطراف انه الافضل والانسب للاستقرار، والافضل والانسب في تأمين المصالح الحيوية لقوى واطراف اقليمية ودولية وحتى اسرائيلية، والافضل والانسب في محاربة الاصولية الاسلامية، ويحاول النظام السوري جاهداً وبكل الوسائل اثبات انه لا جدوى من التغيير والبديل”خطيرجداً” ، ومن اجل اثبات العكس على المعارضة السورية بشكل عام و جماعة الاخوان بشكل خاص، فهم واستيعاب العامل الخارجي واهمية دوره، والتمتع بقدر اكبر من الواقعية والانفتاح على الخارج وقدرة اكبرعلى المناورة والدبلوماسية للتواصل مع القوى الدولية والاقليمية المؤثرة، لاقناعها بجدوى ومزايا عملية التغيير، وعلى جماعة الاخوان السورية اثبات كونهم حركة اسلامية عقلانية تنبذ التطرف والاصولية المتخلفة، وتثبت انها حركة ديمقراطية تتبنى الاسلام الحضاري المنسجم مع القيم الديمقراطية وتؤمن بالدولة المدنية والتعددية.
وإذا كان الاخوان المسلمون السوريون جادون فعلاً في احداث تغيير في سوريا والعودة من المنفى الى الوطن”ونحن البقية اللا اخوانية من المعارضة بصحبتهم او هم بصحبتنا “، لا بد من انجاز بعض الاجراءات الاسعافية الضرورية والعاجلة:
بداية وقبل كل شيء اعلان الجماعة عن خروجها من الدائرة الاخونجية العربية وتغيير كل مظاهر انتماءها لحركة اسلامية اقليمية ونهج سياسة خاصة بها تتلائم والبيئة السورية ومقتضيات المرحلة، “تجربة حماس سورية” امر مرفوض ومخيف دولياً وعربياً وداخلياً واخونجية شبه زرقاويين على الشاكلة الاردنية ايضاً مرفوض ومخيف دولياً واقليمياً وداخلياً، كذلك لا بد لحركة الاخوان من التواصل وفتح قنوات مع الدول الغربية المؤثرة والرئيسية وبشكل خاص الولايات المتحدة الامريكية والتخلص من عقدة الخارج المزمنة، ولا بد أيضاً لحركة الاخوان السورية ان تقرأ الواقع بدون حجاب وان ” تتعولم ” وتسعى الى تغيير فعلي وحقيقي لنهج الاخوان شكلاً ومضموناً، والتي ظهرت علاماته منذ فترة طويلة على الورق على الاقل.
الكرة في ملعبكم يا اخوان” فالعبوا كرة حديثة ومحترفة وبارعة ” وبشجاعة وحرص ومسؤولية، والا خسرنا جميعاً وخسر معنا الشعب السوري بكل أطيافه وألوانه،
* كاتب كردي سوري
d.mehma@hotmail.com