خالص مسور
المؤتمر الكردي حدث وانتهى – ولا ريب – ولكل مؤتمر وحدث مآخذه وكبواته، سلبياته وإيجابياته، ولهذا رأينا أن لابد من إبداء بعض الملاحظات التي نراها هادفة وبناءة بعيداً عن اللاموضوعية والإتهامات المجانية التي قد تضر ولا تنقع.
وحق النقد مصون للجميع ونرى أن من ينتقد لمآرب شخصية أو لأنه لم يكن له نصيب في حضور المؤتمر أو لأنه استبعد ولم يحظ اسمه بالقبول فنقده مردود عليه وباطل من أساسه.
أما من ينتقد لتقويم الإعوجاج وكشف الأخطاء والمساكيت عنه، فهذا نقد يجب ألا يغيظ أحداً ومن أغاظه النقد البناء فقد جنى على نفسه اولاً وعلى أخلاقياته ومسيرته السياسية ثانياً، لأن مثل هذا المؤتمر ظاهرة مصيرية تتعلق بمصير وطن وشعب بل ربما شعوب المنطقة بأكملها، فلا يمكن سد الأفواه وكبت الأقلام الحرة.
وحق النقد مصون للجميع ونرى أن من ينتقد لمآرب شخصية أو لأنه لم يكن له نصيب في حضور المؤتمر أو لأنه استبعد ولم يحظ اسمه بالقبول فنقده مردود عليه وباطل من أساسه.
أما من ينتقد لتقويم الإعوجاج وكشف الأخطاء والمساكيت عنه، فهذا نقد يجب ألا يغيظ أحداً ومن أغاظه النقد البناء فقد جنى على نفسه اولاً وعلى أخلاقياته ومسيرته السياسية ثانياً، لأن مثل هذا المؤتمر ظاهرة مصيرية تتعلق بمصير وطن وشعب بل ربما شعوب المنطقة بأكملها، فلا يمكن سد الأفواه وكبت الأقلام الحرة.
في الحقيقة ضم المؤتمر الكردي الأخير تسعة أحزاب كردية بالإضافة مما قيل من عدد لا بأس به من المستقلين من جميع أطياف والشرائح الوطنية الكردية، ولكن بدا المؤتمر عرضة للكثير من اللغط والأحوال والقيل والقال من قبل السياسيين المستبعدين وشريحة من المثقفين الأحرار بالفعل.
وبناء عليه نرى أن المؤتمر له إيجاباته مثلما له سلبياته، وبخصوص الحالة الإيجابية وإعتماداً على البيان الختامي نقول: أن المؤتمر في إيجابياته كان خطوة هشة ومتلكأة في الإتجاه الصحيح، لأن المؤتمر تكلل وربما لأول مرة بنوع من توحيد جزئي للرؤيا المشتركة للخطاب السياسي الكردي، وبعث الأمل والتفاؤل في النفوس التواقة إلى التضامن ووحدة الصف، وجرى لم شمل ما لم تستطع جميع الأحزاب والتنظيمات الكردية لمه خلال عقود من السنين.
ولكن مع الأسف فالسلبيات أكثر بما لايقاس من الإيجابيات، ولهذا نرى حدوث حالة غير صحية في في حيثيات المؤتمر الأخرى كغموض الموقف من النظام والمعارضة السورية وأعتقد أن هناك إيعازات وتوجهات خارجية من تحت الطاولة وعلى ضوئه يتحدد الموقف من الأحداث الجارية في سورية، وكالتي اتسمت بها مقدمات المؤتمر على الصعيد العملياتي والفاعلية التطبيقية، مثل آلية تعيين لجان القبول من قبل الأحزاب التسعة رغم توفر النوايا الطيبة لبعض الكوادر المخلصة منهم، وهي لجان جرى تشكيلها من غير المستقلين لقبول وانتقاء – وأؤكد على مقولة الإنتقاء – المستقلين وتقييم وطنية الآخر اعتماداً على مدى قربهم أي المستقلين من هذا الحزب أو ذاك، مما أفسحت عن عقلية إقصائية دوغمائية تسلطية مناورة، أدت فيما أدت إليه إلى إقصاء جزء كبير من التنظيمات السياسية والقوى الكردية الفاعلة والمخلصة حقيقة على الساحة السياسية الكردية على سبيل المثال لا الحصر.
ونعتقد أن إقصاء الطرف الآخر كان خطأ تاريخياً قاتلاً في مسيرة السياسة الكردية، ونشير – لكي لايتكرر – مثل بيان الأحزاب التسعة بشان استشهاد مشعل التمو والذي كان محبطاً للهمم وتهميش اسمه من أروقة المؤتمر نكسة في أخلاقيات السياسة الكردية ويعد حالة إقصائية واضحة حتى لحرمة الشهداء ومن دفعوا دماءهم ثمناً لحرية شعبهم وبلادهم.
ولهذا نعتقد ان المؤتمر كان فرصة لاتعوض لبعض من هذه القيادات التسعاوية لتطويل أعمارها، وتحميل بعض المثقفين الوصوليين وزر أعمال لم تنجز ووعود للشعب لم توف.
وما نعتقده هو أن المؤتمر رتق النسيج السياسي السوري من طرف وهو شيء جيد طبعاً لكن لينفلت الشرخ من الطرف الآخر بقوة أقسى من ذي قبل، ما أدى إلى إحداث شروخات جديدة أكثر عمقاً وإيلاماً في هذا النسيج الهش اصلاً، لينقسم المجتمع السياسي الكردي بعد المؤتمر إلى مؤتمرين ومن هم خارج المؤتمر والأخيرين يشكلون نسبة كبيرة جداً من الفاعلية السياسية الكردية، ويشكلون الشريحة الأكبر والأكثر عدداً وإخلاصاً وتضحية لقضيا شعبهم ووطنهم، وما اقترحه وفي سبيل لم الشمل الكردي، هو الدعوة من قبل الأحزاب الستة والمثقفين والمستقلين الباقين خارج قوس المؤتمر التسعاوي الأخير، لعقد مؤتمر مواز بالتنسيق مع المثقففثن الأحرار والتنسيقيات الشبابية الإحتجاجية يتم فيه إحداث تكتل آخر قادر على خدمة السياسة الكردية بفاعلية وقوة، ونؤكد هنا على أن انقسام المجتمع السياسي الكردي إلى إثنين أو حتى ثلاثة أو أربعة كتل خير من انقسامه إلى 14 حزباً.
لكن هنا لي كلمة مع المثقف الكردي أو المثقفين الكرد لافرق، وحيث يمكننا تقسيم المثقفين إلى قسمين لاثالث لهما وهما:
1 – المثقف الكردي الحر أي الخارج عن التنظيمات السياسية أو غير المنظم في حزب سياسي، والذي بدا ينتقد ليل نهار الأحزاب الكردية ومؤتمرها ومنهجيتها في التعامل مع التنظيمات السياسية الأخرى أو مع الحدث السوري الأخير، لنقول نقدك – أيها المثقف – فيه البناء والهدم معاً، ولكنه في المحصلة نقد حق ونعتبره بناء إذا كانت الغاية منه خدمة الحقيقة ولم الشمل والإصلاح والتغيير.
وكثيراً ما يذهب المثقفون الكرد إلى أن أن قادة الأحزاب الكردية أو لنقل غالبيتهم يمتهنون سياسة المراوغة والخداع في تعاملهم مع بعضهم البعض ومع الشارع الكردي ذاته.
ولم تحقق الأحزاب للشعب الكردي ما كان يتأمله منها وبقيت تراوح في المكان رغم بذل كوادرها الحزبية من جهد لاينكر في سبيل القضية الكردية في سورية، إلا إنها كانت ألسنتها أطول من قاماتها وما بذلته غير كاف بل كان إنتكاسياً أحياناً.
ولكننا نسأل وبود واحترام، ماذا فعلت أنت أيها المثقف…؟ فأين كنت قبل المؤتمر وبعده…؟ وسأقولها له وباحترام: لقد عجزت عن تقديم نفسك قوة للحل، وعجزت عن تشكيل خلية ثقافية تتقدم بها للمؤتمر، وصحيت من نومك وبدأت توزع الإتهامات يميناً وشمالاً، لكن ألن يعن لك الأمر أن تنتقد نفسك قبل نقد الآخرين…؟ لينطبق عليك المثل الكردي القائل:
(Ji devê ketiye hophop jê tê).
وفي الحقيقة لقد عجز المثقفون عن إنشاء نوع من وحدة الرأي فيما بينهم وعحزوا عن تقديم ممثليهم إلى المؤتمر مما أفسحوا المجال للأحزاب أن تلجأ إلى انتقاء من يرضى من المثقفين والمستقلين وبعض التنسيقيات بالإنتقاء، وبقي آخرون خارج الحلبة رغم أنهم في الحقيقة كانوا تواقين إلى خدمة شعبهم بإخلاص في الأحداث الأخيرة عن طريق مثل هذا المؤتمر وأبعدوا عنه بطريقة تعسفية أو ربما البعض منهم قد أبعد نفسه عنه، لقناعاتها بعدم جدوى العمل مع هذه الأحزاب المترهلة بالطبع حسب وجهة نظرها أو لأسباب قد ندركها أولاندركها.
2 – أما المثقف الآخر هو المثقف المنضوي تحت التنظيمات الحزبية وهنا سيكون عتبي عليه أكثر إيلاماً وعتباً.
فما أعلمه أنه على المثقف المنظم في حزب أن يمتلك الجرأة في الحق وألا يخشى في الله لومة لائم وخاصة في الأحزاب الكردية التي ليست لها سلطة لقمعه وترهيبه، وعليه – في هذه الحال – أن يقول كلمة حق عند سكرتير خطاء وأن يكون له قوة وشجاعة المرأة العمرية تلك التي وقفت في وجه الخليفة عمر بن الخطاب وافحمته في كلامها، حتى قال فيها عمر قولته الشهيرة: أخطأ عمر وأصابت امرأة.
وفي الحقيقة أن المثقف المنظم في حزب يبقى ذليلاً خاضعاً لمشيئة سكرتيره لا ينبس ببنت شفه ولو كان في سبيل الحق، ويكون حاله حال البرلمانات العربية إن أخطأ الرئيس مجده وإن أصاب صفق له.
لا أقول هذا جزافاً ولكن حدث هذا أمام بصيرتي وعيني في اكثر من مكان وحادثة، فهذا مثقف انتهازي وصولي تسبق مصلحته الشخصية إخلاصه وحبه لشعبه ووطنه، وهو ما يعق تقدم الأجندات السياسية الكردية بخطى راسخة نحو الحداثة والتغيير.
وفي كلتا الحالتين لن يلوم المثقف سوى نفسه، وعليه – كما قلنا – أن ينتقد نفسه قبل أن ينتقد غيره.
أقول هذا لأن المثقف الحر بشكل خاص عجز عن تنظيم نفسه وتقديم مرشحه للمؤتمر الكردي الأخير ليفرض نفسه كطرف فاعل على الساحة الساحة السياسية الكردية، وبدا – وكما قلنا – يتهم الأحزاب بالخديعة والمراوغة، وهذا صحيح مي المية كما يقول العراقيون.
ولكنه وبشيء من العلمية نقول: لقد عجز مثقفونا الأحرار والمخلصين في الحقيقة عن قراءة الموقف والأسباب وجدلية العلة والمعلول، لأن مراوغة البعض من قادة الأحزاب لها أسبابها العلمية فحسب المادية التاريخية يكون هؤلاء هم ممن ينتمون إلى التشكيلة الإنتقالية نصف الإقطاعية- نصف البرجوازية وأبناء هذه الطبقة بالعادة حريصون على امتيازاتهم الخاصة ويلجأون وفي كل مكان من العالم – إلا الثوريون منهم – إلى تسخير كل شيء بما فيها الخديعة والمراوغة في سبيل تحقيق مكاسبهم الشخصية أو الحزبوية الضيقة، كما وينتمي المثقف المنظم تنظيماً حزبياً أو حتى المثقف الحر إلى نفس الإنتماء ويحمل نفس الذهنية أو نفس الفكرة لانتمائه إلى مجتمع إنتقالي بين البرجوازية والإقطاع يفرض مفاهيمه وأجنداته وظروفه الموضوعية على الظروف الذاتية للمثقف أو أي أحد بقوة وحتم، إلا من نخبة من المثفين والسياسيين المتنورين المضحين بمصالحهم الذاتية في سبيل المصلحة الشعبية العليا، ومن هنا منبع الصراع بين السياسي نصف الإقطاعي – نصف البرجوازي وبين المثقف المستنير ولكنه العاجز في الحالة الكردية عن تشكيل بؤرة رؤيوية تفرض احترامها في سويات البنية الفوقية للمجتمع.
………………………………………………………………………………
وبناء عليه نرى أن المؤتمر له إيجاباته مثلما له سلبياته، وبخصوص الحالة الإيجابية وإعتماداً على البيان الختامي نقول: أن المؤتمر في إيجابياته كان خطوة هشة ومتلكأة في الإتجاه الصحيح، لأن المؤتمر تكلل وربما لأول مرة بنوع من توحيد جزئي للرؤيا المشتركة للخطاب السياسي الكردي، وبعث الأمل والتفاؤل في النفوس التواقة إلى التضامن ووحدة الصف، وجرى لم شمل ما لم تستطع جميع الأحزاب والتنظيمات الكردية لمه خلال عقود من السنين.
ولكن مع الأسف فالسلبيات أكثر بما لايقاس من الإيجابيات، ولهذا نرى حدوث حالة غير صحية في في حيثيات المؤتمر الأخرى كغموض الموقف من النظام والمعارضة السورية وأعتقد أن هناك إيعازات وتوجهات خارجية من تحت الطاولة وعلى ضوئه يتحدد الموقف من الأحداث الجارية في سورية، وكالتي اتسمت بها مقدمات المؤتمر على الصعيد العملياتي والفاعلية التطبيقية، مثل آلية تعيين لجان القبول من قبل الأحزاب التسعة رغم توفر النوايا الطيبة لبعض الكوادر المخلصة منهم، وهي لجان جرى تشكيلها من غير المستقلين لقبول وانتقاء – وأؤكد على مقولة الإنتقاء – المستقلين وتقييم وطنية الآخر اعتماداً على مدى قربهم أي المستقلين من هذا الحزب أو ذاك، مما أفسحت عن عقلية إقصائية دوغمائية تسلطية مناورة، أدت فيما أدت إليه إلى إقصاء جزء كبير من التنظيمات السياسية والقوى الكردية الفاعلة والمخلصة حقيقة على الساحة السياسية الكردية على سبيل المثال لا الحصر.
ونعتقد أن إقصاء الطرف الآخر كان خطأ تاريخياً قاتلاً في مسيرة السياسة الكردية، ونشير – لكي لايتكرر – مثل بيان الأحزاب التسعة بشان استشهاد مشعل التمو والذي كان محبطاً للهمم وتهميش اسمه من أروقة المؤتمر نكسة في أخلاقيات السياسة الكردية ويعد حالة إقصائية واضحة حتى لحرمة الشهداء ومن دفعوا دماءهم ثمناً لحرية شعبهم وبلادهم.
ولهذا نعتقد ان المؤتمر كان فرصة لاتعوض لبعض من هذه القيادات التسعاوية لتطويل أعمارها، وتحميل بعض المثقفين الوصوليين وزر أعمال لم تنجز ووعود للشعب لم توف.
وما نعتقده هو أن المؤتمر رتق النسيج السياسي السوري من طرف وهو شيء جيد طبعاً لكن لينفلت الشرخ من الطرف الآخر بقوة أقسى من ذي قبل، ما أدى إلى إحداث شروخات جديدة أكثر عمقاً وإيلاماً في هذا النسيج الهش اصلاً، لينقسم المجتمع السياسي الكردي بعد المؤتمر إلى مؤتمرين ومن هم خارج المؤتمر والأخيرين يشكلون نسبة كبيرة جداً من الفاعلية السياسية الكردية، ويشكلون الشريحة الأكبر والأكثر عدداً وإخلاصاً وتضحية لقضيا شعبهم ووطنهم، وما اقترحه وفي سبيل لم الشمل الكردي، هو الدعوة من قبل الأحزاب الستة والمثقفين والمستقلين الباقين خارج قوس المؤتمر التسعاوي الأخير، لعقد مؤتمر مواز بالتنسيق مع المثقففثن الأحرار والتنسيقيات الشبابية الإحتجاجية يتم فيه إحداث تكتل آخر قادر على خدمة السياسة الكردية بفاعلية وقوة، ونؤكد هنا على أن انقسام المجتمع السياسي الكردي إلى إثنين أو حتى ثلاثة أو أربعة كتل خير من انقسامه إلى 14 حزباً.
لكن هنا لي كلمة مع المثقف الكردي أو المثقفين الكرد لافرق، وحيث يمكننا تقسيم المثقفين إلى قسمين لاثالث لهما وهما:
1 – المثقف الكردي الحر أي الخارج عن التنظيمات السياسية أو غير المنظم في حزب سياسي، والذي بدا ينتقد ليل نهار الأحزاب الكردية ومؤتمرها ومنهجيتها في التعامل مع التنظيمات السياسية الأخرى أو مع الحدث السوري الأخير، لنقول نقدك – أيها المثقف – فيه البناء والهدم معاً، ولكنه في المحصلة نقد حق ونعتبره بناء إذا كانت الغاية منه خدمة الحقيقة ولم الشمل والإصلاح والتغيير.
وكثيراً ما يذهب المثقفون الكرد إلى أن أن قادة الأحزاب الكردية أو لنقل غالبيتهم يمتهنون سياسة المراوغة والخداع في تعاملهم مع بعضهم البعض ومع الشارع الكردي ذاته.
ولم تحقق الأحزاب للشعب الكردي ما كان يتأمله منها وبقيت تراوح في المكان رغم بذل كوادرها الحزبية من جهد لاينكر في سبيل القضية الكردية في سورية، إلا إنها كانت ألسنتها أطول من قاماتها وما بذلته غير كاف بل كان إنتكاسياً أحياناً.
ولكننا نسأل وبود واحترام، ماذا فعلت أنت أيها المثقف…؟ فأين كنت قبل المؤتمر وبعده…؟ وسأقولها له وباحترام: لقد عجزت عن تقديم نفسك قوة للحل، وعجزت عن تشكيل خلية ثقافية تتقدم بها للمؤتمر، وصحيت من نومك وبدأت توزع الإتهامات يميناً وشمالاً، لكن ألن يعن لك الأمر أن تنتقد نفسك قبل نقد الآخرين…؟ لينطبق عليك المثل الكردي القائل:
(Ji devê ketiye hophop jê tê).
وفي الحقيقة لقد عجز المثقفون عن إنشاء نوع من وحدة الرأي فيما بينهم وعحزوا عن تقديم ممثليهم إلى المؤتمر مما أفسحوا المجال للأحزاب أن تلجأ إلى انتقاء من يرضى من المثقفين والمستقلين وبعض التنسيقيات بالإنتقاء، وبقي آخرون خارج الحلبة رغم أنهم في الحقيقة كانوا تواقين إلى خدمة شعبهم بإخلاص في الأحداث الأخيرة عن طريق مثل هذا المؤتمر وأبعدوا عنه بطريقة تعسفية أو ربما البعض منهم قد أبعد نفسه عنه، لقناعاتها بعدم جدوى العمل مع هذه الأحزاب المترهلة بالطبع حسب وجهة نظرها أو لأسباب قد ندركها أولاندركها.
2 – أما المثقف الآخر هو المثقف المنضوي تحت التنظيمات الحزبية وهنا سيكون عتبي عليه أكثر إيلاماً وعتباً.
فما أعلمه أنه على المثقف المنظم في حزب أن يمتلك الجرأة في الحق وألا يخشى في الله لومة لائم وخاصة في الأحزاب الكردية التي ليست لها سلطة لقمعه وترهيبه، وعليه – في هذه الحال – أن يقول كلمة حق عند سكرتير خطاء وأن يكون له قوة وشجاعة المرأة العمرية تلك التي وقفت في وجه الخليفة عمر بن الخطاب وافحمته في كلامها، حتى قال فيها عمر قولته الشهيرة: أخطأ عمر وأصابت امرأة.
وفي الحقيقة أن المثقف المنظم في حزب يبقى ذليلاً خاضعاً لمشيئة سكرتيره لا ينبس ببنت شفه ولو كان في سبيل الحق، ويكون حاله حال البرلمانات العربية إن أخطأ الرئيس مجده وإن أصاب صفق له.
لا أقول هذا جزافاً ولكن حدث هذا أمام بصيرتي وعيني في اكثر من مكان وحادثة، فهذا مثقف انتهازي وصولي تسبق مصلحته الشخصية إخلاصه وحبه لشعبه ووطنه، وهو ما يعق تقدم الأجندات السياسية الكردية بخطى راسخة نحو الحداثة والتغيير.
وفي كلتا الحالتين لن يلوم المثقف سوى نفسه، وعليه – كما قلنا – أن ينتقد نفسه قبل أن ينتقد غيره.
أقول هذا لأن المثقف الحر بشكل خاص عجز عن تنظيم نفسه وتقديم مرشحه للمؤتمر الكردي الأخير ليفرض نفسه كطرف فاعل على الساحة الساحة السياسية الكردية، وبدا – وكما قلنا – يتهم الأحزاب بالخديعة والمراوغة، وهذا صحيح مي المية كما يقول العراقيون.
ولكنه وبشيء من العلمية نقول: لقد عجز مثقفونا الأحرار والمخلصين في الحقيقة عن قراءة الموقف والأسباب وجدلية العلة والمعلول، لأن مراوغة البعض من قادة الأحزاب لها أسبابها العلمية فحسب المادية التاريخية يكون هؤلاء هم ممن ينتمون إلى التشكيلة الإنتقالية نصف الإقطاعية- نصف البرجوازية وأبناء هذه الطبقة بالعادة حريصون على امتيازاتهم الخاصة ويلجأون وفي كل مكان من العالم – إلا الثوريون منهم – إلى تسخير كل شيء بما فيها الخديعة والمراوغة في سبيل تحقيق مكاسبهم الشخصية أو الحزبوية الضيقة، كما وينتمي المثقف المنظم تنظيماً حزبياً أو حتى المثقف الحر إلى نفس الإنتماء ويحمل نفس الذهنية أو نفس الفكرة لانتمائه إلى مجتمع إنتقالي بين البرجوازية والإقطاع يفرض مفاهيمه وأجنداته وظروفه الموضوعية على الظروف الذاتية للمثقف أو أي أحد بقوة وحتم، إلا من نخبة من المثفين والسياسيين المتنورين المضحين بمصالحهم الذاتية في سبيل المصلحة الشعبية العليا، ومن هنا منبع الصراع بين السياسي نصف الإقطاعي – نصف البرجوازي وبين المثقف المستنير ولكنه العاجز في الحالة الكردية عن تشكيل بؤرة رؤيوية تفرض احترامها في سويات البنية الفوقية للمجتمع.
………………………………………………………………………………