أي دولة مدنية نريد ؟

الدكتور عبد الحكيم بشار

رسالة مفتوحة إلى إعلان دمشق – هيئة التنسيق الوطنية – مؤتمر الإنقاذ – المجلس الوطني السوري – الإخوان المسلمون ، وكافة تشكيلات المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية

إن تبني مفهوم الدولة المدنية في سوريا بعد التغيير ، اتخذ طابعاً عاماً ، وتبنته معظم القوى الوطنية الديمقراطية السورية ، وبات شعاراً أساسياً لمعظم التنسيقيات السورية ، وإن كانت هناك تكتلات تطالب بدولة علمانية ، وقد تكون هناك أخرى تطالب بدولة دينية ، إلا أن السمة العامة للمعارضة هي تبنيها لمفهوم الدولة المدنية ، هذا المفهوم الذي يكتنفه الكثير والكثير من الغموض ، وذلك حسب النسبة التي ينظر إليها وموقع وخلفيات المفكرين ،
فمنهم من يراها نقيض الدولة العشائرية ، وآخرون يرونها نقيض الدولة العسكرية ، ومنهم من يراها جاءت كنقيض على الحكم الملكي المطلق ، وآخرون يعتقدون أن المدنية مرادفة للعلمانية ، وإنما جاءت كتعبير مخفف لفظياً عنها لإرضاء المجتمعات الإسلامية ، ومنهم من يرى أنها حالة وسط بين الدولة العلمانية والدولة الدينية ، ومنهم من يعتقد أنها جوهر الإسلام .
إن المدنية تتضمن الانتخاب والديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية والثقافية ، وحرية المعتقد وتعدد الأحزاب ، وهي جميعاً تشكل جوهر الدولة الإسلامية التي تقوم على البيعة والشورى  وأهل العقد الذين بمقدورهم محاسبة المسؤولين وحتى عزلهم .
ومن قراءتي ومناقشاتي تبلورت لدي قناعة راسخة بأن مفهوم الدولة المدنية يكتنفه الكثير من الغموض لدى الشعب السوري رغم قبوله ، لذلك لابد من توضيح بعض الاستفسارات والتساؤلات ، وذلك لتحديد مفهوم المعارضة بشكل واضح للدولة المدنية ، والتساؤلات هي :
1- ماهي علاقة الدين بالدولة في الدولة المدنية المرتقبة ، وهل هناك فصل تام أم دمج ؟
2- ما هو مفهوم حرية الأديان والمعتقدات ؟ وبمعنى آخر هل يحق لأي فرد مواطن أن يغير دينه كيفما يشاء من مسيحي إلى مسلم أو بالعكس مع ضمانات دستورية لذلك ؟ أم أن الموضوع يقتصر على حرية ممارسة الشعائر الدينية ؟
3- هل سيتم تحديد دين رئيس البلاد دستورياً ؟ وبمعنى آخر هل يحق لمسيحي أن يصبح رئيساً للبلاد لدورة رئاسية كاملة أو أكثر ؟
4- هل يحق لامرأة أن تصبح رئيسة للبلاد ؟
5- هل سيكون هناك قانون موحد للأحوال الشخصية ؟
6- هل ستتحقق المساواة التامة بين الرجل والمرأة خاصة في ما يخص مجالي القضاء والإدلاء بالشهادة أمام القضاء ؟
7- هل سيتم إقرار الزواج المدني ؟
8- ما هو الموقف من قضايا القوميات في البلاد ؟ هل سيستند إلى شرعة حقوق الإنسان والمواثيق والأعراف الدولية ومبادئ الأمم المتحدة والتي تضمن حق تقرير المصير لتلك القوميات ضمن حدود وسيادة البلاد ؟ أم أن مصير تلك القوميات سيكون مرهوناً بما تقرره الأغلبية بحكم أغلبيتها العددية ؟ وغيرها من الأسئلة التي توجه ، والتي هي بحاجة إلى إيضاحات لكي يدرك السوريون ما هي حقيقة دولتهم المقبلة بعد انتهاء حكم الاستبداد في سوريا خاصة الأقليات الدينية والمذهبية والتي من حقها معرفة مستقبلها في سوريا ، وبالتالي اتخاذ القرار المناسب على ضوئه للانخراط في الحراك الثوري في سوريا .
7/11/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…