الحوار مع المحامي والكاتب مصطفى إسماعيل «عضو الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي في سوريا»

س1- في البدء أهنئكم على انعقاد المؤتمر الوطني الكوردي, وانتخابكم- كأعضاء مستقلين- في اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الكوردي, برأيكم ما ضرورات هذا المؤتمر كورديا وسوريا؟ ما هي الهيئات التي انبثقت عنه؟ وهل كانت الآليات ديمقراطية؟ وهل نستطيع أن نصبغ صفة النجاح على هذا المؤتمر, ولو نسبياً؟

ج : كما تعلم فإن سوريا تشهد منذ 15 مارس / آذار ثورة شعبية ضد النظام الحاكم, تندرج في سياق ثورات شعوب بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضد الأنظمة التي نكلت طيلة عقود من عمر الدولة الوطنية بطموحات شعوبها وحياتها ومستقبلها وأبقتها خارج التاريخ.
 خلال هذه الثورة وحدهم الشباب الكردي من حمل راية الثورة ومشعلها في المناطق الكردية, فيما بقيت غالبية الأحزاب الكردية على مقاعد المتفرجين واكتفوا بإصدار البيانات والانشغال أكثر بالتحالفات السياسية مع أطراف المعارضة العربية ( نستثني قيادات حزبية معينة كانت في الشارع, وفي طليعتهم الشهيد الرمز مشعل التمو), إلى درجة تباين المواقف من تسمية ما يجري في سوريا (أزمة, حركة احتجاجية, انتفاضة, ثورة ), المؤتمر تأخر كثيراً, وكان يفترض أن ينعقد في وقت مبكر لا بعد ثمانية أشهر, وهو ضرورة كردياً وسورياً في العديد من المستويات, من أجل توحيد الموقف السياسي الكردي مما يجري وتحديد المطالب الكردية في سوريا وتوحيد الصف الكردي كبديل عن حالة التشتت والشرذمة المزمنة.

خارج تنسيقيات الشباب الكردي العديدة لم يك هناك – نسبياً – موقف عياني وملموس من الثورة, وفي المؤتمر تم إقرار أن الشعب الكردي جزء من الثورة, وأن التسمية من الآن فصاعداً في الأدبيات الحزبية والسياسية ستكون الثورة, وتبنى المؤتمر في مداولاته وبيانه الختامي الحراك الشبابي الكردي بأبعاده المتعددة.

تم اعتماد المؤتمر الوطني الكردي مجلساً وطنياً كردياً, وتم تشكيل هيئة تنفيذية للمجلس مؤلفة من 45 عضواً, منهم 20 حزبياً ( مقعدان لكل حزب ) و25 مستقلاً ( منهم 6 شباب, وامرأتان ), وستنبثق مكاتب أو لجان من الهيئة التنفيذية بعد اجتماعها.

في المؤتمر تم اتخاذ القرارات وفقاً لمبدأ التصويت, وانتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية المستقلين تم بناء على انتخاب الكتل المناطقية لممثليها إلى الهيئة, وتم ذلك بآليات ديمقراطية عبر سرية التصويت.

المؤتمر كان ناجحاً في جوانبه التنظيمية, أما نجاح الجانب السياسي فرهن بترجمته عملياً, كان المؤتمر سيحقق نجاحاً أفضل في حال مشاركة كل القوى الحية في الساحة الكردية.

وأشكرك على التهنئة.

س2- راهن البعض مسبقاً على فشل المؤتمر, ورفضوا الحضور دون أن ينتظروا  النتائج, و بأنّ هذا المؤتمر لا يمثل الشرعية القومية والوطنية, ولن يكتب له النجاح؟ كيف تقيّمون هذا؟ وهل نستطيع أن نقول إنّ ما تمخضّ عنه  يمثل طموح الشعب الكوردي؟

ج : أنا شخصياً ضد الأحكام المسبقة القبلية, لم تكن مقاطعة بعض القوى الكردية نتاج رهان مسبق على فشل المؤتمر, وإنما بسبب المواقف السياسية المتباينة, العلاقات الحزبية البينية السيئة كان لها دور, والانشقاقات الحزبية التي جرت في العقد الأخير كانت سبباً أيضاً, والتباين بين بعض الأحزاب والحركات الشبابية كان لها دور أيضاً, وأضيف إلى ذلك اعتماد طاقم اللجنة التحضيرية العليا من الحزبيين فقط, هذه اللجنة لدي شخصياً العديد من الملاحظات والتحفظات على أدائها.

في المناطق اختلف الوضع , إذ كانت اللجان المناطقية عبارة عن توليفة من المستقلين والحزبيين, وفي هذه النقطة أنطلق من تجربتنا في مناطق كوباني ومنبج وجرابلس, إذ تمت عملية الاختيار والترشيح والتصويت بشفافية وديمقراطية ونزاهة, مع خروقات طفيفة غير مؤثرة, وكنا كمستقلين الفاعلين الأساسيين في التحضيرات المناطقية.
لا يوجد في العالم مجلس متفق عليه بالإجماع المطلق, فكما يقول البعض بأن المؤتمر لا يمثل شرعية وطنية وقومية, هم أيضاً بالمعيار التفكيكي الأبستمي لا يمثلون شرعية مطلقة, والمؤتمر الذي انعقد يمثل إلى حد ما طموح الشعب الكردي, إذ يتمثل فيه العدد الأكبر من القوى المجتمعية الكردية, ولأني لا أميل إلى إطلاقية الأمور, سأقول نسبياً هو يمثل الشعب الكردي وإلى حد بعيد.

وعلى الأقل هو خطوة أولى ونواة تأسيسية لعمل كردي مشترك من أجل القضية الكردية من جانب ومن أجل القضية السورية الراهنة عامة.

س3- وماذا اتّخذ المؤتمر حيال تلك الشريحة التي لم تحضر ؟

ج : سيتم التواصل معهم من خلال لجنة منبثقة عن الهيئة التنفيذية, لا يعقل أن نتحاور مع ممثلي المكونات السورية الأخرى وندير ظهرنا للقوى الكردية التي لم تشارك في المؤتمر, فالقضية الكردية والشارع الكردي ليسا ملكية حصرية لجهة كردية دون غيرها, ولا تستقيم شعاراتنا في توحيد الصف الكردي والخطاب الكردي والموقف الكردي مع الاستمرار في نهج القطيعة مع القوى الأخرى خارج المجلس الوطني الكردي.

نحن المستقلون في الهيئة التنفيذية سيكون هاجسنا التواصل مع القوى الكردية الأخرى, من منطلق استقلالية قرارنا.

أنا مثلاً ممثل لشارع كردي متنوع في كوباني ومنبج وجرابلس بداخل الهيئة التنفيذية ويهمني في المقام الأول التعبير عن هواجسهم, ولم أذهب إلى المؤتمر من أجل صورة تذكارية, أو التحالف مع حزب أو أحزاب ضد حزب أو أحزاب, ولست مستعداً لتسويق أجندات أيما حزب, ومن المؤكد أن المجلس ليست لديه نية في تأميم الشارع الكردي.

س4- ما موقف المؤتمر من النظام؟ والحراك الشعبي في سوريا, كوردياً وسورياً؟ وبماذا يختلف هذا المؤتمر عن المؤتمرات السورية الأخرى؟

ج : دعا المؤتمر كما هو واضح في بيانه الختامي إلى ” تغيير النظام الاستبدادي الشمولي ببنيته التنظيمية والسياسية والفكرية وتفكيك الدولة الأمنية وبناء دولة علمانية ديمقراطية تعددية برلمانية وعلى أساس اللامركزية السياسية، بعيداً عن العنصرية، دولة المؤسسات والقانون تحققا لمساواة في الحقوق والواجبات لكل المواطنين وتحول دون عودة أي شكل من أشكال الاستبداد والشمولية “.

واعتبر الحراك الشعبي القائم في سوريا منذ 15 مارس/ آذار ثورة شعبية, ودعا إلى اعتماد اصطلاح ( الثورة ) في الأدبيات الحزبية الكردية, واعتبار الشعب الكردي, وتحديداً حراك شبابه الناشط جزءاً من هذه الثورة ضد النظام.

ويختلف عن المؤتمرات السورية الأخرى من ناحية أنه خاص بالقومية الكردية في سوريا, يجمع جانباً كبيراً من القوى السياسية والحقوقية والشبابية والثقافية الكردية في سوريا.

س5- المعارضة السورية طرحت حقّ المواطنة للشعب الكوردي في سوريا, كصيغة حل لقضية الشعب الكوردي, ماذا طرح المؤتمر للشعب الكوردي؟ ما هي المعايير التي حددها المؤتمر للانضمام إلى أطر المعارضة السورية؟

ج : نحن شعب يعيش على أرضه التاريخية, ولسنا قبائل بطريق فقدت أجنحتها هنا, طرح المؤتمر القضية الكردية كقضية أرض وشعب واعتبرها محكاً أساسياً لدمقرطة سوريا, داعياً إلى إقرار حقوقه دستورياً بما يضمن حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه وفاقاً للعهود والمواثيق الدولية.

فيما يتعلق بالأطر المعارضة السورية ستتحاور لجنة مخولة من قبل الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي ( المؤتمر أصبح مجلساً وطنياً كردياً ) بالتحاور مع الأطر المعارضة الموجودة, والانضمام إلى الإطار الأكثر استجابة للمطالب الكردية المقرة في المؤتمر الوطني الكردي.

س6- ماذا عن الأحزاب الكوردية المنضوية  للأطر المعارضة السورية سواء في الخارج أم الداخل؟

ج : في حال انضمام المجلس الوطني الكردي إلى إطارما, ستجري عملية تعليق عضوية الأحزاب الكردية المنضوية في إطار المجلس من الأطر المعارضة الأخرى.

س7- إنْ طالب النظام الحوار مع الكورد من أجل حلّ قضيتهم في ظل هذه الأوضاع, هل سيكون مستعدين للحوار؟ ما هي رؤية المؤتمر لسوريا المستقبل ومكوناتها؟

ج : لا حوار مع النظام, كل النقاشات والآراء في المؤتمر كانت تصب في هذا الإطار, أما إذا جنحت قوى المعارضة الرئيسة والأكثر تمثيلاً للثورة إلى الحوار استجابة لمطالب دولية في هذا السياق, حينها سيجنح الكورد للحوار أيضاً كجزء من الكل السوري المستمد شرعيته من الثورة, لن نذهب في المجلس الوطني الكردي منفردين إلى أي حوار مع النظام, وأظن شخصياً أن الوضع السوري تجاوز منذ أشهر موضوعة الحوار.

لن نقدم القضية الكوردية الخاصة على القضية السورية العامة, ولن نستخف بالدماء السورية ولا بتضحيات المعتقلين, وقضية المهجرين, ولن نتسلق التضحيات السورية الجسام خلال ثمانية أشهر أو يزيد من عمر الثورة.

س8- الكلمة الأخيرة؟

ج : أقول لروح الأخ والصديق الشهيد مشعل التمو: لن أخذلك.

وأمنياتي لك العزيز زارا بالموفقية.

———–

نبذة عن حياته:
مواليد كوباني ( عين العرب ) في شمال سوريا عام 1973

يكتب في المجالات: الشعر والقصة والمقال والأبحاث والترجمة.
– له كتاب شعر بعنوان : ” بحيرة الغبار ” صادر عن دار الزمان بدمشق عام 2006
 رئيس تحرير نشرة الإصلاح الكوردي.
– أسس مع آخرين اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا عام 2006
– عضو في منظمة الدفاع الدولية.
 – تعرض لتجربة السجن على خلفية نشاطه في مجال حقوق الإنسان وكتاباته.
– وقد أوقعت المحكمة العسكرية بمدينة حلب / سوريا عليه حكماً بالسجن لسنتين ونصف مع التجريد من الحقوق المدنية في 2010.
– الاعتقال الأول كان لأسابيع في عام 2000 والاعتقال الثاني كان في أواخر 2009 واخلي سبيلي في 11 يونيو / حزيران 2011.
– نال جائزة ” هيلمان هاميت ” العالمية لحرية التعبير عام 2010.
انتخب عضوا من قبل المستقلين  في  الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي في سوريا.
– يمارس مهنة المحاماة منذ 2004 وإلى تاريخه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…