أمام استحقاقات المرحلة الخطيرة التي يمر بها بلدنا ، وبهدف مراجعة المواقف والتوجهات السياسية التي عمل الحزب خلال السنين الماضية على أساسها ، خاصة وأن مؤتمر الحزب قد تأخر عقده أكثر من سنتين ونصف السنة ، ولكي يحتل الحزب موقعه الطبيعي إلى جانب قوى التغيير والثورة السورية السلمية ، وأملا في تصويب المسار السياسي وتفعيل آليات العمل التنظيمي بما ينسجم وشروط المرحلة السياسية وظروفها المتغيرة باستمرار ، عقد حزبنا مؤتمره الثاني الاعتيادي ، تحت الشعارات التالية :
2- الديمقراطية للبلاد والاعتراف الدستوري بحق تقرير المصير للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد .
3- نحو سوريا ديمقراطية تعددية برلمانية على أساس اللامركزية السياسية .
4- من أجل تحقيق أوسع تحالف ديمقراطي يضم ألوان الطيف الوطني لبناء سوريا الحديثة .
5- كل الوفاء لشهداء الثورة السورية وفي المقدمة منهم الشهيد مشعل التمو .
هذا وقد افتتح الرفيق مصطفى جمعة المؤتمر بكلمة عبر فيها عن شعور الرفاق بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الظرف العصيب من تاريخ سوريا الموسوم بأزمة داخلية مستفحلة ، وثورة شعبية عارمة بشعاراتها الجذرية ، بإنهاء حالة الاستبداد والشمولية وبناء دولة ديمقراطية تعددية برلمانية ، دولة الحق والقانون .
ثم تطرق إلى وضع الحزب والظروف التي مر بها في السنتين الأخيرتين بشكل خاص ، ومدى الحاجة الملحة إلى ترتيب صفوفه ، وإخراجه من حالته القلقة التي عانى منها طويلا ، على قاعدة ترصيص بنيانه التنظيمي ، وتفعيل آليات عمله ، ليأتي منسجما مع ظروف المرحلة ، والتفاعل مع متطلبات الثورة الشعبية عموما ، وحراكه الشبابي خصوصا والذي يشكل الدعامة المتينة لهذه الثورة .
ثم تم الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الثورة ، وشهداء الحركة الكردية ، ثم تفقد المؤتمرون الرفيق سامي ناصرو عضو اللجنة السياسية لحزبنا بمناقبه الرصينة ومزاياه الأخلاقية والنضالية ، والذي وافته المنية قبل عام .
هذا وقد جرى انتخاب هيئة لإدارة أعمال المؤتمر ، والتي بدأت عملها فورا ، بوضع جدول العمل والمباشرة به .
بعد قراءة التقرير السياسي المقدم من قبل اللجنة السياسية ، وتلاوة رسائل منظمات الحزب ، باشر الرفاق مناقشة الأوضاع السياسية ، حيث أكد المؤتمرون على أن ما يسمى بالربيع العربي ، هو نهضة ثورية أصيلة في وجه الظلم والقمع والاستبداد الذي مورس بحق شعوب المنطقة ، فكان بقاء هذه الأنظمة الشمولية وديمومة استمراره في نظرها أهم من طموحات الشعب في الحرية والكرامة ، عبر ادعاءات كاذبة حول القضية المركزية تارة وبحجة التحرير تارة أخرى ، ولم تزل هذه الأنظمة تمارس بنفس العقلية الديماغوجية سياسة التهرب من الاستحقاقات التي تقتحم ساحة هذه البلدان .
ورأى المؤتمرون أن النظام السياسي في بلدنا قد فرض حالة من الاستبداد الجائر والشمولية المقيتة ، تفاقم أثرها يوما بعد آخر طوال عقود من التسلط والهيمنة الكاملة على مقدرات البلاد ، ومارس القمع والاعتقال بحق السياسيين ، وأصحاب الرأي والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني ، والمطالبين بالديمقراطية والحرية ، حيث بات الوضع خطيرا إلى درجة الاحتقان ، فتفجر هذا الوضع في وجه هذا النظام عبر ثورة شعبية عارمة تريد الإطاحة بكل مرتكزاته السياسية والأمنية والايديولوجية ، والدخول في عصر الحداثة والنظام الديمقراطي التعددي ، والتداول السلمي للسلطة .
حيث لازالت العقلية التي يتعامل بها النظام مع الوضع المتفجر ، هو استعمال القوة المفرطة في القتل والقمع والاعتقال ، ويسعى بكل ما يملك من الإمكانات العسكرية والدبلوماسية لعدم تحقيق أهداف الثورة في تحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية ، وبالتالي فهو يسعى إلى إعادة إنتاج نفسه وتعويمه وتسويقه بطرق ملتوية عبر طرح أفكار إصلاحية واهية لم يشعر أحد بأهميتها ، دون أن يأتي على جوهر الأمور الذي هو التغيير الديمقراطي الشامل .
ولهذا فإننا أمام وضع خطير ، وسيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات ، والتي يدفع النظام باتجاه حرب أهلية طويلة المدى كإحدى هذه الاحتمالات .
أما على صعيد الوضع الكردي فقد أكد الرفاق على ضرورة بناء حالة كردية شاملة ومنظمة ، تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة ، وتتفاعل مع الأطر الوطنية السورية على قاعدة الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي وحقوقه القومية المشروعة ، على أساس حق تقرير المصير .
وعلى المعارضة الوطنية التي تجاهلت مرارا وتكرارا هذا الأمر بأطروحات المواطنة أو المساواة الوطنية ، أن تتفهم واقع الشعب الكردي الأصيل ، وأنه يعيش على أرضه التاريخية ، وأن قضيته قضية قومية ، ويجب العمل على إيجاد حل ديمقراطي عادل وسلمي وحضاري ، يزيل عنه آثار عقود الظلم والغبن والإجحاف والاضطهاد القومي بحقه ، وإرساء علاقات التفاهم والمشاركة في بناء مستقبل باهر لصالح كل مكونات الوطن السوري .
كما رأى الرفاق أن المؤتمر الوطني الكري الذي انعقد مؤخرا ، وعلى الرغم من اتخاذه وتبنيه لجملة من القرارات الصحيحة في حماية الحق الكردي ، وبناء الكتلة الكردية ، وتحويله إلى مجلس وطني ، وانبثاق لجنة تنفيذية ، إلا أن المأمول كان الارتقاء إلى صيغ أكثر تمثيلا للقوى الأخرى والمجموعات الشبابية التي لم تشارك ، حتى يكون شاملا ومعبرا حقيقيا عن طموحات شعبنا وحراكه الشبابي الذي يقف في وجه آلة القمع والقتل بصدورهم العارية وشعاراتهم الوطنية .
ورأى المؤتمرون أن التجربة الوحدوية التي عاشها حزبنا خلال الأعوام الستة المنصرمة قد انعقدت عليها آمال واسعة من جانب الجماهير الكردية ، التي رأت فيه تجربة رائدة تخدم وحدة الصف الكردي ، وتجذر من المفاهيم والرؤى حول مستقبل القضية ، والوقوف بزخم سياسي أقوى ومنتظم حيال الوضع الداخلي ، إلا أن هذه التجربة قد انتكست بعد فترة قصيرة في توجهاتها ومواقفها لأسباب عديدة ، تتعلق بعضها بالافتقار إلى الثقافة الوحدوية ، وأخرى بالعقلية الحزبية الضيقة التي مورست داخل الحزب ، والاستئثار الشامل بكل مقدرات العملية الوحدوية ، والتي أدت إلى المحاصصة العقيمة ، هذا من جهة ، وأخلاقيات وآليات العلاقة بين المسؤولين والمنظمات ، والتي كانت تدفع باتجاه الهيمنة بعقلية الغنيمة ، من جهة أخرى ، مما أوجدت تمترسا في المواقع وحذرا تجاه البعض ، والتي شكلت الضربة القاصمة لمفهوم العملية برمتها ، رغم محاولات إظهار الوضع صحيا وسليما .
وقد رأى الرفاق أن فشل هذه التجربة ومعوقاتها يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى سكرتير الحزب بشكل خاص ، والقيادة بشكل عام .
أما بالنسبة إلى البرنامج السياسي للحزب فقد تشكلت لجنة للدراسة والصياغة ليأتي متوافقا مع الحالة الراهنة وملبيا لشروط المرحلة حيث التغييرات الكبرى على الأبواب .
كما تم تكليف لجنة أخرى بإعادة صياغة النظام الداخلي ، خال من التعقيدات ومواكب لمستوى تطورات الوضع الداخلي .
كما كلف المؤتمر اللجنة السياسية الجديدة بالإعداد للمؤتمر الثالث لمدة لا تتجاوز السنة ، بحيث يشمل الرفاق الذين تركوا الحزب أو استبعدوا لأسباب مختلفة ، وكذلك الكتل والأطراف والمجموعات الحزبية ، والشخصيات الوطنية الراغبة في العمل على الساحة السياسية الكردية بهدف بناء شكل جديد من الحزبية المنفتحة على كافة شرائح مجتمعنا ، وإفساح المجال أمام ديناميكية راقية يقودها الحزب في هذه المرحلة من أجل التواصل مع الآخرين والتفاعل مع المستجدات بروح المسؤولية الملقاة على كاهل الجميع وعلى كافة المستويات .
وفي نهاية أعمال المؤتمر تم انتخاب الرفيق مصطفى جمعة سكرتيرا للحزب ، والرفيق بشار أمين نائبا له في حال غيابه .
كما تم انتخاب لجنة سياسية لقيادة الحزب ومواكبة العمل السياسي في هذا الظرف الدقيق .
في 30/10/2011
المؤتمر الثاني