ابن الجزيرة
تحية وبعد
فوجئت بأسلوب معالجتك لقضية اللغة الكردية..والذي كان أكثر من جريء..
فضلا عن كونه يتضمن كثيراً من المغالطات..
والتي دفعتك إليها أسباب نفسية- كما يبدو- لاهي موضوعية و لا هي منطقية..!
لماذا..؟!.
لست ادري بالطبع.
ولعلي أخمن فقط – وأرجو أن يكون تخميني خاطئا-أخمن بأنك – ومن يفكر مثلك- لا تتمتعون بحس الكردايتي (الشعور بالانتماء إلى القومية للكورد والذي يفترض أن يتطور إلى الشعور بالانتماء إلى الوطنية حيث تذوب الفوارق الاثنية والدينية وغيرهما بين المواطنين، ويصبح الحكَم في العلاقات هو الدستور المتفق عليه والقوانين التي تتفرع عنها)..!
بل انت – ومن يفكر مثلك- يهمهم فقط ما يتصورونه من مكاسب بأسلوب أناني ( لا أسلوب عام”مشترك”).
في أسلوب كتابتك – على الرغم من ضعف التعبير اللغوي فيه- روح أنانية ومتعالية،ابنة لحظتها، ليس فيها نظرة مستقبلية (استراتيجية).
وفي أسلوب كتابتك مغالطات لا تليق بمهتم بأبناء أمته..
من هذه المغالطات (أو الأغلاط):
1- التمييز بين اللهجتين السورانية والبهدينانية- وكلاهما لهجتان كرما نجيتان-
2- احتجاجك بصعوبة الكتابة بالأحرف اللاتينية، وصعوبة تعلم اللهجة الكرمانجية(البهتانية أو البهدينانية)، وكأن المطالبين بلغة كردية موحدة..
يفرضون ذلك..إنهم فقط يدعون إلى حوار حول أفضل الصيغ التي يفترض اعتمادها..
لتساعد على تقارب الفهم، والتواصل بين الكورد.
(وهذا ما تفعله كل أمم العالم تاريخيا وحاضرا وسيفعلون ذلك مستقبلا أيضا ).هذا هو قانون حياة الأمم فيما يتعلق بقضية اللغة وغيرها أيضا؛ من الأمور التي تساهم في تقارب صيغ الرؤى في جوانب الحياة – و دون تضحية بالخصوصيات- فالخصوصيات الفردية والاجتماعية متروكة لأصحابها، وهي التي تقرر الإبقاء عليها إذا شاءت أو تبدل فيها بما تراها متوافقة مع مقتضيات التطور(هذا هو منطق التطور الديمقراطي).
3-إن كرد بهدينان وهورامان قادرون على التحدث باللهجة السورانية.(وهل هذه حجة لمنع حقوقهم في البحث عن صيغة أفضل للتعامل مع اللغة..؟).
ألا يعني قولك هذا ..
انك – إذاً- تبرر للعرب أو الترك أو فارس..
بعدم السماح للكرد أن يتكلموا بلغتهم، ما داموا قادرين على التحدث والكتابة والقراءة بهذه اللغات..؟!
4- هل كون السيدين مسعود البار زاني (رئيس الإقليم) ونيجرفان البار زاني(رئيس الحكومة) يتحدثان بطلاقة باللهجة السورانية؛ يعني أن عليهم إرضاء نزوعك المتعالي..
والأناني..
للتخلي عن لهجة آبائهم وأجدادهم والتي امتد الحديث بها طوال قرون – ربما -؟
5- قولك: الأمر داخلي يخص كردستان العراق((..هم فقط من يحق لهم الكلام وإبداء الرأي في الموضوع..)).
هل هو من الديمقراطية التي تتغنى بها..؟
فيا لديمقراطيتك التي لا تسمح حتى إبداء الرأي في قضية تهم الكرد جميعا..!
هل هذا قصور في الوعي أم سوء في القصد..؟ِ!.
والأسوأ في أسلوبك القول الصلف: ((..ولا يهم كورد العراق في الحقيقة إن تعلموا الكرمانجية بالحرف اللاتيني إرضاء لأكراد تركيا وسوريا كما يدعو البعض لذلك هذه الأيام..)):
*- أولا لم يدع أحد إلى فرض تعلم اللهجة الكرمانجية، وإذا حصل ذلك مع البعض فهو بالتأكيد إما رد فعل على أمثالك أو قصور في الفهم لديهم – كما هو لديك- الغاية من الدعوة، هي السعي إلى تدارس صيغة مفيدة للجميع..
باعتبار الكورد قادمون على ظروف – ربما- تسمح لهم بممارسة ثقافتهم بحرية..
فلم لا يسعون إلى صيغ منتجة في هذا المقام..؟ ودون تضحية باللهجة السورانية..
أو اللهجة والبهدينانية (الكرمانجيتين).
بل ومراعاة اللهجات الأخرى بطريقة لا تعيق تكوين لغة موحدة..
ولا تميت لهجات مختلفة محلية(فهذه اللهجات..
تراث للأمة الكردية ..وينبغي الحفاظ عليها ورعايتها، لا إهمالها أو محاربتها- مهما صغرت..
أو مهما قلت قدرتها التعبيرية..).
فإنها تبقى ممثلة لجماعة ما..
أو مرحلة تاريخية في مسار حياة الأمة الكردية.
ولا نفضل لهجة على أخرى،بل نقر بأن اللهجة السورانية قد تتوفر فيها بعض معطيات أكثر تطورا من اللهجة البهدينانية”البوتانية” بسبب ظروف ساعدت على ذلك..
وهو مما يسعدنا، ولا يسوؤنا..! أما قصور ذهنك ..وربما بعض خلل في أسلوب تعبيرك: ((ولا يهم كورد العراق إن تعلموا الكرمانجية أيضا بالحرف اللاتيني إرضاء لكورد تركيا وسوريا..)) فهو مما يدعو للأسف أن ينزلق إلى مثل هذا المستوى الأخلاقي بعض ممن يعتبرون أنفسهم كتابا ومثقفين..!
لا أحد يدعو إلى إرضاء أحد – يا سيد- بل هي دعوة للتراضي على ما ينفع الجميع، لا على ما يغلِّب أنانية على أخرى.
فليس هذه هي الروح التي كتب بها كل من دعا إلى هذه المسألة.* وكما تزعم أنت ((ولست أريد أن أكون متعصباً إلى اللهجة التي أتكلم بها, ولكن هذا هو الواقع)) فإن الداعين أيضا لا ينطلقون من منطلق التعصب، بل يقررون واقعا عندما يتحدثون عن أن نسبة الكورد الناطقين باللهجة والبهدينانية(البوتانية) أكثر عددا على مستوى كردستان(تركيا وسوريا وإيران والعراق….
وليس في هذا دعوة سياسية إلى تحرير وتوحيد كردستان – كما كان شعارا للكورد في الماضي- فكل الكرد يعلمون أنهم لا يستطيعون في ظل الظروف الدولية أن يصلوا إلى هذا المطلب الحق(حق تقرير المصير).لأن مصالح الدول الكبرى ودول الجوار لا تتوافق مع هذه الدعوة.
وليس الكورد راغبين في حروب في المنطقة فيل بروز بعض عوامل الاعتراف بهم بنوع من الحكم الفيدرالي أو ما يتوافق مع مطالبهم المرحلية ..! الدعوة – يا سيد – هي ثقافية بحتة..
تسعى إلى هدف نبيل هو: إيجاد طريقة تساعد على تواصل الكورد وتفاهمهم عبر لغة مشتركة يعتمدونها بناء على حوار المثقفين في هذه الأمة ..واختيارهم لصيغة موافقة لمقتضيات التطور والأداء الأفضل..! حصل هذا في أمريكا التي لم يكن لها لغة واحدة،فاعتمدت اللغة الإنكليزية مع بعض لكنة خاصة تميزها..
وفي الهند لغة وطنية- كانت الإنكليزية أولا ، ثم بدأوا يتجهون إلى اعتماد لغة وطنية عامة بدلا منها..
فيما تركت اللهجات لأصحابها يتخذون بشأنها القرار الذي يريحهم..
وهكذا..(وهذه الخاصة الثقافية هي التي أعطت الحق للجميع ليدلوا بدلوهم في هذه المسألة..وجردتك من حقك في الانحصار ضمن كوردستان العراق..! ولا يعني هذا..
بحال من الأحوال..
تدخلا في شؤونك الإدارية أو السياسية..وحتى إن حصل شيء من ذلك فبدافع المودة والحرص على تقديم الملاحظات والاقتراحات التي قد تنفع هذه التجربة الفتية- تجربة كردستان العراق- والتي يرشح لها أن تكون مثالا يحتذى في الأجزاء الأخرى من كوردستان عاجلا أم آجلا.
أما حديثك عن نضال الكرد في العراق..
والتضحيات التي قدموها..
فإننا- ككورد في كل أجزاء كوردستان- نؤيد ونبارك هذا النضال منذ اليوم الأول من وجوده، بل وساهم الكورد في مختلف مناطق تواجدهم (كوردستان تركيا، كردستان سوريا، كردستان سوريا،لبنان أفغانستان، روسيا..الخ) في هذا النضال بمشاعرهم وبأموالهم وبأرواحهم- ولم يقولوا يوما ما تقوله أنت -..ومع ذلك..
فإننا نبارك هذا النضال..
ونرجو أفضل النتائج له..
ولا تنس أن الكورد في كل أجزاء كردستان ناضلوا،وقدموا الشهداء – وما 12 آذار2004 ، في سوريا ببعيد..
فما بالك في إيران(الشهداء د.
قاسملو..
ود.
شرف كندي ورفاقهم ..وبيشمركتهم..الخ، والآلاف في كوردستان تركيا- بغض النظر عن موقفنا السياسي من بعض أفكارهم..
خاصةp.k.k .
ولا يزال الكورد يناضلون..
وسيظلون يناضلون..
ودون انتظار كلامك المؤذي لمشاعرهم..
ومشاعر كل الكورد الواعين والمخلصين– كما أقدر- ولا أعتقد أن من مثلك سيقدر على مساعدتهم- ما دمت بهذا التكوين النفسي والذهني الذي يغلب فيهما الأنانية والمصلحية وقصور الرؤية..- ولكن (ومن حسن الحظ) أن الذين يفكرون مثلك قلة من بين الكورد..
سواء في كوردستان العراق أو تركيا..أو سوريا ..الخ.
عباراتك المؤسفة والموخزة والمتعالية والمتعجرفة..– جهلا أو سوء خلق- مثل: (( وإذا أراد الغير أن يتعلموا لهجتنا فخير على خير،و إلا فلماذا نرضخ للغير في أن نتعلم لهجتهم.؟)).
أقول لك: إذا كنت تتعلم العربية وتتعلم اللغات الأجنبية المختلفة،فلماذا هذا التعالي على لهجة كوردية- لا لغة غريبة- وهي قريبة إلى لهجتك من حيث المفردات المستخدمة في الغالب، ما عدا بعض الصيغ الصوتية المختلفة.
وفي الحصيلة هي لغة بني جلدتك- إذا كنت كرديا فعلا-..!
أما نحن ، أصحاب الدعوة إلى الحوار في هذه المسألة..فإننا نتشرف في تعلم اللهجة السورانية، واللهجة والهورامانية، والفيلية وغيرها..ونسعى إلى التواصل مع أبناء أمتنا – مهما كانت لهجته أو صعوبة هذه اللهجة..!
وأما بشأن الأحرف اللاتينية فليست خاصة باللهجة البهدينانية- كما تتصور جهلا- وإنما كرست لتكون خاصة باللغة الكوردية بكل لهجاتها..
لأنها الأكثر قدرة على التعبير عن خصوصية الأصوات والأحرف في اللغة الكوردية، وليس بقصد معاداة العرب- كما يزعم بعض مثقفيهم، ولا بقصد البعد عن الدين الإسلامي..الخ- وليس كورد سوريا جميعا؛ ضليعين في استخدام هذه الأحرف – كما يظن- بل لا يزالون يسعون أن يفعلوا ذلك فيتعلموا القراءة والكتابة بالأحرف اللاتينية،وأنا أحاول ذلك منذ أكثر من سنتين..
كما أحاول أيضا أن أتعلم ذلك بالأحرف العربية، وفق الصيغة المعتمدة في كوردستان العراق،علما بانني أقرأ وأكتب بالأحرف العربية وفق الصيغة المعتمدة في سوريا- كما كتب بها ديوان الملا الجز يري ومم وزين وأشعار فقي تيران ..
كلمة أخيرة:
نتمنى على كل الإخوة الكورد أن يفكروا بنوع من المعقولية أولا..
ومن ثم بنوع من الواقعية ثانيا..
لفهم مقتضيات تكوين تدريجي لثقافة شعب(أمة) عاداها الجميع سابقا، وقصر في حقها أبناؤها فيما سبق..
وصولا إلى ما يجمع، لا إلى ما يفرق كما فعل السيد رزكار في مقاله هذا الاستفزازي..
أكثر من كونه مقالا حواريا..
عبد الباسط سيدا بعنوان وإذا الكرمانجية سئلت ،نشر في موقع عامودة الإلكتروني، يمكنك العودة غليه في أرشيف عامودة، والمقال الثاني الذي أعرفه هو مقال كتبته انا تحت عنوان( اللهجات الكردية) نشر في موقع ولاتي مه الإلكتروني .عد إليه، وهناك مقالات أخرى باللغة الكردية –الأحرف اللاتينية- يمكنك العودة إليها فإن وجدت فيها ما يدعو إلى استبدال السورانية الكرمانجية فانا عون لك في نقدها..!